رأي

كتب علي أحمد: البرهان و زيلنسكي .. من العسكري ومن الكوميديان؟

بقلم: علي أحمد

ما إن أُخرِّج البرهان من أسره بعد أربعة أشهر ونيف من مكوثه رهن قبو القيادة، وفي أول زيارة خارجية له خلع الرجل بزته العسكرية وأدخل جسده الهزيل – بفعل شظف العيش في المحبس- في بدلة أنيقة وطار إلى منتجع (العلمين) في مصر، حيث شوهد في مقطع فيديو من مقر إقامته بالمنتجع الراقي – بدأ خلاله وكأنه يمارس نوعاً من التفاخر الردئ، أو ما يسمى في لغة ترذل قاع المدينة بالـ(مغارز) !

ولا أفهم كيف يمارس هذه التصرفات الصبيانية قائد جيش – أدخل البلاد في حرب لا قبل له بها – من أجل إعادة النظام البائد إلى السلطة وإحكام قبضته على البلاد من خلاله، ووعد الشعب بأن حربه هذه لن تستمر سوى ساعات معدودة، وفشل في ذلك، بل حوصر في مقر القيادة وظل حبيساً بها لحوالي مائة وسبعين يوماً، لربما ظل قابعاً هناك إلى أن يلقى ربه لولا موافقة الطرف الذي يحاربه على صفقة دولية وإقليمية لإخراجه حتى يدير عملية للسلام – وفقاً لمصادر متطابقة.

لم يكتف الرجل عديم الحساسية بفيديو العلمين، بل شوهد مرة أخرى وهو (يتفسّح) مساء أمس على كورنيش مدينة بورتسودان، يرفه عن نفسه ويروّح عنه وكأن شيئاً لم يحدث، فيما الشعب فقد كل شيء – ممتلكاته ومنازله ومدخراته وأرواحه بعد أن أحرق البرهان العاصمة بمن فيها وما فيها، وترك خلفه عاصمة غارقة في الفوضى والدمار والخراب تغطيها جثث متعفنة تنهشها الكلاب الضالة – فيما هو يبدد الوقت في اللهو، (يقدل) في كورنيش بورتسودان، ويحيك المؤامرات عوضاً عن الإسراع في خطوات تنهي الحرب وتحقق السلام.
ربما لم ينظر البرهان غرباً إلى ما فعله الرئيس الأوكراني “زيلنسكي” والذي ما إن اندلعت الحرب بين بلاده وروسيا (وهذا عدوان خارجي) وحرب خارجية وليست داخلية – كما يحدث في السودان دائماً، إذ لم يخض الجيش السوداني منذ تأسيسة حرباً خارجية واحدة، كما هو معلوم.

إذ ارتدى “زيلنسكي” فور بدء الحرب زياً عسكرياً، يغادر به بلاده ويلتقي به رؤساء العالم، ولا يزال يلازم جنوده حتى الآن في ميدان القتال، رغم أنه رئيس مدني كان يعمل في التمثيل كممثل كوميديا، أي (كوميديان)، وليس ضابطاً عظيماً في الجيش كما البرهان، كما أن الأخير يكبر الأول بـ 24 عاماً، فالبرهان من مواليد 1954، فيما الرئيس “زيلنسكي” المولود عام 1978 ما يزال غضاً يافعاً مقارنة بالجنرال العجوز، لكن – كما يقول المثل السوداني (الفهم قسمة).
وبالفعل لم يهب الله لقائد الجيش عقلاً ليفكر به ولا قلباً نيراً ليصبح دليله، فالرجل ديدنه المراوغة يريد أن يلعب على رؤوس الأفاعي جميعها، ولعله لم ينظر ويتدبر في تجربة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، ويعتبر بها.

ولا يزال الرجل – يماطل حتى الآن في الانخراط في محادثات حقيقية – ولا يريد التخلص من أزلام النظام السابق والمتطرفين الذين حشدهم من كل صوب وحدب للقتال بجانبه بعد أن فشل في إدارة المعركة.
والمضحك في الأمر ان البرهان الذي تعيش بلاده حالة حرب، نزع زيه العسكري وارتدى الملابس المدنية في زيارته الأخيرة لمصر، ليرسل رسالة مفادها إنه الرئيس بجانب كونه قائد الجيش، وهذا لن يتحقق في الواقع، طالما الحرب مستمرة، لذلك عليه أن يتحلى بروح المسؤولية والوطنية ويترك عنه أحلامه الطفولية، ويشرع في إجراءات ثقة حقيقية، أولها القطيعة الكاملة مع (الكيزان)، فعلًا لا قولًا، ثم وقف الحرب فوراً، وبشجاعة يكتبها له التاريخ، من إن سمحت له نفسه بالكتابة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى