“البرهان أعجز من أن يقضي على الحركة الإسلامية”، قال اللص الملتحي “عبد الحي يوسف” في “قعدة” إخوانية في تركيا، كاشفاً النقاب عن أن “الحركة تجلس داخل مكتب البرهان”، ولم يوفر نقيصة إلا وألصقها بقائد الجيش، فوصفه بالكاذب، وبغير المحترم، وبالجبان، ما يوضح بجلاء، أن الحركة الإسلامية أرادت أن توصل للبرهان رسالة عبر “هارب تركيا الفقيه”، مفادها أن “كافة مفاصل الدولة بأيدينا اليوم”، و”إنك أعجز من أن تفعل ما من شأنه تغيير المعادلة، بعد اكتمال سيطرتنا على مفاصل السلطة، في كافة مناطق سيطرة الجيش.
وأكد “عبد الحي” لرفاقه في “القعدة” المتفق عليها، أن حرب الخامس عشر من أبريل ما قامت إلا لكي “تعيد للحركة الإسلامية ألقها”، مؤكداً على حقيقة أن المقاومة الشعبية في السودان ما هي إلا كتائب “جهادية” يقوم على تدريبها مجاهدون من الكتائب الجهادية التي شاركت في حرب الجنوب في تسعينات القرن الماضي. وأضاف:(لا فضل للجيش في ما حدث من انتصارات بل الفضل فيه للمقاومة الجهادية في السودان، والتي سميت بالشعبية لأن لفظة الجهاد أصبحت مزعجة).
ويبدو أننا على مشارف مفاصلة جديدة بين إخوان الشيطان، إذ لم يأت الفقهاء القتلة – ومنذ أن أشعلوا الحرب – على ذكر أن الهدف الرئيسي لها هو “إعادة الألق للحركة الإسلامية”، بل سموها بمعركة الكرامة، وحاولوا إقحام السودانيين فيها من جانب والتمكين لمليشياتهم مرة أخرى على صعيد إعادة التسليح والتدريب وترتيب الصفوف، إلى أن شهد شاهد من أهلها، هو “عبد الحي يوسف”، بعد أن وصل الصراع بينهم لحدود كسر العظم، فانكشف المخبأ من النوايا والجرائم في مشوار الإخوان الطويل، من أجل العودة للسلطة على الجثث والجماجم، ورغم أنف الجميع.
ولم يترك عبد الحي لداعمي الحركة الإسلامية – علناً أو من وراء ستار – سبيلاً للتمحك في كذبة “المقاومة الشعبية”، فأكد على الحقيقة التي لا تدع مجالاً لشك، من أنها مجرد “مليشيات جديدة” تتبع للقتلة، على الرغم من أن داعمي الحرب من غير الإخوان ظلوا طوال الأشهر الماضية، يقسمون جهد إيمانهم أنها تحرك “عفوي شعبي”، ليس وراءه حزب ولا أيدلوجيا دينية متطرفة.
أما عن قول “لص تركيا الهارب” إن من يتبنون تدريب هذه المقاومة هم من عناصر الحركة الإسلامية، فهي مما صرخ به المشفقون فور اتجاه المجرمين لتسليح المواطنين، لكن تمت مواجهتهم بعبارات من قبيل: (أنتم تريدون أن يبقى الناس بلا حماية حتى يستهدفهم الدعم السريع)، حتى صدح الكذوب بالحق في واحدة من لحظات التشفي التي تتطلب ذكر شيء من الحقيقة. وقديماً قيل “المكتولة ما بتسمع الصايحة”.
قال عبد الحي لرفاقه إن الحركة الاسلامية لا تثق بالبرهان، أولاً لأن “ليس عنده دين”، ولأنه هو من تسبب في الأزمة، بعد لقائه بنتنياهو، وشكك في ولائه للإخوان قائلاً أن اجتماعاً ضمه مع مسؤولين أمريكيين خلال زيارته لواشنطون تم التكتم الشديد على ما جرى فيه، في إشارة إلى أن الحركة الإسلامية قلقة من أنها لم تحط علماً بما دار في ذلك اللقاء. وتابع: (البرهان ليس له ميزة ولذا زهد فيه الناس وهو شخصية غير محترمة، يتفق ولا يفي، وسبق لوزير دولة في قطر أن قال له: “اسمح لي بأن أقول لك انك تكذب”).
وعلى الرغم من أن الخلافات بين إخوان الشياطين على كيفية إدارة الحرب لم تعد خافية، إلا إن هذا النوع من المباشرة والحدة وعبارات التهديد المختارة بعناية، تمثل مستوى آخر من الصراع، هو جدير بالمتابعة والاهتمام. وفي هذا ذهب البعض إلى أنه من الممكن أن تكون تصريحات الحركة الإسلامية والتي حرصت على إطلاقها عن طريق “عبد الحي”، هي مقدمة صحيحة لليلة سكاكين طويلة وشيكة بين الإخوان، إذا لم تمض الإمور بين قائد الجيش ومجموعة الناقمين عليه من ذوي النفوذ من قيادات الإسلاميين كما يشتهون.
لكن المؤكد أن لتصريحات “عبد الحي” ما وراءها، في فصل جديد من فصول الخلاف داخل الحركة الإسلامية، وطبيعة تحالفها “المعقدة” مع قيادة الجيش. أما داعمي الحرب من غير الإخوان، فقد أسقطت كلمات عبد الحي ورقة التوت عن سوءاتهم حتى بانت للعيان، ولا زالوا في غيهم يعمهون.