شمائل

حيا على الفساد..!!

شمائل النور
تقرير المراجع العام- الذي تداوله البرلمان الأسبوع الماضي- مرّ كغيره من تقارير المراجع العام السنوية، بل وكغيره من أي تقارير دورية، تذهب إلى الأدراج، وينتهي بها الحال أن تتحول إلى مساكن للعنكبوت.
تزامناً مع تقرير المراجع العام ورشة كبرى عن الفساد والشفافية، أقامها كرسي النيلين لحكم القانون ومكافحة الفساد، خلصت إلى أن الحصانات هي العائق الوحيد- ووفقاً- لوكيل وزارة العدل السابق، عبد الدائم زمرواي فإن قانون الشفافية والاستقامة ومكافحة الفساد لن يقدم خطوة باتجاه المحاسبة، وقانون الاستقامة- هذا- ثار حوله جدل كثيف بشأن المادة (25) المتعلقة بإلغاء الحصانات حينما أعاد الرئيس القانون إلى البرلمان بعد الموافقة عليه، ليتم إلغاء المادة المتعلقة بالحصانات.
وهكذا أصبح القانون الجديد حامياً بدلاً من أن يكون مسهّلاً لمكافحة الفساد، ورغم الانتقادات الكثيرة التي وُجهت إلى قانون الشفافية والاستقامة، إلا إن المتتبع لكل ملفات الفساد- التي أُثيرت- فليس ثمة مشكلة كبيرة في القوانين؛ فهناك أطنان من القوانين لم تُطبق منها مادة واحدة، هناك قانون لمكافحة الثراء الحرام، والمشبوه، قانون المراجعة القومي، القانون الجنائي، قانون غسيل الأموال، والجمارك والشركات.. كلها موجودة قبل قانون الشفافية والاستقامة، لكن هل تُطبق؟.
مرة ثانية وثالثة وألف، هل مشكلتنا قانون، أم تطبيقه؟.. عام 2014م وقف وزير العدل أمام البرلمان، ولم يجد حرجاً في أن يشكو عجز وزارته في بسط العدل، وقالها بالحرف (جهات عليا مارست ضغوطاً لسحب ملف الأقطان من المحكمة وإخضاعه إلى لجنة تحكيم)، والجهات العليا هذه، من بينها شيخ حافظ القرآن وملتحي، سعى حثيثاً من أجل لملمة ملف الأقطان الشائك، ودوافعه أن المشروع الإسلامي سوف يتشوه، وأن الستر أوجب من المحاسبة!، ثم يسألونك عمّن يستهدف المشروع؟.
مكافحة الفساد لا تحتاج المزيد من القوانين، ولا المزيد من الورش التي تُصرف فيها الأموال، هي- فقط- تحتاج إرادة سياسية، وقبل الإرادة السياسية تحتاج إلى تأهيل أخلاقي في من بيده أن يكافح الفساد، ويحمي المال العام، ويحاسب المفسدين.. فإن كان الذي بيده ذلك غارق في الفساد، والإفساد، والتغطية، وترفيع الفاسدين، وتجديد الثقة فيهم، فكيف ننتظر أن يحارب الفساد؟!.
سوف تظل الدائرة التي تتوهم أنها تحارب الفساد، تدور في حلقاتها المحدودة، ورش، تعديل قوانين، مصادقة على اتفاقيات.. الخ…، لقد تابع العالم كبرى قضايا الفساد، التي انتهت إلى حالة (اللا متهم)، ولقد تابع العالم أن قيادات بارزة أُتهمت في قضايا فساد ترقت إلى أعلى المراتب، فصار الأصل في الترقي أن تصعد عبر ذاك السلم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ