أحمد زين يكتب: متى يَخرجُ الحزبُ الشيوعي من الحزب الشيوعي؟.
2020-11-10آخر تحديث 2020-11-10
19 2 دقيقةقراءة
أحمد زين
أحمد زين
أخيراً قرَّر الحزب الشيوعي السوداني، اتخاذ الخطوة الأكثر اتساقا مع مواقفه، ومع وضعه الراهن بانسحابه من تحالف الحريَّة والتغيير، بعد تجربةٍ شابَها الكثير من التعقيدات، منذ بداية تشكيل هذا التحالف المُتناقض في برامجه الفكريَّة وفي رؤاه السياسيَّة، والذي ظَنّ البعضُ أنَّ الاتفاق على إسقاط نظام الإنقاذ، كافياً لتوحيد هذه الأحزاب؛ ولكن أثبتت التجربة عكس ذلك، بل أثبتت أنَّ إدارة المرحلة الانتقالية، تحتاج لأكثر من العقليَّة الاحتجاجيَّة التي تتمتع بها معظم أحزاب التحالف.
فمنذ الأيام الأولى، اتضح أنَّ الحزب العجوز سيلعب لُعبته المُفضلة في المراوغة والفهلوة والادعاء بأنَّه هو الأحرص على أهداف الثورة، ودماء الشهداء ومصلحة البلاد، وهو سلوك يعتقد أنَّه يعطيه الأفضلية في نظر الجماهير، وهو اعتقاد خاطئ وبليد، ويدلّ على أنَّ الحزب يعيش في عالم مُتخيلٍ ليس له علاقة بالواقع.
ولكن على العُموم، تُعتبر خطوة خروجه من التحالف أفضل للطرفين، فوجود الشيوعي في تحالف الحريَّة والتغيير، كان بمثابة القيد في أرجلها لتعنته المستمر وخلقه للمشكلات وعدم رضاه عن أيّ شيء دون سبب.
وهي فرصة للحزب أن يُمارس لُعبته المُفضلة في المُعارضة والعكلتة والسلوك الاحتجاجي، الذي يُجيده جيداً.
ولكن السؤال الأهم هو متى يخرج الحزب الشيوعي من الحزب الشيوعي؟؟
فالحزب الموجود الآن هو حالة غيبوبة مستمرة منذ عقود، حالة من التوهان والتخبّط والاغتراب عن الواقع. في الأغلب بدأت بعد انقلاب هاشم العطا التصحيحي، وهجمة نظام مايو الشرسة والتي افقدت الحزب توازنه وقطعت رأسه وأطرافه، ومنذ ذلك الحين يعيش الحزب الشيوعي حالة أشبه (بحمار النوم) لايدري ماذا يفعل ولماذا يفعل، مخطوفٌ من نفسه لا يجيدُ سوى الابتزاز السياسي والتخوين والاعتراض على كلّ شيء والادعاء بالحرص على مصلحة الناس، وحده دون الآخرين، والإصرار دائماً على أنَّ العالم كله مؤامرة امبريالية بغيضة، تستهدف الطبقة وتطلعاتها، فلا رؤية سياسيَّة واضحة ولا برنامج فكريّ متماسك، ولا مُمارسة سياسية رشيدة، تقوم داخل هذا الكيان القديم. ولا أعتقد أنّ الحزب بوضعه الراهن يستطيع أن يلعب دور المُعارضة بإتقان، فهو جسم (معسم) والمعارضة نشاط يحتاج لمرونة ولياقة ذهنية حاضرة ورؤية سياسية منفتحة ومرنة.
ولإنَّ التجربة الديمقراطية، في الأساس تقوم على تعددية حزبية وممارسة سياسية رشيدة، يبقى انصلاح حال الأحزاب هو المخرج الوحيد من أزمة الحُكم في السودان.
وهو ما يحتاجه الحزب الشيوعي بشدَّة، حتى يستطيع لعب الأدوار التي تنشدها الطبقة العاملة، وحتى يستطيع أن يصارع قوى الإمبريالية العالميَّة.
لذلك نتمنى أن يخرج أحد أقدم الأحزاب السياسيَّة في السودان، من محنته ومن غيبوبته الحالية ويخرج إلينا حزب شيوعي جديد من حالة الغيبوبة هذه، يُساهم بشكل فعلي في انعاش البيئة السياسيَّة.