رئيس التحرير يكتب: ١١ أبريل وما بعده :يوميات الثورة المغدورة
2021-04-11آخر تحديث 2021-04-11
18 2 دقيقةقراءة
رئيس التحرير
عبدالله رزق abusimazeh@yahoo.com
لم يكن انقلاب لجنة عمر البشير الأمنية، بقيادة الفريق عوض ابن عوف ونائبه الفريق كمال عبدالمعروف، في ١١ أبريل ٢٠١٩، غير رد فعل للتحرك الشعبي الذي بلغ ذروته في ٦ أبريل ،ومسعى اخير، لاحتوائه، من ناحية، وقطع الطريق أمام أي تحرك لصغار الضباط، تحت شعار الانحياز للشعب، من ناحية أخرى. فوق ذلك، كان هدف انقلاب القصر تهدئة الخواطر، لا تغيير النظام جذريا، والمحافظة على ركائزه، بدون رئيسه، وحماية مصالح الطبقات الرأسمالية والطفيلية المرتبطة به.
فقد كان “اقتلاع” عمر البشير، حسب تعبير ابن عوف في “بيانه نمرة واحد”، الخيار الأخير للجنة الأمنية، التي أشرفت على محاولات متطاولة ومتعددة لقمع الثورة، على الأقل منذ ١٣ ديسمبر عام ٢٠١٨.وكان متوقعا أن يؤدي “اقتلاع الرئيس”، لامتصاص الغضب الشعبي، واطفاء جذوة الثورة، ومن ثم استعادة اللجنة قدرتها على السيطرة على الوضع الذي يوشك على الانفلات. ومع ذلك، فان اللجنة الأمنية، بعد شهرين من التردد، لم تجد ثمة مناص، من اللجوء للعنف لفض الاعتصام الشعبي أمام القيادة العامة للقوات المسلحة بالخرطوم، والذي أشار به مفتي النظام، وأعطى “الرئيس المقلوع” الأذن به. وذلك لتصفية البؤرة النضالية، التي بلورها الاعتصام، أمام عرين الجيش، وتداعياتها المحتملة لجهة تثوير القوات المسلحة،
فمجزرة-محرقة القيادة في ٣ يونيو ٢٠١٩، لم تكن مجرد “مبادأة ” فردية من ضباط غير منضبطين، كما حاولت بعض الجهات الإيحاء بذلك، فقد كانت، حاضرة، على الأقل، كمخطط، مكتمل التصميم، ربما، في تفكير اللجنة الأمنية.
تعتبر الفترة الممتدة من ٦ أبريل مرورا بتاريخ ١١ أبريل، وانتهاء بيوم ٢٩رمضان/٣ يونيو، فترة مهمة من عمر الثورة، بما كان يعتمل فيها من غليان. سواء على مستوى الشارع، أو داخل القوات المسلحة، التي دخلت قياداتها العليا على خط الصراع، الذي شهد منذ ذلك الحين، تحولا ديناميكية كصراع، بين القوى المدنية والقوى العسكرية، وكان لتدخل الاتحاد الأفريقي، بمباركة دولية، لدفع فرقاء الصراع لطاولة التفاوض، ضمن رؤية تستهدف تأمين دور للعسكر في الثورة، من خلال قيادة برأسين، عسكري ومدني، خطوة متقدمة وحاسمة، على طريق إجهاض الثورة، كرستها اتفاقات لم ترتق لمستوى تطلعات الشعب، وتوازن القوى، عامئذ.
غير أن الصراع لم يتوقف، وكذلك لم تتوقف محاولات المكون العسكري، للتنصل من الاتفاقات، التي أبرمت برعاية الوساطة الأفريقية- الاثيوبية، ولم تنته بالمحاولة الفاشلة للفريق أول عبد الفتاح البرهان، لتتويج فض الاعتصام بالارتداد على كامل الاتفاقات والتفاهمات بشأن الفترة الانتقالية. ويعود لمواكب ٣٠ يونيو، أثرها في إجهاض محاولة الانقضاض على الثورة، وأنفراد عساكر اللجنة الأمنية بالسلطة.
لكن محاولات المكون العسكري، للانحراف عن خط الثورة، قد استمرت، بطريقة أخرى، منها:
-إفراغ القيادة المدنية للسلطة الانتقالية من أي مضمون، وافشالها.
-التقرير بصورة منفردة، ودون تفويض، في العديد من القضايا الخلافية، وفي السياسة الخارجية.
-احتكار ملف الأمن، واختطاف ملف السلام.
-انتهاك الوثيقة الدستورية وخرقها على نحو متعمد.
-تعطيل إنفاذ العديد من السياسات، في جانب العدالة، ومحاكمة رموز النظام المباد، وايلولة شركات الجيش والأمن لإشراف وزارة المالية، وغيرها.
-التواطؤ مع قسم من المكون المدني، في الارتهان للإرادات الأجنبية، والأمثال لاملاءاتها، والتنكر لمطالب القوى التي صنعت الثورة ومصالحها..
ما العمل، إذن؟
اولا:
يتعين استمرار النضال، من أجل إصلاح كامل السلطة الإنتقالية، التي لم تعد “تشبه الثورة”، ببديل يضع السلطة في خدمة جماهير الثورة، عبر تعديل جذري، في تكوين السلطة، بشقيها السيادي والتنفيذي.
ثانيا:
نقد وفضح ممارسات اللوبيات المرتبطة بمخطط الانحراف عن مسار الثورة، والارتقاء علي برنامجها وشعاراتها، لصالح قوى الرأسمالية الطفيلة، ومراكزها الخارجية..
ثالثا:
التمسك بمواثيق الثورة، لا سيما الوثيقة الدستورية، وتعديلها وفق احكامها، والشراكة التي قررتها، مع تصحيح أوضاعها، وبوحدة قوى الثورة بتوسيع إطار التحالف لاستيعاب كافة قوى الثورة، من أجل عزل قوى الردة، ودفع عملية إنجاز مهام المرحلة الانتقالية إلى نهاياتها المحتوم.
رابعا:
استكمال بنيان السلطة الإنتقالية، بالإسراع في تكوين المجلس التشريعي والمفوضيات.
خامسا:
اعادة ترتيب الأولويات، بحيث يتصدرها العمل الجاد والحازم لإخراج البلاد من أزماتها، وفي مقدمتها الأزمة الاقتصادية، وانعكاساتها المدمرة على حياة المواطنين، والفلتان الأمني، الناجم عن فشل المسؤولين عن هذا الملف، والكارثة الصحية العالمية: كوفيد – ١٩.