بواقع (135 صوتاً) أجاز نواب البرلمان مقترح الإلغاء، مع مقابل (84 صوتاً) انحاز لصالح المحسوبية المسماة بحج المؤسسات.. إلغاء حج المؤسسات أفضل قرار اتخذه برلمان الدورة الحالية.. وكما تعلمون فان حج المؤسسات كان مخصصاً لبعض العاملين في الخدمة العامة بنهج (الخيار والفقوس).. ولذلك، ظلت الصحف تطالب – وزارة الإرشاد والهيئة العامة للحج – منذ عقود بالغاء هذا النهج المعوَج حتى يتساوى الجميع أمام قانون ولوائح وتكاليف وفرص الحج .. ولقد أحسن البرلمان عملاً بهذا الإلغاء، ولكن العبرة في مراقبة التنفيذ ..!!
:: ومع إلغاء حج المؤسسات، ألزم البرلمان وزارة الارشاد والأوقاف بوضع جدول زمني لخروج الحكومة من إجراءات تنظيم الحج والعمرة نهائياً، وهذا أيضاً من المطالب القديمة جداً.. ولو كانت السلطات الحكومية المسؤولة عن الحج – و هي وزارة الارشاد والهيئة العامة و والقطاعات الولائية – تتقن تنظيم الحج، لما طالبوها بالخروج .. لدولة ماليزيا التي يزورها ولاة أمورنا سواحاً تجربة فريدة في تنظيم الحج، ولكن للأسف السادة الزوار لا ينقلون من ماليزيا تجاربها الناجحة، وكأن قدرنا معهم أن يكتفوا من الزيارة بنقل بنقل الأثاثات .. !!
:: ماليزياً تُفوِّج سنوياً إلى بيت الله العتيق ما يقارب عدد حجاج السودان (30.000 حاج)، بمنتهى الهدوء.. ثم بدقة حدها أن المواطن الماليزي لا يعلم بخبر اختياره لأداء مناسك الحج إلا قبل ثلاثة أسابيع فقط من موعد إقلاع طائرته.. إذ هناك قوائم بطرف السلطات، والسلطات هي التي تختار من – تلك القائمة – حجاجها وفق معايير (لا تظلم مواطناً).. وسواسية هناك الفقير والغني في الاستطاعة، فالتكافل – عبر صندوق توفير الحج – هو الوسيلة التي تجعل كل فرد بالشعب الماليزي (مستطيعاً).. تفوجهم السلطات زُمراً ثم تعيدهم زُمراً، ويكونون قد أدوا المناسك بلا توهان أو ضياع أو (سب ولعن).. !!
:: وليست ماليزيا وحدها، بل معظم دول العالم، تبتكر – سنوياً – من الوسائل والنظم ما تيسر بها شعيرة الحج لأفراد شعبها.. فالدول تمضي – بعقول أجهزتها ونزاهة سلطاتها – نحو عوالم أضحت تدير كل أمور شعوبها – بما فيها حج حجاجها – بسلاسة ومصداقية، بيد أن عقول أجهزة دولتنا لا تزال تعمل بنهج (اللت والعجن).. ولذلك، ليس في الأمر عجب أن يصبح موسم الحج في بلادنا هماً للحاج وغماً لأسرته.. ثم أن التكاليف صارت ترهق حتى المستطيع، ومردها أن مؤسسات الدولة تنتظر هذا الموسم – كما الذئاب – لتفترس الحاج بالرسوم والجبايات.. !!
:: ومنذ سنوات، تطالب الصحف بحل الهيئة العامة للحج والعمرة، واستبدالها بإدارة – في الوزارة – تؤدي فقط دورها السيادي والتنسيقي مع السلطات السعودية حول حصة السودان، ثم توزيعها على الولايات..ولكن الحكومة تعشق تأسيس الكيانات ذات المهام الموازية لمهام (الوزارات والولايات)، ولذلك لم تحل الهيئة العامة للحج، بل حولتها إلى الوزارة بذات السلطات الموازية لسلطات الولايات..وطلب البرلمان بخروج الحكومة من الحج هذا سير في (الاتجاه الصحيح)، أي تقزيم لسلطات الوزارة – وإداراتها – بحيث تكتفي بدورها السيادي ، ولاتزاحم الولايات والوكالات في (الأدوار التنفيذية)..وهذا ليس بحاجة إلى جدول زمني، فليكن الخروج من حج هذا العام ..!