نيروبي: الجماهير
قال رئيس الإدارة المدنية بولاية شرق دارفور، محمد إدريس خاطر، في تصريحات حصرية لـ«الجماهير»، إن حكومة السلام والوحدة المرتقبة تلبي طموحات الهامش وكل الشعب السوداني بشكل كبير، خاصة الذين ظلوا بلا حكومة ومؤسسات تقدم لهم الخدمات طوال عامين من الحرب.
وأكد أن ضرورة تشكيل الحكومة، تتأتى من أن مجتمعات غرب السودان قد تفاجأت في أعقاب اندلاع حرب 15 أبريل 2023م، بانسحاب كل مؤسسات الدولة الخدمية والمالية، وهو ما يعني وفقًا لحديثه، أن هذه المؤسسات تحتكر الهيمنة عليها جهة واحدة وليس مؤسسات سودانية تخدم مواطنيها.
وصرح خاطر بأن ضرورات أخرى تحتم على السودانيين الإتيان بحكومة تكون أهم أولوياتها حماية أمن وسلامة المواطنين، خاصة في ظل قصف طيران الجيش الممنهج، وأن هنالك حوجة أيضًا لتأمين احتياجات المواطنين الأساسية من الخدمات.
وأوضح أن مواطني إقليمي كردفان ودارفور قد ظلوا، منذ لحظة اندلاع الحرب، لا يتلقون حتى أبسط أنواع الخدمات التي تقدمها الدولة، وذلك في ظل الغياب التام للمؤسسات، مؤكدًا أن مؤسسات مثل المستشفيات والمدارس والهيئات الخدمية الأخرى سُحبت بالكمال عقب انهيار سلطة الجيش.
دور تاريخي للمجتمعات المحلية
وأفاد بأن الإدارات الأهلية للمجتمعات المحلية، والإدارات المدنية التي شُكلت في كردفان ودارفور والجزيرة، كانت قد تحملت مسؤولية تقديم هذه الخدمات، وقامت بما في وسعها لخدمة المدنيين.
وأشار رئيس الإدارة المدنية بشرق دارفور إلى ما اسماه بـ”الدور التاريخي”، الذي لعبته الإدارات الأهلية في المحافظة على سلامة وأمن المواطنين في المناطق التي انهارت فيها الحكومة.
وأضاف، أن الإدارات الأهلية قامت كذلك بدور محوري في رتق النسيج الاجتماعي، مشددًا على حاجة حكومة السلام والوحدة إليها في سبيل إنجاز المصالحات بين السودانيين، خاصة في ظل الانقسام الاجتماعي الذي يعيشه السودان، وفقًا لحديثه.
واعتبر خاطر أن الواقع يحتم على السودانيين ضرورة تأسيس السودان الجديد كهدف استراتيجي، يفضي إلى دولة سودانية تبنى على عقد اجتماعي جديد ودستور ونظام سياسي يتساوى فيه كل السودانيين بغض النظر عن الجهة أو اللون أو العرق.
وأكد أن السلطة التي توجد في بورتسودان لا قرار للشعب عليها، وأن الجيش هو الحاكم الأوحد وله مجموعات منظمة تنشط في تأجيج الانقسام الاجتماعي وخطاب الكراهية، واصفًا إياها بالسلطة التي تبتز السودانيين بمعاشهم وتجيشهم لصالح خطابات الكراهية والاستقطاب الاجتماعي.
وتابع، أن واقع الدولة السودانية يتمثّل في كونها لم تكن موحدة منذ 1956 حتى الآن، لا في الوجدان ولا القرار السياسي ولا حتى في توزيع الموارد والسلطة، مؤكدًا أن الحكومة الجديدة سُتؤسس جمهورية جديدة توحد الشعب السوداني.
وحول الصعوبات التي يمكن أن تواجه الحكومة المقبلة، قال إن أي مشروع ينشد البناء سيواجه صعوبات وتحديات حقيقية، وشدد على أن ذلك لا يمكن أن يلين عزمهم في تحالف السودان التأسيسي، ولا بد من النجاح إذا ما حددوا أهدافًا والتزموا بالنظم واللوائح الجديدة للعملية السياسية.
الحكومة هيئة أكبر من الإدارة المدنية
وفي سياق حديثه عن مستقبل الإدارات المدنية، أكد محمد إدريس خاطر، على أن حكومة تصريف المهام القادمة ستكون هيئة أكبر من الإدارة المدنية، وتقوم بمهام أوسع من التي كانت تقوم بها الإدارة المدنية، حيث ستكون لها هياكل إقليمية وولائية ومحلية تستوعب الإدارة المدنية ولا تقطع معها.
وكشف أن أولى أولويات الحكومة ستكون حماية المدنيين من قصف طيران الجيش السوداني، وتأمين كل الوسائل اللازمة لذلك.
وأضاف، أن ثاني أولويات الحكومة تتمثل في تقديم الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والمياه للمواطنين.
وأشار إلى أن هنالك أولويات أخرى مثل عمليات بناء رتق النسيج الاجتماعي ومحاربة خطاب الكراهية وأكد ختاما أن عملية البناء تطلب الوحدة.
الضعين.. مدينة لكل السودانيين
وحول ما يقوله البعض بإن مدينة الضعين هي عاصمة لـ”التمرد”، أكد رئيس الإدارة المدنية بشرق دارفور، أن هذه ادعاءات يكذبها الواقع، وأفاد بوجود (48) قبيلة تسكن المدينة، وأن لأفرادها جميعًا نفس الحقوق والواجبات.
وأوضح: “ما يثبت أن هذه إشاعات مغرضة هو أن مجتمع الضعين قد اتفق يوم 15 أبريل كليةً، على ألا يدور أي اقتتال عسكري بين أبناء الوطن الواحد في المدينة”.
وأكد خاطر على تماسك النسيج الاجتماعي في المدينة، إذ ظلت منذ بداية الحرب قبل عامين، تتمتع بالأمن الداخلي، وتنعدم فيها الصراعات سواء بين قبيلتين أو أكثر.
وقال إن كون الضعين مدينة لكل السودانيين، يؤكده أن سكانها كانوا نحو (1.8) مليون، وقد أصبحوا أكثر من ثلاثة ملايين عقب اندلاع الحرب، نظرًا لوفود ما يزيد عن مليون نازح إلى الولاية.
وأشار إلى أن المدينة يقطنها سودانيون من مختلف القبائل والأعراق، وقد اتحدوا جيمعًا من أجل حفظ السلام في محليات الولاية التسع، مشيرًا إلى أن الإدارة المدنية بالولاية تُمثّل هؤلاء السكان كافة.