رأيمحمد الفكي

محمد الفكي يكتب: الحكومة تصنع داعشها

محمد الفكي

الحكومة السودانية صاحبة باع طويل في التعامل مع الحركات الإسلامية، اذ انتمت اليها ردحا من الزمن قبل ان تتحول الي ملك عضوض قوامه السوق، والأجهزة الأمنية، والمؤلفة قلوبهم من الساسة، والمرتزقة من حملة السلاح. والأجهزة الأمنية السودانية تمتلك ارشيفا ثريا لهذه الحركات وبالتالي لديها معلومات ثمينة حصلت عليها عبر العمل الأمني الدؤوب في مواجهة هذه الحركات دراسة وتغويصا” الأجهزة الأمنية السودانية لديها مصادر متعددة داخل الحركات الإسلامية المقاتلة ” وقد وفرت لها هذه المصادر معلومات تسربها الحكومة لجهات مختلفة بأغراض ارسال رسائل، او تبادل المعلومات، او بيعها مقابل مواقف سياسية ومالية. تابعت المعركة التي نشبت بين الطيب مصطفى وشمائل النور في أولها، وكيف تدخل محمد علي الجزولي المعروف بأمير داعش بصورة فنية وحول مسارها من على منصة منبر احد المساجد متوعدا شمائل وشبكة الصحفيين بالويل قائلا ان شبكة الصحفيين هي مجموعة من الشيوعيين. لا يمكننا ان نصدق ان الجزولي يخطب من منبر المسجد رغما عن انف الحكومة، فالحكومة واجهزتها الأمنية تترصد حتى الحوارات الدينية في الصوالين المغلقة، ولأيمكن ان تترك منصة المسجد لشخص يتحدث باسم داعش حتى يجيش الناس ضدها، فخطاب داعش يستهدف السلطة في الاساس وليس المعارضة، لان تنظيم الدولة يريد ان يهزم دولة الالحاد ويشيد دولة الايمان فماذا يفعل بشبكة الصحفيين وغيرها من المجموعات التي تخوض كفاحها من اجل تكوين اجسام نقابية لخدمة منسوبيها، كما ان المجموعات السلفية الجهادية تتوجه بسلاحها دائما نحو المجموعات ذات الخطاب الإسلامي الأقرب اليها، فما بالك اذا كانت هذه المجموعة حاكمة وتوظف الخطاب الإسلامي بصورة فجة . ترصد الجزولي للشيوعيين في خطابه يوضح مدى ارتباطه بالسلطة الخارجة من رحم الاتجاه الإسلامي في الجامعات والتي بنت خطابها بصورة أساسية على معاداة الحزب الشيوعي، فمتابعتي لخطابات قيادات تنظيم الدولة لم اجد مثل هذه التصنيفات الغارقة في السياسة فللسلفية الجهادية تصنيفات نابعة من خطابها السلفي وليس مثل هذه التصنيفات المستلة من قاموس العمل السياسي، كما ان الإشارة لشبكة الصحفيين والادوار التي تقوم بها تفضح بجلاء محرك المعركة. الحكومة السودانية تصفي حساباتها مع القوى الديمقراطية عبر ارعابهم بالذبح الذي توفره داعش، وترسل رسائل للعالم الخارجي ان أي محاولات لزحزحتها فان البديل الذي سيملأ الفراغ هو الجماعات السلفية التي التهمت دولا قماشتها اكثر متانة من السودان المترامي الأطراف. و بخلق داعش حكومي في الداخل ستملأ الحكومة فراغ داعش الحقيقية. فالسودان نظريا من اكثر الدول المستعدة لاستقبال داعش، فالظلم والفقر وضعف المشاركة السياسية وغياب الامل وضعف الخطاب الديمقراطي وغيرها من حواضن خطاب التنظيم الجهادي متوفرة، لذلك فان ما تقوم به الحكومة يعرف عند دهاقنة التسويق بنظام تقطيع السوق ، أي ان تقوم بمنافسة نفسك بدلا ان يأتي اخر لملء هذا الفراغ. يتنقل الجزولي امير داعش المزعوم بين عدد من الدول بسهولة كبيرة، وتتمتع أجهزة مخابرات هذه الدول بسجل مميز في حربها ضد تنظيم الدولة، فاذا لم يكن الرجل يحمل بطاقة معينة، فكيف يعبر تحت كل هذه الرادارات؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى