عادل الباز

أيلا.. في مرمى النيران

عادل الباز


1
الخطوة التي اتخذها المجلس تشريعي لولاية الجزيرة بإسقاط الميزانية المقدمة من حكومة الولاية كشفت عن تعقيدات كثيرة تتعلق بالعلاقات الأفقية والرأسية بين أجهزة الحكم الاتحادي، وأوضحت مدى تفكك الأسس التنظيمية للحزب الحاكم، فكل يعزف على هواه بعيدا عن الحزب وقريبا من مصالحه.
2
إسقاط خطاب الميزانية وهو أهم خطاب على الإطلاق في العام، يعني ببساطة في أي حكم ديمقراطي سقوط الوالي مباشرة. ولكن ذلك لن يحدث والسبب أن التعديلات الدستورية الأخيرة منحت السيد الرئيس حق تعيين وإقالة الوالي وليس لأية جهة أخرى ذلك. وبذا سينشأ وضع غريب، فسقوط الميزانية يعني أن الولاية ستظل عالقة من دون مال وعاجزة بالتالي عن الصرف على المشروعات القائمة أو القادمة، وأي صرف من دون تصديق المجلس التشريعي سيعتبر صرفا غير قانوني ولن يجرؤ موظف خدمة عامة عليه، إذ سيعرضه للعقوبات بحجة تجاوز القوانين واللوائح.
3
في ظل تأكيد السيد الرئيس في آخر خطاب له بالولاية بأن السيد أيلا باق بالولاية، أصبحت خيارات المجلس محدودة، فإما التراجع عن الخطوة أو تعديل الميزانية كحل وسط. في أجواء مناخ الصراع الحالي (ولوي اليد) فالمتوقع هو تفجر الأوضاع بمعنى أن يصر المجلس التشريعي على موقفه الرافض للموازنة ويتمسك السيد أيلا بموقفه المسنود رئاسيا. تراجع أيلا سيضعفه وسيضعف موقف الرئاسة وسيسجل المجلس التشريعي للجزيرة سابقة يمكن في حال نجاحها أن تتكرر في أكثر من ولاية. تراجع النواب عن قرارهم سيكون بمثابة فضيحة فلن يثق يهم أحد من بعد، السبيل الوحيد لحظتئذ هو حل المجلس التشريعي بقرار رئاسي أو تعليق أعماله.
4
كشفت الأزمة تعقيدات العلاقة بين المركز والولايات من ناحية رسمية وحزبية. فرغم علم المجلس بإعلان السيد رئيس الجمهورية القاضي بقاء أيلا إلا أنه رفض الاستماع لرأي الرئيس وقرر قراره.. يا ترى هل هو فقدان الإحساس باتجاه الريح، أم هو (شايف الدنيا ديمقراطية كده خالص؟).
سيدفع المجلس والأعضاء المتمردون ثمن عدم سماع الكلام الواضح، مما سيفتح الباب لتدخلات رئاسية لن تطال حاكم الولاية وحسب، بل قد تصل لعضوية المجالس التشريعية أيضا التي قد تصبح بالتعيين أيضا.
5
أظهرت الأزمة أن العلاقة بين مركز الحزب الحاكم في الخرطوم وفروعه بالولايات أوهى من بيت العنكبوت. عجز الحزب الحاكم عن إلزام أغلب أعضائه في المجلس بالانصياع لرأيه فتمردوا عليه واتهموه بموالاة الوالي وتجاهل رأي شعب الجزيرة، وبأنه لم يسمح لهم بالتنفس الحر في ولايتهم وإدارة شؤونهم بالطريقة التي يرونها. خسر الحزب الحاكم مرتين إذ سيعرض نفسه لانشقاق عميق في الولاية حال إصراره على الوقوف بجانب الوالي وسيخصم من صورته الكثير إذا سمح لمتمردي الحزب في الولاية بانتصار خطهم المناهض لموقف الحزب الحاكم.
6
الشيء الذي حيرني في موقف السادة أعضاء المجلس التشريعي لولاية الجزيرة أن قرارهم بإسقاط خطاب الوالي لم يكن نتيجة فساد أو عجز الوالي عن القيام بمهامه، إنما لأنه قام بإنجاز تلك المهام بأكثر من الميزانيات المرصودة له.. فبدلا من التصفيق للوالي صفعوه وأسقطوا خطابه.!!. لا أعرف ما الجريمة التي ارتكبها الوالي إذا استطاع الحصول على موارد إضافية وأنفقها في مشروعات تنمية إن شاء الله (إنترلوك)… المشكلة وين؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى