رأي

رأي.. خطاب حميدتي إلى الدورة (79) للجمعية العامة للأمم المتحدة: وسدد الكرة في مرمى البرهان

صالح السليمي

في خطاب مسجل وجهه الجنرال محمد حمدان دقلو إلى الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، جاء الخطاب قوياً رمى فيه بالمسؤولية على عاتق الجنرال عبد الفتاح البرهان، محمّلاً إياه تبعات المأساة المستمرة في السودان. ولم يتردد حميدتي في كشف الحقائق على الملأ، مسلطاً الضوء على ما وصفه بأنه حرب ضروس يقودها البرهان ضد شعبه، رافضاً الحوار والبحث عن حلول سلمية. 

كذلك، شدد حميدتي على أن الكرة الآن في مرمى البرهان، الذي يرفض إنهاء الصراع المسلح ويدفع البلاد نحو المزيد من الخراب. وأشار إلى أن البرهان يقود هذه الحرب بلا هوادة، متجاهلاً دعوات السلام ورافضاً الحوار، في وقت يتوق فيه الشعب السوداني إلى وضع حد لهذه الكارثة. حميدتي لم يكتفِ بتحميل البرهان المسؤولية أمام الشعب السوداني فقط، بل وضعه أيضاً أمام المجتمع الدولي بأسره، مؤكداً أن مأساة السودان لن تنتهي إلا إذا اختار البرهان التوقف عن العنف والدخول في حوار شامل.

علاوة على ذلك، أشار حميدتي إلى أن أهداف الشعب السوداني في وقف الحرب وتحقيق السلام تتطابق تماماً مع أهداف الأمم المتحدة في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وأن الشعب السوداني يسعى إلى تحقيق الحرية والعدالة والمساواة، وهي القيم التي تتفق مع المبادئ الأساسية للأمم المتحدة. وأن دعوة حميدتي لم تكن مجرد دعوة لإنهاء الحرب، بل كانت دعوة للمجتمع الدولي للوقوف بجانب الشعب السوداني ودعمه في نضاله لتحقيق هذه القيم.

تميز خطاب حميدتي بالإشادة بثورة الشعب السوداني في ديسمبر 2018، التي اندلعت لتحقيق تطلعات السودانيين في الحرية والعدالة والمساواة. وتأكيده على أن ثورة ديسمبر كانت تعبيراً حقيقياً عن إرادة الشعب السوداني، وأنها تمثل واحدة من أعظم لحظات تاريخ السودان. وبيّن أن الحرب التي يقودها البرهان اليوم هي محاولة لقمع هذه التطلعات وتدمير إرادة الشعب. الجنرال حميدتي، في دفاعه عن الثورة، أشار إلى أن السعي لتحقيق الحرية لا يزال مستمراً، وأن العودة إلى المسار المدني الديمقراطي هو السبيل الوحيد لتحقيق طموحات الشعب.

في كلمات واضحة وثابتة، جدد الجنرال حميدتي التزامه بالعودة إلى المسار المدني الديمقراطي في السودان. وشدد على أن الشعب السوداني يستحق حكومة مدنية تعبّر عن تطلعاته الحقيقية. هذا الالتزام لم يكن مجرد كلمات، بل جاء مدعوماً بمطالب واضحة بإنهاء الحرب والبدء في حوار وطني شامل يعيد البلاد إلى المسار المدني.

كذلك، من النقاط المركزية في خطاب الجنرال حميدتي كان رفضه القاطع لتمثيل البرهان للشعب السوداني في الأمم المتحدة. وأوضح أن البرهان، وهو يقود حرباً ضد شعبه، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون ممثلاً له على المسرح الدولي. وشدد على أن البرهان فاقد للشرعية، سواء داخلياً أو خارجياً، وأنه يقف على النقيض من تطلعات الشعب السوداني. كما لم يكن رفض حميدتي موجهاً للبرهان فقط، بل كان رسالة واضحة للأمم المتحدة وللمنظمات الإقليمية والدولية التي تدعو إلى السلام، بأن البرهان هو العائق أمام أي تقدم نحو السلام في السودان.

من جهة، حميدتي سلط الضوء على التناقض الصارخ في دعوة البرهان لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأشار إلى أن هذه الدعوة تتعارض مع الواقع، حيث يرفض الشعب السوداني وقواه الحية ممثلة في الأحزاب والنقابات الاعتراف بـ”شرعية البرهان”، كما أن المنظمات الإقليمية والدولية تزداد اقتناعاً بأن البرهان هو العائق الرئيسي أمام استقرار السودان. هذا التناقض، يظهر بوضوح كيف أن النظام الذي يمثله البرهان فقد شرعيته، ويعيش في عزلة سياسية تزداد عمقاً مع استمرار الحرب.

ختاما، وضع حميدتي الكرة في مرمى المجتمع الدولي، محملاً الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية مسؤولية التدخل لدعم الشعب السوداني. وأكد أن تجاهل الأوضاع في السودان لن يؤدي إلا إلى المزيد من الفوضى والمعاناة. وأن الشعب السوداني يقف وحيداً في مواجهة الحرب، وينتظر دعماً حقيقياً من المجتمع الدولي. وفي إطار دعوته للسلام يطالب حميدتي العالم بأن يتحمل مسؤولياته، مؤكداً أن الحلول السلمية ممكنة إذا ما تخلص الجيش من تأثير الجماعات المتطرفة وعاد إلى رشده. فرسالة حميدتي كانت واضحة؛ البرهان لا يمثل السودان، والشعب يستحق فرصة حقيقية للسلام والحرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى