في مثل يوم أمس من العام الماضي، شهدت الحرب القبلية بين العرب والمساليت في مدينة الجنينة تحولًا كبيرًا بمقتل والي غرب دارفور خميس عبدالله أبكر، بعد معارك امتدت لأكثر من شهرين راح ضحيتها آلاف القتلى والجرحى.
الحرب في الجنينة بدأت شرارتها بعد تسعة أيام من اندلاع الحرب في الخرطوم في منتصف أبريل من العام 2023م، بعد أن استغلت استخبارات الجيش وقوات التحالف السوداني هشاشة الأوضاع الأمنية والاحتقان القبلي بين الإثنيات التي كانت بينها حرب قديمة وثأر متجدد.
نجحت الاستخبارات العسكرية في مخططها القميء في إشعال الحرب بين المساليت والعرب للفت الانتباه عن خسائرها الكبيرة في الخرطوم بعد أن أجرت عملية تسليم وتسلم لكافة المعدات العسكرية والآليات القتالية لجهازي الشرطة والمخابرات لمليشيات المساليت منذ اليوم الأول للحرب، بجانب سلاح المدفعية ومعه (7) دبابات.
الراحل خميس كان واليًا ضعيف الإمكانيات، عقيم التفكير، متطرف قبليًا، ظلت الاستخبارات العسكرية تتلاعب به كيفما تشاء واستخدمته معول هدم لمقدرات الولاية وتدمير مؤسساتها ونهب أموالها عبر حرب عبثية ظلت تستعر نهارها لأكثر من شهرين شردت أبناء الولاية وأجبرت مئات الأسر على النزوح واللجوء.
استغل بعض ضعاف النفوس وحارقي البخور والأرزقية من قادة النظام البائد قصر نظر خميس، وأحاطوا به كالمعصم متنعمين بإيرادات الولاية التي تقدر بأكثر من 800 مليار جنيه، وأكثر من ترليون ومائة وخمسون مليار جنيه تحويلات مركزية شهرية، وتمكنوا في فترة وجيزة من بناء قوة قتالية قبلية متعددة المهام وكان معلوم لتجار معارض السيارات في مدينة الجنينة أن أي سيارة دفع رباعي لا يمكن أن تتجاوزها أعين سماسرة خميس مهما ارتفع سعرها.
خميس لم يكن واليًا فقط، بل كان قائدًا للحرب من جانب المساليت بأذرعه المختلفة من قوات التحالف السوداني ومليشيات كولمبيا والكمرد. وذلك ما أكده رفيقه السلطان سعد عبدالرحمن بحرالدين، بعد فراره، حيث قال في تصريحات موثقة إنه كان قائدًا للحرب في اتجاه، وخميس قائدًا من اتجاه آخر، وبعد مضي (57) يومًا غادر سعد إلى تشاد لجلب الأسلحة والذخيرة لكنه سمع بمقتل الوالي قبل عودته.
ارتباط خميس بالحرب وقيادته لها لا تخطئها العين منذ أول وهله وحتى نهاية المطاف، توقفت الحرب بعد يوم واحد فقط من مقتله، وهذا يؤكد دوره الفاعل فيها، وطي صفحة سوداء في تاريخ غرب دارفور.
رغم أننا نرفض وبشدة ما حدث لخميس بعد مقتله والتمثيل بجثته، لكننا نؤكد أنه كانت له اليد الطولى في قتل أبناء الولاية وتشريدهم والتنكيل بهم وتدمير البنى التحتية. لأنه كان رئيس لجنة أمن الولاية، وقائد قوات التحالف السوداني، وراعي مليشيات الكمرد والكولمبيا، كيف لا وقواته وأمام أعينه قتلت ثلاثة من أبناء القبائل العربية بإطلاق النار عليهم في حضوره قبيل بدء الحرب واضطر لدفع الديات من خزينة الولاية.
ما حدث في غرب دارفور يتحمله المركز الذي عين رجلًا واليًا على هذه الولاية، وكل مؤهلاته أنه كان طباخا في أحد المطاعم في أوغندا ولم يعرفه أهل الولاية إلا بعد تعيينه.