تقارير وتحقيقات

شرق السودان: تحالفات قبلية جديدة ومخاطر الانقسام

بورتسودان – الجماهير: شهد شرق السودان خلال الفترة الأخيرة مجموعة من التحركات والتفاهمات بين المكونات الاجتماعية المختلفة في الإقليم. ورغم أن هذه التحركات قد أسفرت عن تغير في التحالفات القبلية، إلا أنها لم تسفر عن سلام اجتماعي حقيقي.

كانت البداية مع زيارة ناظر الهدندوة سيد محمد الأمين ترك إلى ناظر البني عامر علي إبراهيم دقلل في داره بكسلا، في خطوة وصفت بأنها تاريخية، حيث كانت المرة الأولى التي يلتقي فيها ناظرا القبيلتين منذ اندلاع الصراع.

وتبع ذلك لقاء اليوم الجامع بمدينة جبيت، والذي جمع ممثلين عن جميع القبائل في شرق السودان، وأعلنوا فيه عن اتفاقهم على المضي قدما في المصالحة الاجتماعية، وحل جميع الخلافات بين القبائل بالطرق السلمية. 

التحالفات القبلية الجديدة

أبرز تغير في التحالفات القبلية في شرق السودان هو التحالف بين المجموعتين الكبيرتين الهدندوة والبني عامر. وقد جاء هذا التحالف على حساب تحالف ظهرت بوادره يتزعمه الشيخ سليمان علي بيتاي الرمز الديني المنتمي لمجموعة الجميلاب. وينضم لهذا الحلف مجموعة النظارة المتحدة، وهي مجموعة منشقّة عن ناظر البني عامر دقلل، ونظارة الحباب، كما تبدوا نظارة الأمرأر اقرب لهذا الحلف وبجانبها العموديات المستقلّة.

ويراى مراقبون أن هذه المصالحات جاءت بتوجيهات رسمية من الجيش، الذي كان له دور عبر لجانه الأمنية في إشعال فتيل التوترات القبلية بشرق السودان.

ايلا وترك مطار بورتسودان

قالت الصحفية المهتمة بقضايا شرق السودان عزة ايره إن الأيام القادمة تحمل الكثير في شرق السودان، حيث تشير التطورات الأخيرة إلى إمكانية حدوث تحولات كبيرة في المنطقة.

وأوضحت ايره أن وحدة مكونات شرق السودان أصبحت توجيهاً عسكرياً ملزماً، وذلك لما تقتضيه المرحلة الحالية. وقد فشل في تطبيق هذا التوجيه طرفا المجلس الأعلى لنظارات البجا، وهو المجلس الذي يضم مكونات قبلية من شرق السودان.

وأضافت ايره أن من المتوقع أن يلعب محمد طاهر ايلا، آخر رئيس وزراء لنظام المخلوع عمر البشير، دوراً في تطبيق هذا التوجيه العسكري. وقد سبق لايلا أن لعب دوراً في الوساطة بين مكونات شرق السودان في الماضي.

ووصل الأربعاء قادما من العاصمة المصرية القاهرة رئيس وزراء حكومة المخلوع البشير محمد طاهر إيلا، إلى مدينة بورتسودان، وكان في استقباله محمد الأمين ترك ناظر الهدندوة. 

يشير الحديث عن دور الجيش السوداني في عقد هذه المصالحات، إلى سعيه فرض سيطرته على شرق السودان، وذلك من خلال وحدة مكونات المنطقة. وقد يكون لهذا التدخل العسكري عواقب وخيمة، حيث قد يؤدي إلى صراعات داخلية بين القبائل، أو إلى تحول بعض القبائل إلى حركات انفصالية.

وقد علق الناشط السياسي المهتم بقضايا شرق السودان خالد محمد نور، على هذه التطورات، قائلاً إن “المصالحات الاجتماعية التي بدأت في شرق السودان خطوة إيجابية يجب تطويرها وتحويلها من خطوة تكتيكية تخص الجيش إلى خطوة استراتيجية تخص مواطني شرق السودان وتخدم السلام الاجتماعي”.

وأضاف نور في منشور على صفحة على فيسبوك أن هذه المصالحات جاءت بتوجيهات رسمية من الجيش، وتابع: “الخطوة الأولى في تطوير هذه المصالحات تتم باشراك المواطنين في احيائهم وقراهم وتوصيل خطاب السلام الاجتماعي لهم، والأهم التعويض وجبر الضرر لمن فقدوا الارواح والممتلكات في تلك الصراعات، يجب أن يكون جبر الضرر هو حجر الزاوية لكل التحركات تجاه السلام الاجتماعي”.

وأكد نور على ضرورة أن يكون هذا السلام شاملا لكل المكونات بدون أي استثناء، والبعد التام عن خلق أي اصطفافات قبلية جديدة.

مخاطر الانقسام القبلي

يشير هذا التقسيم القبلي إلى خطر أكبر يتعلّق بمستقبل الإقليم كلّه. فهذا الانقسام قد يؤدي إلى صراعات داخلية بين القبائل، وقد يتحول إلى حركات انفصالية مدعومة من دوائر إقليمية ودولية.

وفي ظل هذه التحديات يرى نور أهمية دور المجتمع المدني في شرق السودان، ليلعب دوره في خلق سلام اجتماعي حقيقي. ومن أهم واجبات المجتمع المدني في هذا الصدد:

  • فهم التعقيدات القبلية في شرق السودان ومحاولة الاستفادة منها لخلق سلام اجتماعي.

  • التصدي لخطر تحويل الغبن القبلي لحركات انفصالية مدعومة من دوائر إقليمية ودولية.

  • العمل على بناء الوعي لدى الجماهير في شرق السودان بمخاطر الانقسام القبلي وأهمية السلام الاجتماعي.

يحتاج شرق السودان إلى سلام اجتماعي حقيقي يضمن حقوق جميع المكونات الاجتماعية في الإقليم. ويعد المجتمع المدني أحد أهم الفاعلين في تحقيق هذا السلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى