حاوره / أسامة حسن عبدالحي
يقول رئيس الهيئة العامة لتحالف قوى الإجماع الوطني، فاروق أبوعيسى في مقابلة أجرتها صحيفة (الميدان) تعيد (الجماهير) نشرها، أن(90%) من الشعب السوداني باتوا رافضين لوجود النظام، ويعملون على إسقاطه والتخلص منه، وكشف عن أن واحدة من أهم واجباته كرئيس لقوى الإجماع الوطني، هو العمل على وحدة المعارضة، وإنجاز هذا الواجب سريعاً، بإعتباره شرطاً من شروط تحقيق الانتصار الكامل للشعب السوداني على الدكتاتورية المتأسلمة.
ونفى أبوعيسى بشكل قاطع في هذا الحوار، ان يكن قد تلقى دعوة من الحركة الشعبية، أو مبادرة حول المشاركة في الإنتخابات، بيد انه كشف عن أن ما يعرفه عنها كان مجرد رؤوس مواضيع ناقشها مع ياسر عرمان نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان/شمال، بقيادة مالك عقار، وأنها كانت مرفوضة عنده منذ البداية، وجدد موقف قوى الإجماع الوطني الرافض للمشاركة في أي انتخابات تحت ظل هذا النظام.
وبدأ أبوعيسى في هذا الحوار، رافضاً تماماً لأي صيغة مشاركة تجمع المعارضة بالاسلاميين، وقطع بعدم قبولهم في مستقبل السودان، كجزء من المنظومة الحاكمة، وعلل لذلك بما ألحقوه بالشعب من أضرار يعاني منها أغلبه :
90% من الشعب السوداني ضد النظام ويعمل على إسقاطه
بداية..كيف تنظر قوى الإجماع الوطني، لمتغيرات الظروف السياسية/ الاقتصادية/الإجتماعية؛ وماذا يعني هذا لقوى الإجماع؟ أعني التطورات السلبية والإيجابية ؟
من الملاحظ، واصبح من المؤكد أن عزلة النظام تسارعت تسارعاً أكثر من الطبيعي وهذا التسارع ناتج من أن قيادة المعارضة باتت في كثير من الأحيان في إحتياجها لكشف فضائح النظام وفشله وعجزه على مختلف الجبهات، أصبحت غير محتاجة تضيع وقت في هذا لأنه أصبح معروف لكل الناس، وأصبح يتحدث به حتي كهول المجتمع في المنازل، وبالتالي أصبح الواجب أمام الحركة السياسية القائدة تنظيم هولاء جميعاً، لمواجهة النظام، والآن أكثر من 90% من جماهير الشعب رافضين سيطرة المؤتمر الوطني، وبالتالي أصبح واجبنا نحن ليس فضح النظام وكشفه وتعريته بقدر ما هو تنظيم هذه الحركة، لذلك إتجهنا إلي تنظيم المقاومة والتفكير في قوى جديدة بالإضافة للقوى السياسية الموجودة، وحركة الجماهير الواسعة، وركزنا على هذه القوي الموجودة في فئات وطبقات بعينها، وهذه القوى لديها القدرات التي تميزها عن غيرها من باقي الفئات والطبقات الأخري، وأثبت التأريخ أنها القوى الفاعلة أكثر من غيرها في صنع السياسة وصنع مستقبل السودان، وهي قوى العمال والزراع والطلاب والنساء والشباب، وهي التي أسقطت نظام عبود ونظام نميري، ومرشحة الآن لتسقط نظام الجبهة القومية الإسلامية بعد تنظيمها. وهذا يحتاج لعمل من نوع مختلف، لأن العمل السياسي الواسع بات لا يفيد مع قوى كهذه لأن الجبهة القومية الإسلامية منذ يومها الاول إنتبهت لقدرات هذه الفئات الإجتماعية وقيدوا حركتها، مثلا العمال عملوا لهم نقابة المنشأة والهدف منها هو تكبيل قدرات الحركة العمالية من خلال النقابات في تغيير الأوضاع في السودان، ووسط المزارعين عملوا علي تخريب حركة المزارعين منذ 2005، وحلوا إتحادات المزارعين، وهي إتحادات مجربة في الدفاع عن المزارعين، ودمروا كل مؤسسات المزارعين، وصفوا كل قدرات وإمكانيات المزارعين، مثل مشروع الجزيرة، وصادروا مؤسسة المزارعين قوز كبرو.وأيضا نفس الشئ حدث مع نقابات المهنيين، قضوا على النقابات الطبقية التي كانت تقود الصراع الطبقي، وخربوا العمل النقابي. النقابات الحالية بقانونها الحالي أصبحت ليست نقابات إنما هي منفذ للعمل النقابي. نعود للتسارع في عزلة النظام، وكراهية الناس، والذي تزاوج معه التسارع في التشقق داخله والإنقسامات، والحركة الإسلامية تشققت أكثر مما كنا نحن في المعارضة نتصور، لأننا كنا نظن أن الروابط الأخوية والعاطفية بينهم ستحول دون إمكانية إنقسامهم، وإختراقهم، لكن ظهر في النهاية أن هذا ليس صحيحاً، الآن وحدة الحركة الإسلامية باتت مفقودة تماماً، وقدر الموجود هو (منظر) بينما المحتوى فارغ تماماً، وبدون أي فعالية، وأي فعالية موجودة الآن ظاهرياً هي قادمة للنظام من علاقته بالحركة الإسلامية الدولية، وليس بقدراتهم الذاتية، هذا كله حدث بسبب أن النظام تدهور سريعاً.
نعمل على بناء مركز للمعارضة وللجماهير الواسعة
وماهو دوركم كقوى معارضة، في هذا، خاصة وأنك قلت قد توجهتم نحو قوى سياسية، بمعيارية طبقية، ماذا فعلتم مع هذه القوى؟
هنا يظهر جلياً الحاجة الماسة لدورنا كقوي معارضة، وكما أسلفت فإننا تجاوزنا مرحلة كشف النظام وتعريته، لأن (الحيطة الصماء) باتت تعرف سوء النظام، وهذا يتطلب منا الإنتقال أكثر من هذه المرحلة إلى مرحلة تنظيم الجماهير، وتنظيم الجماهير لأنفسها في لجان مقاومة، وبناء مركز للمعارضة لا يكن قائماً فقط على جماهير الأحزاب، إنما يكون مركزا للجماهير الواسعة، وأن يكن مركزاً قائماً على أساس إجتماعي وطبقي، مركزه النقابات وقوى العاملين، وكل الجماهير الثورية، والعاملين تحديداً هم أساس دعوتنا للإضراب السياسي. والذي أود قوله هو أن الجماهير قبل أن نتحرك نحوها، تحركت هي علينا ونظمت نفسها، والتحرك الذي حدث في الشهور الماضية وسط المهنيين، وأعني هنا تحديداً نضال الأطباء، الذي ربطوه بالقضايا العامة للناس، وقضايا الصحة في الوطن عموماً، ما يجعلني أنتهز هذه الفرصة لأهنئهم، وأحييهم وأشُدُّ على أياديهم، والآن توجد تحركات وسط المعلمين والمهندسين، وتحرِّكُهم بالأساس مصالحهم وهم يعرفون تماماً أن لا طريق لمصالحهم غير تنظيم أنفسهم للدفاع عن هذه المصالح، ومن هنا أدعو جميع المهنيين للضغط علي النظام من أجل قيام نقابات تدافع عن حقوقهم. وأقول هنا أن الذي يضمن مصالح المواطن ليس وجوده في حزب إنما وجوده في النقابة، وعضو النقابة قادر علي حماية مصالحه أكثر من أي مواطن آخر، هناك قوى أرادت أم لم ترد هي تخدم مخطط الأخوان المسلمين في (تسطيح) الشعب السوداني، بأن يكون نضالا عاما ومحصورا في الحديث عن القوى السياسية المعارضة وترك النقابات وإهمالها، وهذا مقبول، لكنه لا يأتي بفعالية، مثلما يكون النضال قائماً علي أساس إجتماعي، طبقي، وما نحذر منه هو ما حدث في الثورتين السابقتين، القوى السياسية والإجتماعية تقوم بعمل الثورة، لكن السعي السريع وراء الديمقراطية الليبرالية، وهذا طريق ينتهي بضياع حقوق العاملين وتضحياتهم، والآن نحن نقترب من هذه القوى لنطرح سؤالنا: حول ما هي الضمانات لكيلا يضيع نضالنا سدى في المستقبل؟ صحيح نحن نريد ديمقراطية، بأحزاب وأدوات، ولكن هذا يقتضي وجود ضمانات وهي ما نحن بصددها الآن ومشغولون بها، لنطمئن هذه الجماعات بأن مستقبلها مضمون، وبالتالي مستقبل السودان.
عوداً على بدء المتغيرات السريعة التي قلتم بها، ماذا كان تأثير هذه المتغييرات، على المعارضة وعلى الشعب ككل، وكيف تتعاطون معها ؟
نحن نعمل ومنطلقين ونعمل وفق خطط محددة، ونعمل من أجل تسريع ساعة الإنتصار ضد هذه القوى الطفيلية التي تحكم البلد الآن، ونستطيع أن نقول في الختام هنا أن المتغيرات السريعة أصبحت هي سمة من سمات الوضع السياسي الآن، وهي متغيرات جلها إيجابية، ونعمل للإستفادة من ذلك، والعمل وسط القوى المهنية وجماهير الشعب، في تطور نوعي، وهذا محل عنايتنا.
لا حديث هذه الأيام، في الساحة السياسية، إلا عن الإنتخابات، وإنقسام الناس حولها لمعسكرين، مع المشاركة(المشروطة) وضدها تماماً، برأيكم، لماذا هذا الحديث الآن والإنتخابات التي تبقت لها سنتان بالتمام والكمال ؟
المشهد الآن حول الانتخابات به اعتبارات شخصية مرتبطة بالرئيس، وهو الآن في صراع مع جماعته وهو الذي يدفع من أجل فرض نفسه كمرشح للنظام في انتخابات 2020، ومعه قطاع داخل الحركة الإسلامية، وهناك جماعات وفرق أخري داخل الحركة الإسلامية، تعرقل هذا لأنهم يتمنون لو أنهم استطاعوا تغيير مرشحهم القادم، من البشير إلى آخرين، وهذا مشهد عمل تأثيرات، من خلال حركته وسط جماعات الإسلام السياسي، ولهذا كثر الحديث عن الانتخابات في هذ الوقت المبكر، لأنهم يريدون فرض توازنات خاصة بهم من الآن، لفرض البشير كمرشح وحيد، وخلق استقطابات كثيرة لجهات، كثيرة في الحركة الإسلامية. والحركة الإسلامية عموماً من مواقع أصبحت مصالحها مرتبطة بالبشير شخصياً، وبالمقابل هناك جماعات لا تريد استمرار هذا الوضع وتريد مرشحا جديدا، أي حديث عن انتخابات من الآن ليس له داعي، لكن كما قلت فإن هذه الجماعات تريد حسم هذا الصراع من الآن، لحسم مرشح واحد هو البشير والتوحد حوله، أو مرشح آخر كما يريد الطرف المناوئ لترشيح البشير، ومعسكر البشير يريد التمديد له لكي يستطيع تقوية نفسه، وقطع الطريق امام أي شخص آخر.
المشهد الآن حول الانتخابات به اعتبارات شخصية مرتبطة بالرئيس
ما هو رأيكم كقوى معارضة، في الانتخابات، التي سوف تجري في 2020، خاصة وأن قطاعات وسط المعارضة، دعت للمشاركة فيها؟
وسط الحركة السياسية المعارضة، وهي الأنضج والمرتبطة بحركة الجماهير والناس، لا تري أي مصلحة للجماهير بالارتباط أو الدخول في انتخابات كهذه. نحن الآن نتحدث عن إسقاط النظام، وإعداد الجماعات الأقدر علي إسقاط هذا النظام، وخلق السيناريوهات التي تمكن الشعب من الخلاص من هذا النظام، ولا نريد ترك هذا أو الانشغال عنه بانتخابات، نعرف أن الأخوان المسلمين بتجاربنا معهم لا يعترفون بأي انتخابات ويزورونها، جميعها.
الحركة الإسلامية تشققت أكثر مما كنا نحن نتصور في المعارضة
قالت الحركة الشعبية، أنها أرسلت لك رسالة حول المشاركة في الإنتخابات، هل تسلمتها، وما ردكم عليها ؟
هذا غير صحيح، ولم أتلقى أي دعوة من الحركة الشعبية، حول المشاركة في الانتخابات، وهي لم تخاطبني كحركة بهذا المعني تماماً، وصحيح أن علاقاتي بالإبن والأخ والصديق/ياسر عرمان، قوية حتي الآن، وأنا وهو حريصان على هذه العلاقة، ونلتقي عبر الهاتف ونتحدث من وقت لأخر، في فترات نحاول جعلها متقاربة، ومؤخراً وفي واحدة من لقاءاتنا أنا وياسر عرمان، قبل شهر، طرح علي فكرة قال إنها شخصية، ( وهي قائمة علي أنه بدلاً من العمل بالطريقة (التقليدية) دعنا نغير طريقتنا، بدلاً عن الحديث عن إسقاط النظام فقط، نقوم بعمل سياسي، صدامي مع النظام، يقربنا من إسقاطه، وهو يعتقد أن الدخول في الانتخابات، يفتح الباب، لتحقيق أشياء كثيرة، خصوصاً أننا إذا كنا واضحين منذ البداية واشترطنا عدم ترشح البشير، ونفرض شروطنا، وتكون مقبولة للمجتمع الدولي، وتمكننا من خوض معارك سياسية يومية وتقربنا جداً من الجماهير )هذا منطق ياسر عرمان، وكل حديثه من الأول للآخر، هو تفكيره الشخصي، وهي فكرة في رأسه ولم يقل لي إنها ورقة سوف نكتبها بإسم الحركة، وحتي بعد كتابتها لم يرسلها لي، كما في كل مرة يقوم بإرسال الأشياء لي، وأشهد أن الصديق عرمان كان دائماً يشاورني في كل القضايا، ونتناقش حولها ونتفق أو نختلف، وهو على المستوى الشخصي أعزه جداً وأعرف أنه مهتم بالشأن العام ويحمل هموم الشعب السوداني، وأحترمه جداً، ولهذا فإنني اعتبرت حديثه شخصياً ولم أناقشه مع أي أحد، ولم اعرضه على الهيئة العامة لقوى الإجماع الوطني، لأني إعتبرت الأمر هو مجرد أفكار شخصية لياسر عرمان وقد كنت رافضاً لها من أساسها، وحين ناقشها معي كنت أسمعه فقط. وفي النهاية فكرت ووجدت أن موقفي صحيح وأن هذا لن يمضي بنا للأمام، وأي حديث عن الدخول في انتخابات رضي من رضي وأبي من أبي، أي انتخابات تعني المشاركة مع النظام؛ ولكن مع ذلك ناقشنا في قوى الإجماع الوطني موضوع مبادرة الحركة الشعبية، ورفضناها بالإجماع ولم يشذ أي حزب عن هذا الإجماع داخل الهيئة العامة، أو على مستوى الرؤساء. ما أود هنا قوله أنه قد تكشف لنا أن الحديث عن الإنتخابات مربوط ببرنامج سياسي لتغيير محدود، يقبل ناس ويرفض آخرين، وهناك معلومات ترد إلينا بطريقة أو بأخري، تبين أن الحديث عن الإنتخابات، في هذا الوقت حديث ليس بريئاً، ولا أشك في وطنية وإخلاص رفاقنا في الحركة الشعبية، لكن بهذه المعلومات هذا طريق خطر، ندعوهم لمفارقته.
بالحديث عن عدم موافقتكم على حوار مع النظام، حتي وإن قبل بشروطكم، إعتبر مراقبون هذا تجاوزاً سريعاً لموقفكم السابق، الداعي لحوار بشروط، لماذا غيرتم موقفكم سريعاً؟
لأنه لو قبل بشروطنا وقبلنا الحوار معه، هذا يعني أننا نقبل مشاركته في النظام القادم بعد إسقاط نظامه الحالي، و لأن مشاركتنا لهم تعوق مستقبل السودان وتقدمه، وإعادة بنائه. ونحن لا نريد مشاركة مع هذا النظام، وهذا ما جعلني، أقول أنه لم يعد لدينا استعداد للحوار مع هذا النظام، حتي ولو قبل شروطنا.
بعد طول غياب عن العمل داخل قوى الإجماع، ما هي المهام التي في صدارة أجندتك، وأنت قادم إلى عملك مرة أخري، في رئاسة الهيئة العامة لقوى الإجماع الوطني ؟