رأي

علي أحمد يكتب: إضاءة حول خطاب (حميدتي).. التضحية والفداء في عيد الفداء 

جاء خطاب قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي وجهه أمس إلى الشعب السوداني بمناسبة عيد الفداء، أعاده الله على الشعب السوداني بالخير واليُمن والبركات والسلام والاستقرار، حافلاً بالرسائل الداعية إلى السلام والاستقرار، منادياً بوقف الحرب ومعلناً عن تمسكه بالتفاوض والحوار واستعداده لقبول جميع المبادرات التي تصب في هذا التوجه.

اتسمت خطابات قائد الدعم السريع منذ أن أشعل الإسلاميين وعلى رأسهم ضباطهم في الجيش الحرب في 15 أبريل من العام الماضي، بالدعوة إلى وقفها وإنهائها رغم الانتصارات العظيمة التي حققتها قواتها بإلحاقها هزائم ساحقة ومدوية بالجيش المُختطف المدعوم من المليشيات الإخوانية وحركات الإرتزاق، الأمر الذي أكسبه احترام الشعب السوداني والمجتمعين الدولي والإقليمي، فيما وجد الجيش نفسه معزولاً ومنبوذاً خصوصاً بعد أن تأكد العالم كله من مشاركة الجماعات الإرهابية الداعشية في الحرب بجانبه، بل أصبحت مؤخراً مركزاً لقراراته العسكرية والسياسية.

نعود إلى الخطاب موضوع المقال، فقد أشار (حميدتي) بعد أن هنأ الشعب السوداني وأشاوس قوات الدعم السريع بالعيد، إلى التضحيات الكبيرة التي قدمتها قواته من أجل الديمقراطية والدولة المدنية، ومن أجل إيقاف عودة الإرهابيين إلى السلطة مجدداً، والانتصارات العظيمة التي حققتها في أم روابة وجبل كردفان وشمال الجيلي وبابنوسة والفاو وأم بعر، مشيراً  إلى أن اللواء الشهيد البطل المغوار “علي يعقوب” قدم نفسه في معركة الفاشر قرباناً للحرية والعدالة والمساواة وكذلك كل شهداء قوات الدعم السريع.

وأكد حميدتي أن الحركة الإسلامية هي التي أشعلت الحرب بمعاونة عناصرها في قيادة الجيش، وأنها السبب الرئيس في المعاناة التي يعيشها الشعب السوداني، ودعا إلى فتح الممرات الإنسانية من أجل وصول الإغاثة إلى مستحقيها والتي تعرقلها (شلة بورتسودان).

كما أشار إلى مشاركة الدعم السريع في مفاوضات (جدة) بنية صادقة لتحقيق السلام، لكن الحركة الإسلامية سحبت وفد الجيش الذي تسيطر عليه، وكذلك كشف عن توقيع اتفاقية المنامة وكيف سحب الجيش وفده في اللحظة الأخيرة بإيعاز من الحركة الإسلامية، وأضاف أن قواته لن تتردد في قبول أي مبادرة سلام وحل سياسي وتفاوضي في أي مكان، ورغم ذلك فإنها لن تتوانى في مواجهة فلول الحركة الإسلامية وعناصرها في الجيش وجهاز المخابرات الوطني وحركات الارتزاق التي اختارت الوقوف مع الجانب الخطأ والتخلي عن الحياد في خيانة كبرى لشعاراتها ومبادئها.

وتطرق (حميدتي) إلى الحركة الإسلامية ووصفها بالإرهابية وقال إنها تسعى إلى تقسيم المجتمع السوداني وتمزيق السودان من خلال بث خطاب الكراهية والعنصرية والقبلية، مؤكدًا بقوة على أنه مع وحدة السودان: “أننا لا نعادي أي جهة أو قبيلة وستعمل على تسخير جهودنا ليظل السودان موحداً أرضاً وشعباً، وأن هذا بالنسبة لنا مبدأ لن نتنازل عنه أبداً مهما كلفنا الأمر”.

ونوه قائد الدعم السريع إلى أن الأفعال الشنيعة التي أرتكبتها كتائب الإسلاميين والمرتزقة في الفاشر وغيرها أفعال إجرامية لا تعبر عن فئة أو جهة، “وقد عاهدنا الله وأنفسنا على أن نخلّص بلادنا منهم بإذن الله”، وناشد (أشاوس) الدعم السريع بعدم الإنجراف إلى الخطاب العنصري والجهوي والقبلية، لأن هذا هو مخطط الفلول الذين نسعى لاجتثاثهم وتخليص السودانيين من شرورهم حتى يتمكنوا من العيش سوياً كشعب واحد دون النظر إلى العرق أو اللون أو الانتماء القبلي في سودان موحد يتساوى فيه الناس في الحقوق والواجبات.

وكشف حميدتي أن المقاومة الشعبية ما هي إلا غطاء لمشاركة كتائب الحركة الإسلامية في الحرب، مشدداً أن قواته لن تتهاون في مواجهة هذه الجماعات الإرهابية التي تُهدد مستقبل بلادنا، وحذّر بشدة من أن هذه الجماعات تعمل على إرهاب المواطنين واستخدامهم دروعاً بشرية وأن ما حدث في (ود النورة) بولاية الجزيرة هي معركة عسكرية بين الدعم السريع من جهة وقوات من الجيش والحركة الإسلامية والمستنفرين وجهاز الأمن من جهة أخرى، حيث تمكنت قوات الدعم السريع من حسمهم، ولا مجال لأي مزايدة سياسية في هذا الأمر.

وحمّل قائد الدعم السريع حركات الارتزاق المسلحة نتائج ما حدث وما سيحدث في الفاشر بعد أن فارقت الحياد واختارت الانحياز إلى جلادها، ولم  يكن أمامنا إلاّ الدفاع عن أنفسنا، واعداً أن قواته ستعمل على حماية المواطنين وتأمينهم واستقرارهم ودان بشدة الجرائم الوحشية التي ارتكبها الفلول من قصف المواطنين العُزّل بالطيران وحرمانهم من وصول الإغاثة.

وختم خطابه مبشراً السودانيين بأن هذه الحرب ستكون آخر الحروب في البلاد، وأن السودانيين ينعمون مستقبلاً بوطنٍ آمن مستقر، وأن على الشعب أن لا يفقد الأمل في ذلك.

هكذا يكون خطاب القادة، شاملاً متكاملاً يقدّم رؤية سياسية وعسكرية وحلولاً للحرب، وليس تهريجاً ووعيداً وصراخاً ومساخر كما في خطابات البرهان وياسر العطا، التي أضحت مضحكة ومحل سخرية العالم بأسرة، لكونها خطابات للشتائم وإطلاق الاتهامات كيفما اتفق، حيث تسببت في إحداث شروخ اجتماعية كبيرة في الداخل، وخسائر دبلوماسية أكبر في الخارج.

من الصعوبة  بمكان تغطية وتحليل جميع الأفكار التي وردت في هذا الخطاب في هذه المساحة المحدودة، لكننا نأمل أن نكون قد غطينا وأضئنا أهمها.

    وكل عام وأنتم بخير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى