رأي

علي أحمد يكتب: نيابة (العطا) وشركاؤه!

علي أحمد

لم يُفاجأ أحد إلا (الأغبياء) أو المغيبين بإصدار ما يُسمى مجازًا بالنيابة العامة السودانية (نيابة الكيزان) -التي تتلقى أوامرها من عسكري مخبول، ومن مخبر “قوشي” مجهول- لقائمتين بمن قالت إنهم مطلوبون لعدالة (الإخوان المسلمين) من السياسيين المدنيين المنضوين تحت مظلة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية- تقدّم، مع قلة من خارج هذا الإطار.

في واقع الحال لا توجد نيابة ولا قضاء دون حكومة، إذ إنه عندما تنهار الدولة أول ما تنهار معها العدالة وتسود شريعة الغابة، إضافة إلى أن بلادنا ومنذ انقلابهم المشؤوم في أكتوبر 2021م، ظلت خارج القانون، بل خارج العصر، وبالتالي فإن حديثنا هنا عن نيابة يأتي من باب التهكم لا الاعتراف.
هذه النيابة التي لا وجود فعلي لها، أصدرت أمس قائمتين بمطلوبين للعدالة بعد أن أمرها بذلك أغبى ضابط سوداني في تاريخ العسكرية (ياسر العطا)، ثم هدّد شخص مجهول الهوية ولا يعرفه أحد، يطلق على نفسه (الإنصرافي) النيابة العامة “المفترضة” وأمهلها ساعات معدودة، بإما أن تصدر هذه القوائم أو فإن عقابها سيكون وخيمًا، فأصدرت النيابة الأمر! وهذا كل ما في الأمر!!

لكن ما الهدف وراء هذه البلاغات؟ ولماذا صدرت في هذا التوقيت ؟
الإجابة على هذين السؤالين، هي مربط الفرس في تفسير ما يحدُث، فالكيزان يحسبون أي صيحة سلام عليهم، ومع كل حديث ينتشر عن مفاوضات يجنّ جنونهم ، وقد أطلقوا صبيّهم في قيادة الجيش (ياسر العطا) المعروف بأنهم يحركونه بالابتزاز الأخلاقي حتى صار دمية بين أياديهم، فحركوه لقطع الطريق أمام أي حل سلمي يلوح في الأفق، لذلك وجه تهديدات علنية إلى النيابة العامة “المفترضة” وطالبها ضمنًا بتدوين بلاغات (كيدية) بحق قادة (تقدم). ثم بعد ذلك ترك أمر الترويج لمخبر المخابرات القوشية المتخفي الذي يسمي نفسه (انصرافي)، فطفق يهدد ويتوعد في تسجيلاته ويصدر أوامره للنيابة العامة، وهذا سهل جدًا لصوت يصدر أوامره للبرهان والعطا، فينفذانها برأسين مُطأطئين فما بالك بنيابة لا وجود لها في الواقع؟ يريد الكيزان وممثليهم في الجيش والأجهزة الأمنية، قطع الطريق أمام أي مفاوضات، ليس بين المليشيات الكيزانية المنقسمة على نفسها الآن، والدعم السريع، وإنما بين بعض ضباط المليشيا الرئيسية (قيادة الجيش)، والدعم السريع، وتنسيقية “تقدم” كممثلة للفضاء المدني الديمقراطي (الجانب السياسي)، إنهم يخشون مشاركة تقدم في أي عملية سياسية قادمة. ولأنهم يكرهون بحكم تركيبتهم مفردة الديمقراطية، يريدون أيضا منع عودة الأحزاب السياسية والمسار المدني الديمقراطي مرة أخرى، وهيهات!

لا توجد نيابة عامة، وقائمتيهم هاتين (يبلوها ويشربوا مويتها)، فحتى من وضع توقيعه عليها، يعلم بأنها لن تنفذ، وقد صدرت المئات مثلها من نياباتهم، منذ فجر حكم (بشيرهم) وإلى خريفه ونهايته. على سبيل المثال، البلاغات الكيدية بحق الأمير نقد الله، وفاروق أبوعيسى، وعلي محمود حسنين، وأمين مكي مدني، وغيرهم المئات من السياسيين والنشطاء والصحفيين، وكان النائب العام وقتها يتلاعب بالبلاغات ويغلقها في درجه أمام المحامين و(يزوغ) وكأنه طفل غرير، ومع ذلك، والحق يقال، إن الكيد والتلفيق في تلك الفترة كان أكثر إحترافية من حيث الحبكة الفنية والإخراج من هذا العفن الطافح أمامنا. ولما لا، فنحن نعيش في زمن المنخور (العطا)، والذي كل مواقفه في الحياة سياسيًا وعسكريًا، إنما هي ناتجة عن حقد دفين تجاه الأسوياء، ومن ندوب نفسية و(أخلاقية) كبيرة، جدًا.

إنها بلاغات سياسية كيدية تافهة، تعرض لها حتى (الكيزان) الذين اختلفوا مع (إخوانهم في الله) في الرؤى السياسية كالترابي وخليل إبراهيم الذي قتلوه لاحقًا، وشقيقه “جبريل” وزير مالية (اللا حكومة)، وأخيه غير الشقيق (وغير الناضج) عبد العزيز عُشر. وهي بلاغات لا تساوي الحبر الذي كُتبت به، والهدف منها شغل الرأي العام بفقاعات ومفرقعات وألعاب نارية ليستمروا في الحرب، إما أن ينتصروا كما يتوهمون، أو جلسوا مع الطرف الآخر “الدعم السريع” والتحاور معه، مع العمل على إبعاد القوى السياسية المدنية وعقد صفقة لتسوية سياسية جديدة يعود بموجبها الكيزان إلى الحكم مجددًا، وهذا لن يحدث والدعم السريع باق، والقوى المدنية تتنفس، فلا عودة مجددًا للكيزان، نقسم بالله على ذلك وبأرواح الشهداء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى