رأي

د. الساير يكتب: 15 أبريل الجيش والإسلاميين.. شراكة ضد إرادة الشعب السوداني

من العبث أن يناقش الإنسان هل ما وقع في يوم 15 أبريل انقلابا أم لا، على اعتبار أن هذا الأمر لا يعدو أن يكون تشويش وإشغال للشعب السوداني والرأي العام الإقليمي والدولي عما يجب أن يلتفت إليه ويحذر منه. فالجيش السوداني وعبر تراكمات السنين وبيئة الفساد بات يتحكم في الاقتصاد الوطني، ونفوذه أصبح لا يتوقف عند إمبراطوريته الاقتصادية بل يمتد إلى التغول على الحكم والوقوف ضد إرادة الشعوب. إن ما حدث في صبيحة 15 أبريل هو شراكة حقيقية بين الجيش السوداني والإسلاميين ضد إرادة الشعب السوداني، وضد التحول الديمقراطي. وهذه الشراكة حدثت منذ انقلاب 25/ أكتوبر المشؤوم فلم تكن المسألة إمتثالا لإرادة الشعب كما رُوِّج له أو تصحيحا للمسار، وإنما كانت خطة محكمة لإسقاط حكومة الثورة من الحكم وإجهاض ثورة الشعب السوداني.

إن حرب 15 أبريل هي امتداد واستكمال لذلك الانقلاب المشؤوم الذي يهدف إلى عودة الإسلاميين إلى السلطة وإجهاض ثورة ديسمبر المجيدة والوقوف ضد إرادة الشعوب، فبعد أن علموا بصدق قائد الدعم السريع ووقوفه مع الشعب السوداني ومطالبه من خلال انحيازه بصدق لثورة الشعب السوداني؛ أرادوا التخلص منه بإشعال الحرب، لأنه شكل العقبة الصلبة والسد المنيع في سبيل عودتهم إلى السلطة. ولذلك أشعلوا الحرب ظنًا منهم بحسمها في 6 ساعات كما صرحوا بها في الإعلام. وبعد أن اشعلت نيران الحرب تغيرت الموازين وثبت الأشاوس ثبات جبال مرة وجبل توتيل وكانوا درعًا واقيًا للشعب السوداني والسيف البتار للإسلاميين الذين يريدون الوقوف ضد إرادة الشعوب. وكان مفتاح النصر للدعم السريع هو إيمانهم بالقضية، ما أجهض مشروع الإسلاميين ولم يستطيعوا حسم المعركة حتى تاريخ كتابة هذه السطور باذن الله وثبات وصبر الأشاوس. وذلك على الرغم من أن المعركة لم تكن متكافئة، لا من حيث العتاد ولا العدد، ولكن لسان حال الأشاوس يقول إذا أردت أن تنتصر في معركة عليك البحث عن الذي يحمل السلاح قبل الحصول على السلاح. إن السلاح الحقيقي هو قلوب الرجال، فلذلك  قلوب الأشاوس هي من انتصرت على مجنزرات وطائرات الجيش وكتائب الفلول ومسيراتهم، هزموهم في الخرطوم واستولوا عليها بنسبة كبيرة حتى هربوا منها ونقلوا العاصمة بورتسودان، وحرر الأشاوس دارفور ما عدا أحياء من الفاشر وأيضًا كردفان والجزيرة، ويحاصرون سنار والقضارف والنيل الأبيض ونهرالنيل.

لقد كشفت تجربة السودان أن الإسلاميين لهم وجهان على أضعف تقدير؛ وجه يظهرون به في حالة الاستضعاف، وآخر في حالة التمكن. ففي حالة الاستضعاف لا تراهم إلا مطالبين بحرية التعبير وحرية الإعلام وانتخابات نزيهة واحترام الأقليات وحقوق الإنسان، وفي حالة التمكن يظهر وجه آخر يكشف التطرف وعقيدة الإرهاب الكامنة في قلوبهم، بالدعوة إلى قتل المتظاهرين، وفض الاعتصامات بالقوة، وإلغاء الانتخابات، وفرض قانون الطوارئ، وإغلاق كافة القنوات التلفزيونية المستقلة، وحل الأحزاب السياسية المناوئة لهم.

إننا نحتاج -ونحن نتابع تجربة السودان السياسية- إلى وقفة صادقة مع النفس، وتحليل منطقي وصحيح للأحداث، واستخلاص الدروس والعبر، للوقوف على الدور الخطير الذي يلعبه الإسلاميون في المجتمع، وكيف عملوا بعد فشلهم في الوصول إلى السلطة عن طريق الآلية الديمقراطية على التحالف مع العسكر لسرقة إرادة شعب السودان. وكيف تنكروا وأداروا ظهرهم لمبادئ الدولة المدنية وأقبلوا يصفقون ويبكون فرحًا لعودة الدولة العسكرية التي تضمن عودتهم إلى السلطة.

إذا استطاع نظام الإنقاذ أن يعي حقيقة أن الدعم السريع لا يقهر ولا يعرف المستحيل ومستعد لتقديم التضحيات بالدم وأرتال الشهداء، إذا وعي المؤتمر الوطني  ذلك، مستنيرًا بما حدث ويحدث فإنه سيوفر الكثير من الأموال والضحايا. فشل الخداع باسم الدين والمشروع الحضاري والنفرة الزراعية، وكل المسميات المخادعة.

الآن لن يسعفكم السلاح، فقد تأكد فشله في أكثر البلدان طغيانًا وامتلاكًا للسلاح ومع ذلك فأنتم الأكثر علمًا بأنكم لستم الوحيدين الذين تمتلكون السلاح في السودان، فقد أصبح بفضل الحروب والصراعات القبلية متاح للجميع حتى رعاة الماشية. وهذا يعني أن الإصرار على حل مشاكل البلاد بالحرب أو القهر أو فرض دستور غير ديمقراطي، سيزيد النار ضرامًا والسخط الشعبي إشتعالاً وتصاعدًا. وعندها سيعلم الذين ظلموا أي منقلب سينقلبون.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى