رأي

كتب علي أحمد: البرهان وظلال المخابرات المصرية

بقلم: علي أحمد
صورة أخرى للبرهان علاوة على التصرفات العبثية الأخيرة التي يريد من خلالها ان يقول إنه موجود، وهي التي التقطت له على كورنيش البحر في بورتسودان، وموجهة في الأساس لكتائبه الإعلامية “الكيزانية” فيبشروا بالانتصارات الوهمية على الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي.
إنّ صورة القائد المنتصر الذي يتجول آمنًا بين جنوده ووسط رعيته، التي يتم الترويج لها إنما هي خدعة إعلامية ولعبة تتقنها كتائب الإخوان المتأسلمين، لا يتفوق عليهم في ذلك سوى كتائب المخابرات المصرية.

وبينما كان البرهان يلهو على كورنيش بورتسودان، كانت الأكاديمية المصرية الدكتورة “أماني الطويل”- وهي إحدى أهم أقلام مخابرات مصر في ملف السودان- تمارس هي الأخرى اللهو الخفي على قناة (الحدث)، متحدثة عن خروج البرهان وزيارته لمصر، مشككة في طريقة خروجه من (البدروم) ومستفهمة عن زيارته لمصر ومتحدثة عن أطراف خارجية ذات نفوذ ساهمت في اخراجه وتعمل الآن على تأمين رحلاته، وهي هنا لا تقصد قول الحقيقة بل تهدف إلى خلط وتمزيق الأوراق السودانية المهترئة أصلًا، وتأكيد أن يد مصر هي العليا ويد السودان هي السفلى، حتى لو ضحت في حديثها بعميل سافل مثل (البرهان) !

من جانبه واصل الرجل خداع من يستمتعون بقصة خروجه من (بدرومه) ومغادرته مقر قيادة الجيش، يزيد عليها وينقص منها في كل مناسبة ومجلس، ممارساً هوايته الفطرية في الكذب المخجل المفضوح، وأكثر ما يجلب الأسى والحزن، هو رضاه بهذا الموقف المخزي دون أية مراعاة لسقوط أكثر من ثلاثين رجلًا دونه حتى يخرج – بحسب حكاياته التي تقف على حواف الخيال المريض- ضحوا بحيواتهم من أجل رجل جبان سبق وأعلن للناس أنه لن يغادر مركز القيادة إلا محمولاً على نعش، لكن ما إن جاءته الفرصة حتي سارع بالتقاطها، بل ركض حافياً لاهثاً خلفها، والدليل هو (شبشب) الحمام الذي كان ينتعله عقب الخروج، فأي بطولة يمكن أن تخرج من عار ؟!

وأما مصر فهي مصر، قديمًا وحديثًا ومستقبلًا ، لا ترى السودان وطنًا بل أرضًا وجغرافية، ولا ترى السودانيين شعبًا بل (عبيد) تستخدمهم لاستخراج موارد تلك الأرض، وهي بلا شك لعبت دورًا رئيسيًا في اشعال هذه الحرب، بل هي أسعد دول العالم بمال آلت إليه الأوضاع في السودان، هذه حقيقة لن يحجبها صياح “البلابسة” في شكرهم مصر صباح مساء على حسن استقبالها لهم!
كيف استقبلتك وهي تغلق أمامك الحدود ولا تسمح إلا بدخول من يدفع أكثر ! أي دولة في هذا العالم منعت لاجئين من دولة جارة هاربين من الحرب إلا بعد دفع أموال تتراوح ما بين الف إلى ثلاثة آلاف دولار للدخول فقط؟! ولكنه حقًا موقف يليق بالعبيد قولًا وفعلًا !

مواقف سابقة تؤكد أن مصر كانت دائماً معادية للشعب السوداني، وكانت دائماً طامعة في نهب موارد السودان. إنها مصر التي تزدري السودان وأهله، وهي ذات الدولة التي عندما طالبها الشعب السوداني بتسليم المجرم (صلاح قوش) من خلال مذكرة من النائب العام مستوفية كل الشروط القانونية المتعارف عليها عالميًا، ردت مادة لسانها بأنه لا يوجد من دخل مصر باسم (صلاح أحمد محمد صالح)، وهذا هو الاسم الكامل لمدير أمن البشير المجرم!!

كما أن مصر كانت أول دولة عربية تعلن تأييدها لانقلاب “عمر البشير” علي الحكومة المدنية الديمقراطية في ١٩٨٩، أيدت قبل أن تعرف حتى توجهات الانقلابيين السياسية، لأنها تقف دومًا ضد تطلعات وأحلام الشعب السوداني، وتقف دومًا مع الحكم العسكري في السودان، فالعسكر هم من يفرطون في سيادة بلادهم، وهم من يحققون لها مصالحها على حساب شعبهم، وهذا ما يفسر موقفها منذ اشتراكها في تأسيس مجموعة (الموز) وحتى مشاركتها في هذه الحرب بطريقة سافرة، إذ جعلت من مطار (مروي) العسكري قاعدة لمهاجمة الدعم السريع واشعال الحرب لتمزيق السودان واقعاده!
وليس بعصي علي الفهم أن ضربات جوية في بداية الحرب قد نفذت بكفاة عالية علي مصانع المنطقة الصناعية، وعلى محطات الطاقة، ثم توقف القصف بعد تدمير أي مشروع انتاجي، ما يؤكد الدور المصري الذي يريد تحقيق مصالحه بتدمير السودان ومن ثم سرقة كل موارده، من الذهب وحتى المياه!

كل ما حدث وما يحدث تم ويتم بموافقة (العميل أول) عبد الفتاح البرهان، والذي سيكون أول من يحترق بنار عمالته واثمها، فكل طرق النجاة الشخصية التي اختارها؛ لن تستمر طويلا، وتجاربه في اللعب علي جميع الحبال تصل الآن إلى نهايتها، والتي ستكون إما على يد من خان وطنه وشعبه لصالحهم، أو بيد (إخوانه) في التنظيم، والذين هم الآن في خلاف كبير بشأن مصيره، خصوصًا أنه قد استنفذ دوره هنا وهناك، كما أن حكم التاريخ لن يرحم رجل دمر حياة شعب بأكمله، ثم سمحت له نفسه بالهروب ليعيش وسط الشعب نازحًا مثلهم، يشرب القهوة ويأكل (الزلابية) مع الشاي، وكأن شيئاً لم يحدث!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى