تقارير وتحقيقات

بعد دخولها الشهر الرابع .. الوضع الميداني لطرفي الحرب يرسم ملامح المرحلة القادمة

تقرير: إبراهيم مطر

بيانان لم تفصل بينهما سوى ساعات، لكنهما معاً يصلُحان كمقياس – معقول – للحالة العسكرية والسياسية لطرفي الحرب في السودان، وما يمكن أن تمضي إليه الأمور في المدى القريب، والمنظور. الأول بيان للجيش نهار الخميس (27) يوليو، جاء بعد انسحاب وفده التفاوضي من مفاوضات جدة. وجاء في البيان أن الخلاف حول بعض (النقاط الجوهرية)، ومن بينها إخلاء قوات الدعم السريع لمنازل المواطنين بكافة مناطق العاصمة، وإخلاء مرافق الخدمات والمستشفيات والطرق، أدى إلى عدم التوصل لاتفاق (وقف العدائيات). ونتيجة لذلك عاد الوفد للسودان – بحسب البيان – في السادس والعشرين من يوليو الجاري. وأما الثاني فهو بيان مُفصل للدعم السريع، عن ما جرى في مفاوضات جدة، وضع النقاط على الحروف، وأجاب على عدد من التساؤلات المُلحة حول ما كان يحدث في (جدة).

عودة للتشاور:

الناطق الرسمي باسم الجيش العميد نبيل عبد الله

وجاء في بيان الجيش، أنه وعقب عطلة عيد الأضحى المبارك، انخرط وفده في إجراء مباحثات – غير مباشرة – برعاية الجانب السعودي، وتم التوصل إلى تفاهمات مبدئية، حول اتفاقية إعلان المبادئ العامة للتفاوض، وآلية المراقبة والتحقق، وتتمثل في انشاء (المركز المشترك لوقف اطلاق النار)، الذي ستقوده المملكة العربية السعودية. كما تباحث الوفد – بحسب البيان – حول مُسودة لوقف العدائيات، تم التوافق على كثير من النقاط فيها، قبل عودة الوفد للسودان (للتشاور). وأعلن الجيش عن استعداده لمُواصلة المُباحثات متى ماتم استئنافها، بعد تذليل المعوقات. مؤكداً رغبته في التوصل إلى إتفاق فاعل وعادل يُوقف العدائيات، ويُمهد لمُناقشة قضايا ما بعد الحرب.

ممرات آمنة:

وبعد ساعات من بيان الجيش أصدرت قوات الدعم السريع بياناً كشف الكثير عن حقيقة الوضع، منها أن الوفد التفاوضي للجيش نفسه لم يكن بمقدوره أن يغادر البلاد للمشاركة في مفاوضات جدة، لولا ممر آمن فتح له بضمانات شخصية من قيادة قوات الدعم السريع، وتحت حمايتها. ونفى البيان أن تكون المباحثات مع وفد الجيش في جدة قد أجريت بصورة غير مباشرة، مؤكداً أنهم انخرطوا في مباحثات (مباشرة) معه بحضور الوساطة السعودية.

حميدتي قائد قوات الدعم السريع

كما كان وفد الفلول منقسماً ومتنافراً – بحسب البيان – يُمثل كل عضواً فيه جهة بعينها، وينطلق كل فرد فيه من موقف مُختلف عن الأخر. وكان ذلك واضحاً في عدم الالتزام بشروط وقف إطلاق النار الذي تم التوقيع عليه، وفشل تحقيق الاهداف المرجوة منه بسبب تعدد مراكز اتخاذ القرار داخل الجيش. وأيضاً نتيجة لتحكم قيادات المؤتمر الوطني في الأمر وهُم (من يديرون التفاوض من الخلف)، بحسب البيان. ونقطة أخرى هامة تناولها بيان الدعم السريع، وهي أن وفد الجيش لم يسع لتسهيل انسياب المساعدات الإنسانية كما يدعي، بل ذهب في اتجاه تقنين نهبها، واستخدامها سياسياً لمُعاقبة المتضررين في عدد من الولايات، منها (دارفور وكردفان والنيل الابيض والنيل الأزرق والخرطوم). ومع وضع حقيقة أن المُتبقي من المساعدات الإنسانية يُباع حالياً في الأسواق في الاعتبار، بعد تحويل معظمها لاعاشة وعلاج القوات النظامية دون المدنيين، تجد في ما ذهب إليه بيان الدعم السريع وجاهة، ويبدو الأكثر قابلية للتصديق.

أسباب انسحاب وفد الجيش:

وكشفت قوات الدعم السريع عن أن وفد الجيش التفاوضي طالبهم بفك الحصار عن قياداتهم المتواجدين في (بدروم) القيادة العامة والمدرعات وسلاح الإشارة، وفتح ممر آمن لهم للمغادرة، وهو ما رفضه الدعم السريع، واشترط أن يتم توقيع اتفاق الحل النهائي والشامل، قبل السماح لهم بالخروج. وعن الادعاءات المُتكررة للجيش بتواجد قواتها في المستشفيات والمرافق العامة، قالت قوات الدعم السريع في بيانها أنها محاولة لفك الحصار عن المقرات العسكرية التي تتواجد داخل المناطق المأهولة بالسُكان، خاصة القيادة العامة للجيش، ومحاولة لإيجاد مصوغ لقتل المدنيين بالطائرات والأسلحة الثقيلة التي أدت إلى تدمير الالاف المنازل، بتوجيهات موثقة من قيادة الجيش التي وصفها البيان بـ(الفاشلة).

إذ أنه و بشهادة المسهلين وتحت اشرافهم، تم تشكيل لجنة من الطرفين (5+5) بمشاركة أطراف محايدة لزيارة المُستشفيات والمرافق العامة، للتأكد من خلوها من أي مظاهر عسكرية. وقد سجلت اللجنة زيارات لمُستشفيات ومحطات مياه وكهرباء في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، وكتبت تقريراً مشتركاً بتوقيع أعضاء اللجنة مجتمعين تم تسليمه للمسهلين، أكدت فيه خلو جميع المرافق التي زارتها من أي مظهر عسكري لقوات الدعم السريع، قبل أن يسحب وفد الجيش أعضاءه في اللجنة لأن التقرير (لم يرُق لهم).

فشل التوقيع على إعلان المبادئ:

وأرجعت قوات الدعم السريع عدم التوقيع على اتفاق وقف العدائيات وإعلان المبادئ العامة لمفاوضات الحل الشامل، لتعنت وفد الجيش، وإصراره – غير المُبرر – على فك الحصار عن قياداته في القيادة العامة وإدخال الإمدادات الغذائية والوقود والدواء لهم أولاً، و(ليس ادعاءاتهم الجوفاء بالحرص على رفع المُعاناة عن المواطنين). وجاء في البيان:( لن تُجدي نفعاً أي محاولات من قبل فلول النظام البائد للتغطية على هزائمهم وتآمرهم على شعبنا العظيم، الذي يعي تماماً بمخططاتهم الساعية لإعادة سنوات الظُلم والاستبداد. ولن يستطيعوا تحقيق ما فشلوا فيه في ميادين القتال، عن طريق “الفهلوة” و”التذاكي”) .وفي ختام بيانها أكدت قوات الدعم السريع أن وفدها التفاوضي لا زال متواجداً في مدينة جدة (احتراماً وتقديراً لرغبة الشعب السوداني، ولرفضه المُطلق لدعوات توسيع دائرة الحرب، وإفشاله لدعوات التجييش والتعبئة العامة التي يتزعمها فلول المؤتمر الوطني الهاربين من السجون، تحت حماية ورعاية ضباط الاستخبارات العسكرية، وجهاز الأمن الكيزاني).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى