رأي

إبراهيم مطر يكتب: جثث الأطفال ورماد البيوت المحترقة في الزرق تكذب ادعاءات مناوي وحلفائه

إبراهيم مطر
إبراهيم مطر

كذبت جثث أطفال “الزرق” وبيوت القش المحترقة ادعاءات “مناوي” عن وجود قاعدة عسكرية لقوات الدعم السريع فيها، كونه عجز عن إبراز صورة واحدة لهذه القاعدة المزعومة كدليل على حقيقة وجودها، وفشل في إثبات أنه غنم عدداً كبيراً من السيارات القتالية – بلغت التسعين بحسب غرف الفلول الإعلامية – والذخائر، واستبان الناس أن معركته في البلدة التي تقع خارج دائرة الصراع، كانت مع المدنيين العزل من الأطفال والنساء والكهول، وقد أعمل فيهم القتل والاختطاف، وأحرق منازل المواطنين – التي هي في معظمها مجرد خيام – بعد أن قتل 47 منهم في إحصائية أولية للمرصد السوداني لحقوق الإنسان، وأحرق المستشفى وسوق البلدة المصنوع من القش، وكذلك مصدر المياه الوحيد، ليكتب مناوي بعدها على الوسائط: ” we got it”.

وقال مناوي في تغريدته إن القوة المشتركة “طهرت” مناطق كانت “مغتصبة” منذ ٢٠١٧، ما يشير بوضوح إلى أن الهجوم لا علاقة له بالحرب الحالية، بل يعود إلى نزاعات قبلية في سنوات خلت، أضمرها “مناوي” في نفسه، حتى منحته “حرب الإخوان” السلاح والفرصة لقتل القبائل العربية في دارفور، بإيعاز من حلفائه في الحركة الإسلامية، أول المستفيدين من اندلاع حرب أهلية في دارفور.

وبطبيعة الحال لا يمكن للمجتمعات العربية في دارفور نسيان المذبحة، أو أن تتصرف وكأن شيئاً لم يكن، بل من المؤكد أنها ستتخذ من التدابير ما يضمن عدم تكرار مثل هذه الجريمة، وهي في ذلك غير معنية بصراع الدعم السريع مع الجيش، ولا تخضع إلا لقواعدها الخاصة في رد العدوان، خاصة بعد إعلان “مناوي” الصريح، إن الهجوم ينتمي إلى حقبة ما قبل سقوط البشير، ما يفتح ملفات الصراع الإثني القديم على مصرعيها، وقد لا يكون ذلك في مصلحة مناوي، ولا قواته المتحالفة مع قتلة الحركة الإسلامية.

والأسبوع الماضي قال الإخواني المقرب من الأجهزة الأمنية “عبد الرحمن عمسيب”، وخلال نقاش له مع أحد مؤيدي القوات المشتركة: (نريدكم أن تقاتلوا الدعم السريع لتموتوا معاً، ومن سيتبقى منكم في نهاية المعركة، سنرسل له صانع الكباب العظيم، “ويقصد القصف بواسطة الطيران الحربي للجيش”. في حين استمر محاوره في مناداة عمسيب بـ”يا دكتور”)! وأنت تنظر فلا تجد سبباً لاستمرار تحالف الأعداء هذا، بعد أن بانت النوايا وطفح ما في نفوس الإخوان من خسة، وأخذ طريقه للألسنة ولكامل الإفصاح، لكن لله في خلقه شؤون.

وبينما كان جنوده يعملون القتل في أطفال ونساء “الزرق”، كان مناوي هناك في المغرب البعيد، يضع الزهور على قبر الشاعر الراحل الفيتوري، ويكتب بعض أبياته على منصات التواصل الاجتماعي، وما أن فرغ حتى هربت قواته. وعندما وصل “الفزع” لم يجد جندياً واحداً من القوات المعتدية، بل وجد آثار ما فعلوه، وقد تحولت البلدة إلى حرفياً إلى كومة رماد.

وعلى وسائط التواصل أعلن الفلول في فرح هيستيري، استيلائهم على قاعدة الزرق العسكرية، و”تحرير” البلدة، والاستيلاء على عدد كبير من الأسلحة والآليات. لكن الفيديوهات التي نشرتها قوات الدعم السريع من داخل سوق البلدة، ولم تظهر في الصور التي خرجت من موقع الحدث غير جثث الأطفال، ودكاكين “القش” المحترقة، وأكوام الرماد، فقفزت غرف الفلول الإعلامية بسرعة الضوء من “نصر من الله وفتح قريب”، إلى “والله لو فيها شجرة واحدة بس تتحرق”! وانتقلت قوات مناوي من رواية “سيطرنا على أكبر قاعدة للدعم السريع في الزرق فيها ثمان فرق عسكرية ومطار حربي”، إلى “حررنا الزرق التي كانت محتلة منذ العام 2017 “، بينما لا يزال قطيع “البلابسة” يردد: “غنمنا تسعين عربة قتالية من قاعدة الزرق العسكرية”!، وعن عبثية حرب “مناوي” ضد المدنيين في صحاري دارفور، حدث ولا حرج.

لم يستطع قادة الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش فعل أكثر من أن يكونوا أدوات لهدم النسيج الاجتماعي في السودان، في محاولة لنيل رضا من يصعب إرضائه من فقهاء الإسلاميين القتلة، يتقربون إليهم بدم الأبرياء من النساء والأطفال، في مشهد من مشاهد عبادة الشيطان المقززة، والتي تعافها الأنفس والعيون.

لم يترك مناوي سبيلاً للمجتمعات العربية في دارفور سوى قتاله، بعد أن تبين لهم إنهم يخوضون حرب وجود وفناء يتواطأ فيها حقد “النزاعات القبلية القديم” مع سلاح الدولة “المسروق”، فخان مناوي ثم غدر، ضارباً بعرض الحائط كل التفاهمات والاتفاقيات بين الإدارات الأهلية لقبائل دارفور، “أن لا ضرر ولا ضرار”، واستدعى الفظائع والمذابح والقتل على الهوية من غياهب التاريخ، ليفرضها من جديد، على إنسان دارفور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى