رأي

أيوب عثمان نهار يكتب: الأزمة السودانية وآفاق الحلول

23 نوفمبر 2024م

الأزمة السودانية هي أزمة اجتماعية، ثقافية، أمنية، سياسية، اقتصادية، وهي في جوهرها أزمة استعلاء عرقي وثقافي، ما يجعلها اجتماعية بامتياز، وذات طابع سياسي أمني اقتصادي في الوقت نفسه.

لفهم الأزمة السودانية والاختلالات التي صاحبت تكوين الدولة السودانية واستمراريتها، لا بد من تعريف الدولة السودانية القديمة “دولة 56”.

“دولة 56” هي عبارة عن عقلية ونمط تفكير، وهي الاستعلاء العرقي والثقافي ورفض الآخر. كما يمكن أن تعرّف بأنها تحالف الحلقة الشريرة بين الأفندي المدني والأفندي العسكري، يتم فيها تبادل الأدوار من خلال تسوية سياسية تعيد إنتاج نفس المشهد السياسي والأنظمة العسكرية الدكتاتورية أو أنظمة حكم مدني ديمقراطي مزيف وغير حقيقي.

“دولة 56” هي دولة النخب النيلية العنصرية الفاسدة مع ترميز تضليلي محدود، وهي الدولة القديمة التي تحافظ على طبقة اجتماعية بعينها من أجل الاستمرار في السلطة والحفاظ على الامتيازات التاريخية (الوظيفة، التعليم، المال، العلاج). وهي تضع شروط محددة من أجل الانضمام إليها، أولها أن تكون عنصريًا فاسدًا.

“دولة 56” هى الاستعلاء العرقي والثقافي والاجتماعي ورفض التعدد. يلخص نهجها وممارستها العدائية إزاء المجتمعات السودانية قول المخلوع البشير: “لو الغرابية إغتصبها جعلي ده ما شرف”، وقول الصادق المهدى: “البشير جلدنا”، بجانب موقف محمد جلال هاشم الذى تحول من أقصى اليسار ليدعم جيش الحركة الإسلامية اليمينية.

“دولة 56” هى خليط من الكذب والإفك والتدليس على الله والعالمين، وهي الاستبداد والطغيان والفساد والانتهازية والانحطاط القيمي والمجتمعي، حيث جعلت من الممكن أن يقود العقل الجمعي “منقب” غير معروف، والرأي العام يشكله نكرات لا وزن لهم.

أزمات الدولة السودانية القديمة:

تتمثل الأزمة الاجتماعية -التي أشرنا إليها- في الاستعلاء العرقي ورفض التعدد، وتكثيف خطاب الكراهية والتحريض القبلي واستهداف المكونات الاجتماعية عبر البراميل المتفجرة، وجز الرؤوس وبقر البطون والتمثيل بالجثث وتحويل الحرب إلى حرب أهلية عرقية مجتمعية شاملة.

والأزمة الثقافية متمثلة في الاستعلاء الثقافي ومحاولة فرض ثقافة واحدة في دولة متعددة الثقافات واللغات، والتلفزيون القومي خير مثال على السيطرة على الإعلام من قبل مجموعات عرقية محددة وتغييب متعمد للآخرين.

الأزمة الأمنية:

احتكار آلة العنف من قبل أقلية النخب النيلية من دون اتفاق على آليات لتقاسم السلطة والثروة ومن دون تفويض شرعي؛ نتج عنه جرائم الإبادة الجماعية، وإنتاج المليشيات. كما أن معيار الدخول إلى الكلية الحربية هو معيار عرقي وجهوي بامتياز.

الأزمة السياسية:

سيطرة أقلية النخب النيلية على القرار السياسي وممارسة الإقصاء والتهميش، رئاسة الجمهورية، الخارجية، الخدمة المدنية، الإعلام، النيابة، الدوائر الانتخابية، قيادات فاسدة، نقض الاتفاقيات والعهود.

الأزمة الاقتصادية:

سيطرة أقلية النخب النيلية على القرار الاقتصادي، الاستيراد والتصدير، البترول، الذهب، غالبية المؤسسات المالية، نهب ثروات البلاد والاعتراف بذلك، تنمية غير متوازنة نهر النيل والشمالية.

آثار الاختلالات:

أنتجت دولة فاسدة، عنوانها الأبرز هو الحروب وانعدام الاستقرار السياسي، فشلًا في إدارة الموارد والتنوع بعدالة، وفشلت في تحقيق التنمية المستدامة المتوازنة وفي تأسيس نظام حكم مدني فيدرالي وجيش قومي ودولة مواطنة دستورية.

دور الدعم السريع في ثورة ديسمبر:

الدعم السريع رفع راية الثورة والتغيير وتخلى عن الدولة القديمة وأسقط نظام البشير، ثم دعم “الاتفاق الإطاري” وتعرض إلى غدر وخيانة حرب 15 أبريل، وهو عبارة عن تحالف سياسي اجتماعي عسكري يقود ثورة شعبية مسلحة من أجل اقتلاع الدولة القديمة وتأسيس دولة جديدة على أسس عادلة.

رسالة إلى مجتمعاتنا فى دارفور وكردفان:

عليكم بنبذ خطاب الكراهية والفتنة القبلية، والعمل على حقن الدماء وعقد المصالحات والسلام المجتمعي وقبول الآخر ونشر الوعي وحسم المتفلتين وإنفاذ القانون من دون إستثناء.

رسالة إلى الشعب السوداني:

الدعم السريع لا يستهدف المدنيين على أساس عرقي كما يفعل الجيش، وهو حريص على أمن وسلامة المدنيين، وعازم على تخليص البلاد من قبضة الإرهابيين وقوى الردة والظلام وإعادة الحكومة المدنية التي تعيد مسار الإنتقال الديمقراطي والسلام الحقيقي الدائم.

أسس ومبادئ الحل الشامل:

1- التأكيد على وحدة السودان.
2- الأزمة السودانية هي أزمة اجتماعية وثقافية وأمنية وسياسية واقتصادية، يتطلب حلها تأسيس وبناء دولة جديدة على أسس عادلة، من خلال صياغة عقد اجتماعي جديد يشمل كافة السودانيين عدا فلول النظام البائد.
3- تأسيس وبناء جيش واحد مهني قومي، ينأى عن السياسة والاقتصاد.
4- أن يكون نظام الحكم مدنيًا ديمقراطيًا.
5- أن يكون نوع الحكم فدراليًا.
6- تأسيس وبناء دولة المواطنة السودانية المتساوية.
7- العدالة الانتقالية.
8- السلام العادل المستدام.
9- قيادات سياسية تمتاز بالنزاهة والشفافية والكفاءة.
10- علاقات خارجية متوازنة.
11- حوار سوداني سوداني.

الحوار السوداني السوداني يتم فيه الاستماع إلى كافة السودانيين والإطلاع على رؤاهم ومطالبهم وتصوراتهم عدا فلول النظام البائد، للوصول إلى تسوية تاريخية ترفع الظلم والتهميش عن الشعوب السودانية وتؤسس لدولة جديدة قائمة على العدالة والديمقراطية وتسودها قيم الحرية والسلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى