أخباراقتصادتقارير وتحقيقات

رفع الحظر عن السودان..مرحلة جديدة لاقتصاد منهك

الخرطوم:الجماهير

بعد انتظار طويل استمر لقرابة الـ20 عاما من الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة علي السودان، ألغي الرئيس الامريكي باراك أوباما بشكل جزئي،عقوبات  اقتصادية مفروضة علي السودان  منذ العام 1997م بمايسمح بالتحويلات المالية  والمعاملات  التجارية فيما أبقي القرار  علي الحظر العسكري.

ويبدأ تنفيذ القرار، الذي ستتم مراجعته في يونيو الماضي، الثلاثاء المقبل، الأمر الذي دفع بدر الدين محمود، وزير المالية السوداني، إلى الإعلان عن مراجعة شاملة للسياسات النقدية لبلاده تماشياً مع القرار ولاتاحة الفرصة للشركات الأجنبية للاستثمار في السودان بعد طول غياب، فيما تتباين أراء الخبراء الاقتصاديين حول ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع بعد قرارات تخفيف العقوبات، ويرى فريق أنها ستدفع بالأوضاع  لأحد أفقر اقتصاديات العالم الثالث للأمام، فيما يرى أخرون أنه من المبكر الحكم على قرارات لم يتم تنفيذها بشكل كامل.

يشهد الجنيه السوداني تراجعاً كبيراً أمام الدولار

ورغم التباين إلا أنه فور  إعلان القرار الأمريكي أمس الجمعة بدأت تأثيراته سريعة على العملة السودانية التي تشهد تراجعاً كبيراً أمام العملات الأجنبية، لينتعش الجنيه السوداني عقب إعلان القرار مباشرة ويرتفع سعره أمام الدولار الأمريكي من 19 إلى 16 جنيه، الأمر الذي يدلل على الآثار الإيجابية للقرار بحسب د. محمد الناير، الخبير الاقتصادي السوداني المعروف، والذي أشار في حديثه لـ”الجماهير”، إلى أنه من الضروري أن يسارع السودان في الحاق هذه الآثار الإيجابية بمنح حوافز تشجيعية إضافية للمغتربين للاستفادة من التحويلات البنكية المتاحة.

د. محمد الناير

ويٌجمل الناير إيجابيات القرار في اتاحتها لسهولة التعاملات وحركة الصادر والواردات وتوفر النقد الاجنبي عبر الاستيراد فضلاً عن تاثيره المباشر علي سعر الصرف والعمله الوطنية.

ويضيف:” يمكن اغتنام الفرصة وذلك اذا اسرعت الدوله الخطي في التشكيل الوزاري واتخاذها لإجراءات اقتصادية من شأنها أن تصب في مصلحة القرار لأن التاخير في التشكيل يعطل دولاب العمل بصورة عامه كما يجب  أن يسرع الفريق الاقتصادي الجديد في بداية مرحلة جديدة منها تهيئة البيئة للاستثمارات الاوربية والامريكية الجديدة في البلاد السودان وهذا يحتاج إلي عمل مكثف وعلي بنك السودان دعوة المصارف السودانية لاجتماع عاجل استعداداً للمرحلة المقبلة مشدداً علي اهمية التنسيق التام للسياسات النقدية والتطورات للمرحلة المقبلة”.

د. محمد الناير: لابد من إجراءات اقتصادية سريعة لمواكبة رفع الحظر

لكن وإن كانت أمريكا قد خففت العقوبات الاقتصادية على السودان، إلا أن الأزمة الاقتصادية ستظل قائمة لكونها بنت السياسات التي تسعى بها الدولة في خططها، وفقاً لما أكد عليه د. محمد الجاك، الخبير الاقتصادي، وأستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم، والذي يرى أنه من المبكر  تقييم العلاقات الاقتصادية الخارجية الآن، لأنها تأتي  بموجب شروط تم الاتفاق عليها ولن تتضح نتائجها او ملامحها الا بعد مرور 6 اشهر .

ويرى الجاك، أنه رفع الحظر الأمريكي سيدفع العلاقات الاقتصادية بالبلاد، إلا أنه يتسائل، حول إمكانية عودة العلاقات السودانية الامريكية لطبيعتها بعد 6 أشهر، ليشير إلى أن مثل هذه التساؤلات تقلل من التأثيرات الاقتصادية الآنية في ظل  وجود المشاكل التى تواجه السودان.

تساؤلات الجاك المعلقة لم تمنع سعود مأمون البرير، رئيس اتحاد العمل السوداني، من أن يعلن في حديثه لـ”الجماهير”، أن  القرارات الأمريكية تمثل بداية لمرحلة جديدة للاقتصاد السوداني، مشيراً إلى أنها تمثل نقلة كبيرة للقطاع الخاص والمصارف باعتبارهما أكبر المستفيدين.

كما أن القرار سيسهم  في تهيئة المناخ، لمرحلة النمو الاقتصادي في كافة القطاعات عقب الخروج من مرحلة الحصار الاقتصادي، -حسب البرير-، الذي يرى أنه حقبة أثرت بشكل كبير على مسيرة الاقتصاد، مشيراً إلى أنه يشجيع المصارف الخارجية والمراسلين علي مواصلة التعاملات والتحويلات المصرفية مع السودان فضلا عن تشجيع الشركات العالمية الكبرى للدخول في استثمارات كبري، وفتح المنافذ للقطاع الخاص لاستقطاب تمويل طويل الاجل ومتوسط الأجل من مؤسسات وصناديق ومصارف التمويل العالمية والإقليمية للمشروعات الاستثمارية الكبرى، ما يعني الدخول في مرحلة جديدة للاستثمارات والتمويل الخارجي وتوسيع التعاملات الاستثمارية مع القطاع الخاص الخارجي والتعامل المباشر بالدولار مع البنوك العالمية.

 

سعود البرير: مرحلة اقتصادية جديدة تفتح المنافذ للقطاع الخاص 

وكل هذه الأمور التي تبدو طبيبعة في دول أخرى، كانت تتم عبر متعددة ومعقدة، في السودان بسبب العقوبات الاقتصادية، وفقاً للبرير ، الذي يتوقع أن يسهم القرار في اتجاه شطب الديون الخارجية التي اثقلت مسيرة الاقتصاد الوطني.

إن كان الأثر المباشر لرفع الحظر الأمريكي هو الإفراج عن الأرصدة المليارية المحجوزة بموجب قرارات الحظر منذ العام 1997، فإن هذه الأرصدة ستذهب  لجدولة ديون السودان علي الصين، وفقاً لعبد العزيز باسبار، المحلل الاقتصادي السوداني، الذي يشير إلى أن القرار الأمريكي الذي تزامن مع مطالبة الصين بديونها للسودان، يجعل من السودان ساحة لحرب أمريكية صينية، مشيراً إلى أنه أفشل المخطط الصيني للإجهاز على أراضي السودان بمليوني مزارع صيني.

وواشنطن راقبت عن كثب التدهور المريع للاقتصاد السوداني وتبعاته التي تفاقمت بصورة مأساوية جراء الاصلاحات وإجراءات التقشف الأخيرة  حسب باسبار لتفتح صفحة اقتصادية جديدة للسودان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى