رأي

رأي: حكومة شمال كردفان والتشفي في المواطن.. هل أصبح بنك الخرطوم منفذًا للتعليمات السياسية؟

معتز البدري

سارع بنك الخرطوم إلى حظر وإيقاف حساب أحد المواطنين الذي كان يُستخدم في تحويل التبرعات والاشتراكات الشهرية لقروب يجمع أبناء مدينة أم روابة لحلحلة قضايا المدينة العاجلة، وفعل البنك ذلك دون حكم محكمة، وهي الحالة التي تصدر فيها محكمة الاختصاص حكمًا يقضي بحظر وإيقاف الحساب المعني لأسباب اقنعت المحكمة بذلك.

الحكاية تبدو في إطار سياسي بحت، حيث استغلت السلطات بشمال كردفان جهات أمنية لتأمر البنك بحظر الحساب المعتمد من قبل مجموعة “حال البلد”، والتي تعمل منذ اندلاع الحرب على تسهيل وتقديم خدمات للمرضى وتشغيل المستشفى وصيانة آبار المياه والكهرباء ومركز غسيل الكلى، حيث تعتمد على اشتراكات شهرية يدفعها أبناء المدينة بالداخل والخارج بواقع خمسة آلاف جنيه كل شهر، تواجه بها المجموعة القضايا العاجلة والطارئة، وتقدم نهاية كل شهر تقريرًا ماليًا عن حجم إيرادات الاشتراكات ومواضع صرفها، ثم يبدأ الشهر الجديد وهكذا.

في الفترة الأخيرة شب حريق بمحطة كهرباء أم روابة التحويلية، وترتب عليه خروج ولايات كردفان الكبرى من خدمة الكهرباء وكان الضرر بليغًا. كالعادة قام قروب “حال البلد” بدوره الثابت، وعمل على جمع تبرعات فردية إضافة للاشتراك الشهري، ليساعد في عملية إصلاح المحطة. وكان دوره توفير الإعاشة والترحيل للفريق المنتدب من خارج المدينة والمتطوعين، وخلال هذه الفترة، قدمت معه مجموعات طوعية أخرى من المدينة خدمات أيضًا لإعانة العمال والمهندسين على إكمال المهمة.

بعد نهاية الصيانة ودخول الشهر الجديد أصدرت المجموعة تقريرها الشهري المعتاد لتفصل أماكن صرف الإيرادات. وتم نشر التفاصيل المالية في القروب وتضمنت المساهمة المعتبرة في صيانة المحطة التحويلية، لتتفاجأ المجموعة بحظر حساب المواطن “حاتم سعيد” الذي يستخدم في جمع الاشتراكات والتبرعات، ومن ثم قامت المجموعة باستخدام حساب بديل لاستمرار دفع الاشتراكات قبل أن توقف الاشتراكات خشيةً على حظر الحساب البديل، بعد أن جاءت بعض التأكيدات من البنك والتي تقول إن إغلاق الحساب جاء وفق تعليمات صادرة من جهة أمنية، ومن ثم بحث البعض عن الأسباب بطرق خاصة لتظهر الحقيقة والتي يسعى الجميع لإثباتها.

الحقيقة أن حكومة ولاية شمال كردفان اعترضت على إيراد جزئية بالتقرير المالي الموجه للأعضاء المساهمين، والتي تظهر منصرفات إصلاح المحطة، وهو الذي أثار حفيظة الوالي وحكومته.

هذا ما حدث من قبل السلطات، وهي تقصد بأن لا يقدم أحد أي خدمات للمواطن، طالما ظل متواجدًا في مناطق سيطرة الدعم السريع، وهي ليست السابقة الأولى. إن السلطات بمدينة تندلتي التي تخضع لسيطرة الجيش، تمنع أيضًا وصول الأدوية والمواد التموينية إلى مدخل ولاية شمال كردفان الشرقي بسبب تواجد الدعم السريع، والتي يتواجد بها مواطنون يعانون من تفلتات الدعم السريع مثل السرقات والقتل.

بنك الخرطوم، الذي يُعتبر المواطن حاتم سعيد أحد عملائه، ما كان له أن يحظر حساب عميله بناءً على توصية أو خطاب من السلطات (أمنية كانت أو سياسية أو حتى سيادية) دون إصدار حكم من المحكمة، فالبنك ارتكب خطأ كبيرًا سيعرضه للمساءلة القانونية عاجلًا أم آجلًا بسبب الإضرار بمصالح عميله، الذي لم يرتكب جريمة أو مخالفة في بنود الحساب الذي يستخدمه.

نحن ننتظر ما تسفر عنه التحريات، ومعرفة الجهة التي قامت بمخاطبة البنك الذي قام بالإجراء المخالف هذا، وعندها سيُواجه البنك بالطرق القانونية، وهنالك قانونيين أبدوا استعدادهم للدفاع عن ذلك المواطن وما لحق به من أضرار. نسأل قبل نشر المستندات في الحلقة القادمة والتي تتعلق بهذه القضية: لماذا ترفض السلطات نشر مساهمات المواطن في حلحلة مثل هذه المشاكل؟ هل دفعت الحكومة الاتحادية أموالًا نظير الصيانة والإعاشة ولم تصل؟ هل تقرير المجموعة كشف عن فساد كانت تخفيه الجهات المعنية؟ هل تريد سلطات ولاية شمال كردفان للمواطنين الموت والعطش وترفض حلحلتهم لمشاكلهم التي لم تراعيها الولاية منذ اشتعال الحرب؟ لماذا يتسجيب البنك لتعليمات السلطات دون قرارا قضائيا أو مخالفة صدرت من العميل؟؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى