تقارير وتحقيقات

توترات بين اللاجئين السودانيين والمواطنين التشاديين ومؤسسات حقوقية تحذر

تقرير- أبو أمنية

ازدادت وتيرة القلق لدى الشارع التشادي والمؤسسات المدنية التي تدافع عن حقوق الإنسان من خطورة ظهور التعصب القبلي وخطاب الكراهية بين بعض اللاجئين السودانيين تجاه المكونات السكانية التشادية، وسط مخاوف من نقل الصراع السوداني إلى داخل الأراضي التشادية.

وتستضيف جمهورية تشاد اللاجئين السودانيين الذين فروا من الحرب التي اندلعت في أبريل العام الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع، ويقيمون في ستة معسكرات شرقي تشاد.

ونشر لاجئون سودانيون، الأسبوع الماضي، مقطع فيديو، يظهرون فيه وهم يعتدون على ظعينة للرحل التشاديين في ترحالهم داخل الأراضي التشادية وإساءتهم بألفاظ نابية ورميهم بالحجارة.

يأتي هذا الاعتداء، عقب العثور على جثة أحد المواطنين التشاديين ملقية بالقرب من «معسكر مجيء» الذي يبعد 60 كلم من مدينة أدري، واتهمت السلطات الحكومية عدد من اللاجئين السودانيين بتورطهم في حادث القتل، وألقت القبض على قياداتهم وطالبتهم بتسليم المتهمين في حادث مقتل المواطن التشادي.

في الأثناء، دعا ناشطون داخل مخيمات اللجوء، إلى وقفة احتجاجية تنديدًا بالقبض على قياداتهم، تحولت إلى مظاهرة وجهوا فيها إساءات بالغة للقبيلة التي ينحدر منها المواطن التشادي المقتول.

لفتت الحادثتان الانتباه لخطورة تنامي نشاط بعض الخلايا وسط اللاجئين السودانيين التي تسعى لنشر خطاب الكراهية وإذكاء نار الفتنة، لنقل الصراع السوداني ببعده المجتمعي إلى داخل تشاد، لا سيما وأن البلدين تربطهما علاقات متجذرة وقبائل لها امتدادات وصلات دم وتواصل مجتمعي كبير.

أيادي خارجية تسعى لزعزعة استقرار تشاد

ومن جانبه، قال الصحفي التشادي، محمد أحمد يونس، في مقال نُشر في وسائل إعلام تشادية، إن تشاد هي أكثر دول إفريقيا استضافةً للاجئين السودانيين “مليون ومائة ألف لاجئ”، وذلك على الرغم من التحديات الداخلية والحالة الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد.

وأوضح أن الشعب التشادي لا يعتبر السودانيين لاجئين بل إخوة وضيوف، بينما اللاجئين السودانيين في دول أخرى يتلقون معاملة سيئة وعنصرية واضحة إلى أن وصل الأمر بهم في إحدى الدول إلى الترحيل عنوة إلى بلادهم.

بادية تشادية قرب أحد معسكرات اللاجئين بتشاد

وأشار “يونس” إلى أن حرب 15 أبريل هي شأن سوداني، وقعت بين مؤسستين رسميتين في الدولة، وهما الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بحيث لا يختلف في ذلك إثنين، مبينًا أن جمهورية تشاد حكومة وشعبًا ليست طرفًا في الصراع، بل من أولى مصالحها أمن واستقرار السودان.

 وكشف عن بروز مجموعة معينة -لم يسمها- في الداخل والمهجر، تسعى لتنفيذ أجندة خارجية بتوجيهات من استخبارات حكومة بورتسودان، وتهدف لزعزعة أمن واستقرار تشاد عبر إضرام نار الفتنة من خلال خطابات العنصرية والكراهية وشن حملات في مواقع التواصل الاجتماعي ضد مكونات المجتمع التشادي، إلى أن وصل الأمر إلى اعتداء اللاجئين السودانيين على المواطنين التشاديين من البدو والرحل في شرق البلاد أثناء مرورهم بالقرب من معسكرات اللاجئين حيث الطريق (المرحال) المرسوم لمرور مواشي الرحل خصيصًا.

ودعا “يونس” المجتمع التشادي إلى التماسك وعدم الالتفات للتحريض الذي يهدف إلى إشعال نار الفتنة وقرع طبول الحرب الداخلية. وطالب الحكومة بمختلف أجهزتها، بأن تضع حدًا للاجئين السودانيين واتخاذ قرارات صارمة تهدف إلى جلب الأمن والاستقرار.

وطالب بإنشاء غرفة مزودة بالأجهزة الحديثة لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، للحد من انتشار عدوى العنصرية والجهوية والكراهية والطائفية، التي “غالبًا ما ينتهي بنا مطافها إلى الحرب الأهلية التي تذوقنا مرارة نتائجها سابقًا”.

“رحل تشاد ضربوا مثالًا لضبط النفس”

ومن جانبه، يرى الكاتب المتخصص في قضايا الرحل الدكتور محمد صالح الرحال، أن مقطع الفيديو يعود لمرور ظعائن الرحل قُرب معسكر للاجئين السودانيين الذي وُضع بجانب مسارات ومراحيل سنوية شرقي تشاد.

وأشار إلى أن مسارات الرحل بـ«دار وداي» لها مئات السنين، وقد ذكرها الرحالة الألماني ناختقال في كتابه “رحلتي الى وداي ودارفور”، وليست حديثة عهد الحرب الحالية. 

 وذكر “الرحال” أن الاعتداء على الظعينة على أنها قوافل تتبع للرحل السودانيين كان يمكن أن يقابله إيقاف الرحل لقوافلهم والتعامل برد الفعل، لكنهم لم يفعلوا، وقد ضربوا مثالًا للصبر وضبط النفس.

وأوضح أن معسكرات اللاجئين السودانيين في شرق تشاد ستكون مهددً للأمن القومي للبلد المضيف، فالأمر سيتطور برأي “الرحال” إلى أن يصبح ليس هناك خيارًا أمام حكومة تشاد سوى ترحيل اللاجئين إلى السودان “التي هربوا منها بسبب اعتداء مثل هؤلاء وصمت كبارهم بل مساعدتهم على التمادي في الخطأ” وفقًا لوصفه.

جمعيات مدنية تشادية تدين الاعتداء على الرحل

بجانب ذلك، أصدرت أربع من الجمعيات المدنية في تشاد، تضم “الجمعية التشادية للسلام ومكافحة الإرهاب”، و”جمعية البدو والرحل”، و”كونفدرالية البدو والرحل”، والاتحاد من أجل التضامن والتنمية”، بيانًا، أدانت فيه الاعتداءات التي قام بها بعض اللاجئين السودانيين على الرحل أثناء مرورهم بالقرب من المعسكرات المنشأة شرق تشاد، خاصة معسكر «علاشة».

وأشار البيان إلى أن الاعتداءات أسفرت عن إصابة امرأة بجروح، بجانب السب والشتم واستخدام الألفاظ العنصرية من قبل بعض اللاجئين. 

وقال إن هذه التصرفات جاءت في وقت تشهد فيه البلاد تحركًا واسعًا نحو تحقيق السلام واستضافة اللاجئين الهاربين من ويلات الحرب في السودان.

واعتبر البيان أن هذه الأعمال العدائية تمثل انتهاكًا صارخًا للقيم الإنسانية وتهديدًا خطيرًا للسلم الاجتماعي الذي تسعى الجمعيات المدنية في تشاد للحفاظ عليه.

وأدان الاعتداء على الرحل من قبل بعض اللاجئين السودانيين، محملًا الحكومة مسؤولية حماية أصحاب المواشي وجميع المواطنين الذي يقطنون بالقرب من تلك المعسكرات وضمان سلامتهم أثناء تنقلاتهم.

وطالب البيان الحكومة والمنظمات المسؤولة عن إدارة معسكرات اللاجئين، باتخاذ إجراءات عاجلة لإبعاد هذه المعسكرات عن المراحيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى