رأي

خليفة كشيب يكتب: خطاب اليائسين

خليفة كشيب

تابعت عبر الوسائط في ثاني أيام العيد بمدينة الفاشر، خطاب ما يسمى بالقوة المشتركة لقوات الكفاح المسلح وسط جوقة من أفرادهم في هتاف يائس، يسعى عبره  قادة أولئك الجنود لإعادة الروح المعنوية المنهارة لجنودهم، وذلك بعد أن هزمتهم قوات الدعم السريع في قطع لقمة العيش والمصروفات التي كان يجنونها من الطواف التجاري عبر طريق مدني ومليط وصولا إلى الفاشر ومدن دارفور الأخرى.

وخلال فترة الطواف التجاري، التي كان يسمح الدعم السريع للحركات بالتحرك فيها، عاش صبية تلك الحركات فسادًا غير مسبوق من جبايات وإيصالات ونهب للمواد والإغاثة في ظاهرة جعلت الناس تطلق عليهم  لقب حركات الكفاح “المصلح ” في اللهط والجبايات. وذلك بدل عن الكفاح المسلح في الدفاع عن المجتمع والحرص على حقوقه.
فبعد خمسة شهور (25 نوفمبر)  من إعلان “البازنقر الجدد” جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي، تبعيتهم لجلادهم في بورتسودان بالدفاع عن دولة 56 والموت في خندق واحد مع قائد الجيش، يظهر علينا اليوم “جمعة حقار” وزمرته من قادة ما يسمون أنفسهم زيفًا بالقيادة والسيطرة بالفاشر، وفي خطاب يائس، ليعلنوا أنهم سوف يقاتلون الدعم السريع ويفكون الحصار عن مدينة الفاشر! وللعلم الفاشر محاصرة خلال سنة كاملة وهم بداخلها، يجتمعون هنا وهناك، يثرثرون في الخفاء والعلن، ويحشدون في الموائد للمؤامرة.
ليتهم لم يتبعوا خطوات التعبئة والتشبه ووقوع الحافر في الحافر كما فعل قادة الدعم السريع في مناطق متفرقة من دارفور خلال شهر رمضان، لأن الأمثال الشعبية في دارفور غنية بتعريف الصراع بين الإثنين “الكافر بعرف مقيلة النجس” و “ديك النقعة وديلك خيل النجعة” و”الفي الدبا بيعرف البدبا”.

الحرب لا تحتاج لإعلان ومهرجانات وحكايات هتافية،  من أرادها فإن، أولها؛ في القيزان وثانيها؛ في الوديان وثالثها؛ حول الخزان ورابعها؛ طقع في المليان. إذا ما الذي يمنع هؤلاء البازنقر في الدخول المباشر للمواجهات، والبحث عن حياة جديدة بدل عن مهرجانات خطابية القصد منها الحماس، وذلك بعد أن “شافوا الفيل كاملًا وليس ظلاً” في أقصى الشرق- تخوم الفاو، وأقصى الوسط في سنار وود الحداد؟!.

أيها الجنرالات، إن موعدكم بائس إن لم تدركوا بأن الذين تريدوا بث الرعب في قلوبهم، عبر الخطاب البائس، والضوضاء، قادمون إليكم، ولا ينتظرون منكم برقية أو إشارة لفك الحصار أو التندر بثوب الحيادية التي ندرك أنها “عطية مزين” انتهى وقتها منذ خمسة أشهر ونيف.

  الفرسان الذين شاهدتموهم في قيزان الفاشر مع قادتهم (أبو جلك وعبد الله حسين و عبدالله يعقوب) لن ينتظروكم في دونكي بعايشم ولا المالحة ولا طويلة ولا غيرها، بل قدومون إليكم من كل فجٍ عميق، يحملون في جعبتهم أمرين لا ثالث لهم: الشهادة أو النصر.

ليس التعيس من اتعظ بغيره كما يقول المثل الشائع، بل التعيس من ينتظر أن يأتي إليه مصير غيره في موقعه!  وأحسب إنكم أتعس خلق الله في الأرض، فقد ذقتم مرارة الحرب ثلاث مرات وأربع، وفي الخامسة ويل لكم من بائس شديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى