حتى يغادر القائمة الأمريكية.. السودان يقدم ولم يستبق شيئاً
2024-07-15آخر تحديث 2024-07-15
21 4 دقيقةقراءة
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك يستقبل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في الخرطوم اغسطس 2020م
الخرطوم: عماد النظيف
يتنظر الشعب السوداني بفارغ صبر، الإثنين 14 ديسمبر القادم الموعد المضروب لرفع أسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بعد سنوات عجاف ذاق فيها أقسى أنواع المعاناة بسبب الحصار الأمريكي.
وقدمت الحكومة الإنتقالية مجهودات كبيرة لكي تصل لهذا اليوم أبرزها الدخول في حوار عميق مع الإدارة الأمريكية مستخدمة الطرق الدبلوماسية ودعم أصدقاء السودان، كما اتفقت مع الإدارة الأمريكية على رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بالتزامن مع دفع تعويضات لأسر ضحايا تفجير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام في عام 1998، وعن حادث البارجة الأمريكية “يو إس كول” قرب شواطئ اليمن في عام 2000، والتي تتهم الولايات المتحدة نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير بالضلوع فيها.
مجهودا كبيرا
يقول أستاذ العلاقات الدولية بمعهد الدراسات الدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية السودانية عبد الرحمن أبو خريس إن السودان منذ بداية الثورة بذل مجهودا كبيرا جداً لإزالة أسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب وهذه الجهود تمثلت في بعدين: البعد الأول عبر الإتصال الدبلوماسي بين الإدارة الأمريكية والحكومة السودانية، وفي ذات الوقت السعي الدبلوماسي الكثيف للحكومة الإنتقالية وحث أصدقاء السودان على المطالبة برفع أسم السودان من قائمة الإرهاب، بجانب استفادة الحكومة من علاقاتها مع السعودية والإمارات العربية المتحدة لمساعدة في رفع اسم السودان.
الإتصال المباشر
أما البعد الثاني –بحسب أبو خريس- فقادته الحكومة السودانية بمفردها حيث قامت بجهود كبير حداً في الإتصال المباشر بضحايا السفارتين، وحاولت أيضا أن تتلمس أهم الأسباب التي تقرب من رفع أسم السودان من القائمة الأمريكية السوداء تتمثل في دفع مبلغ (70) مليون دولار لضحايا المدمر أكول و(335) مليون لضحايا السفارتين. وقال أبو خريس إن السودان سعى سعيا حثيثا في البعدين العلاقات الثنائية ودفع التعويضات لكي ينجو من قائمة الأرهاب والتفاعل بشكل كبير مع المنظومة الدولية، ولكن الشاهد على ذلك كل اتصالات لم تفلح أو تثني الإدارة الأمريكية من أن ترفع أسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب إلا عندما أقام علاقة مع اسرائيل.
زعبم تنظبم القاعدة أسامة بن لادن
وبسبب إيوائه مجموعات وشخصيات إرهابية على رأسها زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، تم إدراج السودان في عام 1993 في القائمة الأمريكية التي تضم أيضاً إيران وكوريا الشمالية وسوريا.
حصار آخر
وحول ما يجب أن يكون عليه السودان حتى لا يعود إلي مثل تلك القائمة مجددا؟ يجب أبو خريس قائلاً: العودة الى قائمة الإرهاب بإنتهاج سياسات ايدولوجية ففي السابق كان إنتهاج الإسلام السياسي هو السبب المباشر في إدخال السودان في تلك القائمة والآن في الحكومة الإنتقالية إذا برزت فيها الايدلوجيا القومية العربية أو الشيوعية مثلا بالتأكيد ستظل قائمة الإرهاب قائمة، لأن أمريكا لا تقبل غير الايدولوجية القائمة على السياسة اللبيرالية، وطالب أبو خريس بإنتهاج سياسة معتدلة وعدم التطرف الغلو وعدم السير في مسار تبني الايدلوجيا الذي يمكن أن يرجع بالسودان الى قائمة الإرهاب او يلقي به في أتون حصار آخر.
وبحسب إحصائيات تقديرية تسبب هذا الإدراج في خسائر بنحو 300 مليار دولار للسودان الذي يعيش أوضاعا اقتصادية بالغة التعقيد بعد الإطاحة بنظام الحركة الإسلامية في أبريل 2019.
تحديات ومخاطر
ورغم أن الجهود الدبلوماسية التي بذلها السودان في سبيل رفع أسمه من قبل قائمة الإرهاب والتي بدأت في عهد الرئيس المخلوع الذي قدم تنازلات كبيرة وكان يمكن أن يطبع مع اسرائيل إذا لم يسقط بثورة شعبية ،في سبيل البقاء في سدة الحكم، غير أن جهود الحكومة كانت ناقصة بحسب الحكومة الأمريكية التي عرضت التطبيع دولة الكيان الصيهوني مقابل رفع السودان من لائحة الارهاب. وهذه الصفقة يبدو أن الكل مستفيد منها: فالسودان سيتم شطبه من قائمة العقوبات الأمريكية. وإسرائيل ستحصل على حليف إضافي في العالم الإسلامي. أما الولايات المتحدة الأمريكية فتحصل على ملايين الدولارات من السودان لتعويض ضحايا اعتداءات إرهابية، لكن عند الإمعان نلاحظ بأن الاتفاق ينطوي على تحديات ومخاطر أيضا بالنسبة للسودان.
اتجاهات الخروج
المتخصص في العلاقات الدولية إسمهان إسماعيل قالت لـ(الجماهير) بذلت حكومة السودان الانتقالية جهودا مقدرة للخروج من القائمة السوداء للدول الراعية للارهاب لأن العقوابات تؤثر سلبا على الاقتصاد وتعزل السودان عن المجتمع الدولي وتعرقل التمويل الدولي والاستثمارات الخارجية، ومنذ مجىء الحكومة الانتقالية ما بعد ثورة اكتوبر المجيدة تحرك السودان في العديد من الاتجاهات للخروج من هذه القائمة منها الاستعانة ببعض الدول الاقليمية ذات الثقل الدولي وعلى راسها الامارات العربية والمملكة السعودية وكذلك استعان بالمنظمات الاقليمية كالاتحاد الافريقي والجامعة العربية والبرلمان العربي وجميعها دعمت رفع العقوبات عن السودان على المستوى الدولي. وأشارت إلى مطالبة السودان لمنظمة الامم المتحدة لمساندته على رفع العقوبات وفعلا طالبت الامم المتحدة في العديد من المحافل بتسريع رفع اسم السودان من قائمة الارهاب وان كانت كل المحاولات لم تؤتي اكلها حتى محاولات الدول الاوربية لم تبارح مكانها على المستوى الداخلي فاتجهت الحكومة بحسب أسمهان لحلحلة كل القضايا التي تسهل من رفع العقوبات عن السودان منها إلغاء القوانين المقيدة للحريات مثل قوانين النظام العام وقوانين الاسرة والطفل والقوانين المتعلقة بحرية الاديان.
وعدت أسمهان أن الحذف الامريكي لاسم السودان من قائمة المراقبة الخاصة بالحريات الدينية يشير للمجهودات الكبيرة التي بذلتها الحكومة الانتقالية للخروج من الحظر الامريكي وكذلك اتجهت الحكومة لتحقيق السلام في السودان تكلل باتفاق جوبا الذي انهى عقودا من القطيعة بين الحكومة والعديد من الحركات المسلحة السودانية ولا تزال الحكومة ماضية في اتجاه تكملة ملف السلام لضم كل حركات الكفاح المسلح، وكذلك اتجه السودان لتطبيع العلاقات مع دولة اسرائيل والتي كانت مصنفة كعدو ويعتبر السودان من اكبر داعمي القضية الفلسطينية علي مر الحكومات المتعاقبة وقد خطا السودان خطوات واسعة في اتجاه التطبيع وزيارة الوفد العسكري الإسرائيلي للسودان مؤشر علي ذلك والتطبيع الإسرائيلي هو احد شروط رفع السودان من قائمة الارهاب.
فك عزلة السودان ستساهم في حلحلة مشاكله الاقتصادية
وحسب محللين آخرين فإنه من الواضح ان الحكومة السودانية تحركت في عدة محاور داخلية وخارجية لرفع الحظر الامريكي وفك عزلة السودان الدولية التي ستساهم في حلحلة مشاكله الاقتصادية التي تفاقمت واصبحت مهدد قوي لاستمرار واستقرار الفترة الانتقالية وعلي ما يبدو ان السودان ماض في الاتجاه الصحيح لرفع العقوبات المتوقع قريبا.
الحريات الدينية
وتعدد تماضر الطيب وهي أستاذة علاقات دولية بجامعة الخرطوم الجهود التي بذلها السودان تتمثل استيفاء الشروط المتعلقة بالحريات الدينية وحقوق الانسان والسماح بعودة النازحين المنظمات، وتستبعد في حديث لـ(الجماهير) عودة السودان مجددا لقائمة الإرهاب لأن السودان وضع في هذه القائمة نتيجة لخروقات قام بها النظام البائد، بجانب ممارسات غير منطقية للمجتمع الدولي، لكن هذة الحكومة تريد بناء علاقات متوازنة على صعيد الاقليمي والدولي .