رأي

حراك ماقبل ٣ يونيو… قوى الحرية والتغيير في مواجهة تحدي – سؤال:”ما العمل؟!”

 

بقلم:عبدالله رزق
abusimazeh@yahoo.com
في بادرة لا سابقة لها، في العامين السابقين، اجتمع المجلس المركزي، لقوى الحرية والتغيير، بنائب رئيس مجلس السيادة، الفريق محمد حمدان حميدتي، يوم ٢٦ من مايو الجاري، ثم أعقبه، بعد ما لايزيد عن ٢٤ ساعة، باجتماع اخر مع رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، إثر عودته من جوبا، عاصمة جنوب السودان، حيث شارك في الجلسة الافتتاحية لمفاوضات السلام، بين حكومة السودان، والحركة الشعبية-شمال، بقيادة عبدالعزيز الحلو.
الاجتماع الأول مع حميدتي، تم فيما يبدو، بطلب من حميدتي، وبمبادرة منه. فيما كان المعلن، وفق ماتردد في السوشال ميديا في وقت سابق، هو طلب حميدتي، لقاء مع تحالف قوى الإجماع الوطني. لكن لم يتضح بعد لماذا تحول لاجتماع أوسع إطارا، مع تحالف قوى الحرية والتغيير، ممثلة في المجلس المركزي، وعما إذا كان لذلك إثر في تعديل الأجندة، حيث برز على سطح التوقعات احتمال طرح حميدتي مبادرة للصلح بين المجلس المركزي، وحزب الأمة، إثر خلافهما حول مبادرة الأخير لإصلاح التحالف، واعادة هيكلته. غير أن مشاركة الأمة، من خلال رئيسه، اللوا(م) فضل الله برمة ناصر، في الاجتماع مع حميدتي، ثم مع البرهان، تاليا، تشي بتجاوز الحزب للخلاف.
أما الاجتماع الثاني مع البرهان، الذي جاء، في الغالب، كامتداد للأول، فقد برز كمبادرة من المجلس المركزي،تعبيرا عن انتقال فعل المبادرة من حميدتي للمركزي. غير أن البيانات والتصريحات التي صدرت بشأن اللقائين، كانت موغلة في التعميم والتعتيم،كشان أعمال السلطة الإنتقالية، بكل مستوياتها، مما وسع الهوة بينها وبين المواطنين، من جهة، ووفر مساحة ومناخا مواتيا لمناورات قوى الردة، ونشاطاتها، من الجهة الأخرى.
فقد “وصف حميدتي الاجتماع مع قحت بأنه ناجح وشفاف وواضح، تم التوصل فيه لتفاهمات في جميع قضايا الفترة الانتقالية، وأهمها معاش الناس والتحول الديمقراطي وتحقيق أهداف الفترة الانتقالية.” ومن جانبه ” وصف مقرر المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، كمال بولاد، اللقاء مع الفريق حميدتي بانه ممتاز وسيكون له تأثير كبير في استكمال مهام الفترة الانتقالية. “
وقال الفريق أول عبدالفتاح البرهان، في تصريح صحفي، عقب اللقاء مع المجلس المركزي:” انه تم الاتفاق على مبادئ هادفة من أجل تنفيذ المرحلة الانتقالية، مؤكدا ان الجميع متوافقون علي وحدة قوي الثورة، ونبذ الخلافات وتوحيد الرؤى لتجاوز التحديات. ومن ناحيته، ” ابان الاستاذ كمال بولاد مقرر المجلس المركزي للحرية والتغيير، ان اللقاء ناقش تحديات المرحلة الانتقالية، وتم فيه إدارة حوار عميق تم التوصل من خلاله الي عدة نقاط أساسية، تصلح بأن تكون برنامج للمرحلة القادمة، وعلى راسها وحدة البلاد واستقرارها وامنها ووحدة مكونات قوي الثورة حتى تكتمل مهام المرحلة الانتقالية، و العمل بتنسيق وانسجام في ظل الظروف والتحديات حتى يتم تجنيب السودان المنزلقات والسيناريوهات الضارة باستقراره. وقال بولاد: أن أعضاء المجلس المركزي سمعوا حديثا طيبا من الرئيس البرهان حول الاهتمام بمعاش الناس ومعالجة المعاناة التي ظلت تشكل هما كبيرا ومشتركا للجميع.”. من هذه التصريحات المبهمة، يمكن الاستنتاج، بأن الأطراف لم تتمكن من التوصل لاتفاق على مصفوفة، تستند إلى إعادة ترتيب الأولويات، والتي تشكل عظم ظهر المطالبات والاحتجاجات الشعبية، في الشارع، واهمها : تسليم مطلوبي المحكمة الجنائية الدولية إلى لاهاي، والإسراع في التحقيقات، والمحاكمات، وإنفاذ الأحكام الصادرة في عدد من القضايا الجنائية، تحقيقا للعدالة، واستكمال المنظومة العدلية، بتكوين مجلس القضاء العالي، والمحكمة الدستورية، واستكمال بنيان السلطة الإنتقالية بتكوين المجلس التشريعي والمفوضيات والولاة، وإنشاء جهاز الأمن الداخلي بعد إجازة قانونه، والإسراع في إنفاذ الترتيبات الأمنية، بدمج قوات حركات الكفاح المسلح في القوات المسلحة، وتفكيك المليشيات، وجمع السلاح، وبسط الأمن في كل أنحاء البلاد، بجانب وقف التدهور في الأوضاع المعيشية للمواطنين، واحتواء الأزمة الاقتصادية باجراءات ملموسة استنادا للبرنامج الإسعافي وتوصيات المؤتمر الاقتصادي… الخ
وهي المهام العاجلة التي تنتظر استجابة مماثلة من الحكم. وهي التي يتمحور حولها، الصراع السياسي والاجتماعي خلال الفترة الراهنة، والتصعيد والتصعيد المضاد.
تجيء هذه التحركات، للمجلس المركزي، على مرمى هتاف من ٣ يونيو، ذكرى فض اعتصام القيادة عام ٢٠٢٠ بموازاة تحركات نشطة تقوم بها بعض الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، على خلفية مبادرات تستهدف إصلاح التحالف، أو حتى تجاوزه لصيغة جديدة، منها مبادرة حزب الأمة، ومبادرة العودة لمنصة التأسيس، وتحالف البديل الديموقراطي.. الخ،
ورغم تعدد أطراف هذه المبادرات، وتباين توجهاتها السياسية والفكرية، الا انها تلتقي، بشكل أو آخر، في الموقف السلبي من تحالف قوى الحرية والتغيير، ومن السلطة الإنتقالية، حد الدعوة لإسقاطها. كما تتزامن مع الدعوة للتصعيد، التي تتبناها بعض لجان المقاومة، تحضيرا لحراك ٣يونيو، والذي تعتزم العديد من القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، الاحتفاء بها، بطرائق مختلفة،
وبين هذا وذاك، وفي منطقة يتداخل فيها حابل الثورة، بنابل الثورة المضادة ينشط تيار بقايا النظام السابق، في الاستثمار في بعض هذه التحركات، واستغلالها لتمرير مخطط الردة. وقد كشفت لجان المقاومة بالجريف شرق، بعض أوجه هذا المخطط، الذي ينحو لتحويل الاحتجاجات السلمية المشروعة نحو العنف، عبر(انفلاتات أمنية منظمة ومرتبة) تقوم بها (عصابات مجهولة، معلومة المصدر) حسب بيان للجان المقاومة ،وهو امر يحتم على مجموع قوى الثورة، من أحزاب سياسية وتنظيمات المجتمع المدني ولجان المقاومة وتجمعات أسر الشهداء، تطهير صفوفها من هذه العناصر المندسة، التي كشفت عنها الأحداث، وتعيين الحدود الفاصلة بين خندق الثورة، وخندق الردة.
قبيل ٣ يونيو، يبدو تحالف قوى الحرية والتغيير، والسلطة الانتقالية، في سباق مع الآخرين، ومع الزمن، لأجل استعادة ثقة الشارع المهموم باعباء ضيق العيش وانفراط الأمن، ويترقب، بدوره، حتى ذلك الحين، ما يتعدى التصريحات المجانية، الأفعال لا الاقوال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى