رأي

سعد الدين الماحي يكتب : انتصارات دواعش السودان المزعومة .. الني للنار!!

بعد عامين – تقريباً – من اندلاع الحرب في السودان، وبعد أن فر الجيش إلى أقاصي الشرق، وأطلق يد كتائب الحركة الإسلامية لتستبيح الشعب السوداني قتلاً وتعذيباً واعتقالا وسلباً لحق الحياة في محاكم الإخوان الجزافية، أطلقت غرف الفلول الإعلامية أكاذيباً قديمة متجددة عن انتصارات متوهمة، أرادوا لها أن تأتي بالتزامن مع تحرير “الفاشر” من قبل قوات الدعم السريع. لكن أكاذيبهم هذه لم تعد تجدي فتيلاً في عالم اليوم، حيث وسائط التواصل التي فضحت افتراءاتهم، ووثقت لجرائمهم، وشبهتها في كثير من الحالات بجرائم “داعش”، بل “تفوقت عليها في كثير من الحالات بارتكاب جرائم فاقت في بشاعتها حد التصور”، كما قال شاهد عيان من مدينة ود مدني، غداة دخول كتائب الملتحين القتلة إليها ليعيثوا فيها فساداً، ويقتلوا الناس على الظن والاشتباه، وعلى أسس إثنية وعرقية.

شعر القتلة من مجرمي الحركة الإسلامية بالنشوة، لمجرد تمكنهم من السير في شارع كانوا محرومين من المرور فيه لعامين بأمر الدعم السريع، وسرعان ما قفزوا إلى شتم ثورة ديسمبر وثوارها. قال أحدهم: “تاني مافي ثورة ديسمبر، في ثورة لا إله إلا الله بس”! مما يقود لنتيجة حتمية ووحيدة، وهي إن هذه الفئة “الداعشية” المستفيدة من استمرار الحرب والطامعة في الانفراد بالسلطة، لن ترضى بتوقف القتال، ولا بأن تمضي أي مساع للحل السلمي إلى غاياتها، بل هم في غيهم سادرون، يجتهدون في تأكيد انتمائهم وولائهم لمختلف الجماعات الإرهابية المتطرفة في العالم من خلال رموز يرتدونها، أو شعارات يرفعونها – منها وللغرابة شعار رابعة الذي يرفعه إخوان مصر – بغرض خلق أكبر عزلة للسودان، تمكنهم من أن يقيموا فيه ما يشبه نموذج “الرقة” السورية أو “الموصل” العراقية، ولو أدى ذلك لتفتيت وتحلل البلاد.

وبالحديث عن “داعش” وفي يناير من العام 2014، تمكن التنظيم الإرهابي المتطرف من السيطرة على مدينتي “الفلوجة” و”الرمادي”، العراقيتين، وكذلك العديد من مناطق محافظة الأنبار. وفي العاشر من يونيو من ذات العام، تمكن التنظيم من السيطرة على مدينة “الموصل”، وكذلك على منشآت حيوية في المدينة من أهمها مبنى محافظة نينوى والمطار، وقنوات تلفزيونية، وأطلقوا سراح ألف سجين من السجن المركزي، مثلما فعل إخوان الشياطين في السودان غداة إشعالهم حرب الخامس عشر من أبريل، بل وفاقت انتصارات “داعش” في العراق انتصارات قتلة الحركة الإسلامية السودانية خلال عامين من الحرب. حتى إذا أخذت دويلة “داعش” زخرفها في العراق وازينت، وظن الدواعش أنهم قادرين عليها، فرضوا الجزية على المسيحيين واختطفوا الأيزيديات من بيوتهن واغتصبوهن وباعوهن في أسواق نحاسة أقاموها داخل “الموصل” تحت سمع وبصر العالم، قبل أن يأتيهم أمر الشعب العراقي، فيجعل المدينة عليهم “حصيداً كأن لم تغن بالأمس”، وما ربك بظلام للعبيد.

ففي السادس عشر من أكتوبر للعام 2016 أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بدء العملية العسكرية لإستعادة السيطرة على مدينة الموصل من داعش قائلاً: “لقد أزفت الساعة لطرد الظلاميين”، وسرعان ما انهارت الدويلة الداعشية الكذوب وتساقطت كقطع الدومينو، فقتل أمير داعش في العراق “أبو بكر البغدادي”، وأعدمت زوجته بعد محاكمة عادلة، لتصير “داعش” في العراق أثراً بعد عين.

أما دواعش السودان الذين يعتمدون على رعب الناس من فيديوهات جرائم الذبح وقطع الرؤوس وبقر البطون وأكل الأكباد واستفظاعهم لها، فنقول لهم إن أخوة لكم قد سبقوكم لهذا من قبل في العراق وفي غيرها، كانوا أعز منكم نفراً وأكثر هوساً وشكيمة وقدرة على القتال، داستهم الشعوب تحت أقدامها وهي تمضي باتجاه الأمام بشهادة التاريخ القريب. وأنت قد تستطيع إرهاب الناس حيناً من الدهر في عهد يكون طابعه “الغفلة” كما هو الحال في السودان اليوم، لكن بالتأكيد لن يبقى لهؤلاء القتلة وجود ولا ذكر في أرض السودان، أوان الانتباه.

الطريق إلى السلام في السودان يمر بالضرورة عبر جثث هؤلاء “الدواعش” ولا غير، إن أراد السودانيون أن يخرجوا من مستنقع الحروب هذا مرة وإلى الأبد، وأن يضعوا بلادهم في مصاف الدول التي تمني إنسانها بالحياة والحرية والعدالة. والوصفة المجربة والناجعة للتعامل مع هؤلاء، هي القتال بلا هوداة حتى آخر داعشي إرهابي، وأن تقام لمن يبق منهم على قيد الحياة محاكم خاصة، ترد فيها الحقوق لأصحابها، وتحكم على المسيء بما هو أهل له من عقاب، إذ أن الانتصار على هؤلاء – وبحكم التجربة – لا يعني سوى القضاء عليهم حرفياً، وعلى أتم وجه. ألا لعن الله إخوان الشياطين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى