تقرير: الجماهير
سيطرت قوات الدعم السريع، الأربعاء، 11 يونيو 2025م، على المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر عقب معارك ضارية مع الجيش والقوة المشتركة.
وقال الناطق الرسمي باسم القوات، المقدم الفاتح قرشي، في بيان، إن الدعم السريع خاضت معارك “خاطفة وحاسمة” ضد الجيش والكتائب الموالية له في منطقة المثلث “انتهت بتقهقر العدو وفراره جنوباً بعد تكبده خسائر فادحة في الأرواح والعتاد”.
في المقابل، أعلن الجيش السوداني إخلاء قواته لمنطقة المثلث، وقال في بيان مقتضب إن ذلك يأتي في إطار ترتيباته الدفاعية لـ”صد العدوان”.
خلفية الأحداث
منذ اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل 2023م، ظلت قيادة الجيش تتهم باستمرار عدة دول خارجية بالتدخل في الصراع ومساندة قوات الدعم السريع.
وفي يونيو من العام الماضي، زعم مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس، أن كتيبة “سبل السلام” التابعة لقوات خليفة حفتر قامت بإيصال شحنات ذخائر ومدافع هاون لقوات الدعم السريع في السودان.
آنذاك، رفض حفتر الاتهامات ونفى أي علاقة تربطه بدعم أحد أطراف الحرب الدائرة في السودان. وجدد حرصه على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
وفي مطلع يونيو الجاري، نشرت وسائل إعلام مقربة من الجيش السوداني مزاعم بأن القوة المشتركة التي كانت تسيطر على “المثلث” من الناحية السودانية، دخلت في اشتباك مع متحرك للدعم السريع قادم من مدينة الكفرة الليبية نحو السودان.
وتداولت صفحات موالية للجيش على مواقع التواصل الاجتماعي، الاثنين الماضي، مقطع فيديو، يظهر جنديين ليبيين أثناء استجوابهما من قبل عناصر القوة المشتركة الذين زعموا أنه قد تم القبض عليهما عقب معارك في الحدود السودانية.
بالمقابل، قالت وسائل إعلام ليبية إن القوة المشتركة السودانية هاجمت مركبة لكتيبة “سبل السلام” التابعة للجيش الليبي أثناء مواصلة دورياتها في الجنوب الشرقي من البلاد في إطار مهمة تتعلق بتعزيز الأمن وحماية الحدود.
وأفادت بأن الهجوم على كتيبة “سبل السلام”، وأسر عنصرين منها، تم خلال مطاردة المجموعة الليبية لسيارات مهربة عبر الحدود السودانية، الأمر الذي ينفي ما يتردد حول اشتباك القوة المشتركة مع متحرك يتبع للدعم السريع.
الجيش يخسر “جبل كسو” ويتهم حفتر بالتدخل
وقبل إعلان انسحابه من منطقة المثلث بيوم واحد، اتهمت القوات المسلحة السودانية، في بيان رسمي، الثلاثاء، الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر بتنفيذ هجوم على النقاط الحدودية الخاضعة لسيطرتها في منطقة المثلث.
جاء ذلك عقب أن بسطت قوات الدعم السريع، في اليوم نفسه، سيطرتها على منطقة “جبل كسو” أقصى شمال غرب السودان وبالقرب من المثلث الحدودي مع دولتي ليبيا ومصر، عقب معارك بينها والجيش والقوة المشتركة.
وزعم بيان الجيش أن قوات الدعم السريع هاجمت نقاطه الحدودية بمساندة “كتيبة السلفية” الليبية التابعة لحفتر، معتبرًا ذلك “بادرة مستهجنة وغير مسبوقة وانتهاك صارخ للقانون الدولي”.
وأضاف أن ما أسماه بـ”التدخل المباشر” لقوات خليفة حفتر إلى جانب الدعم السريع يعتبر “تعدياً سافراً على السودان وأرضه وشعبه وامتداداً للمؤامرة الدولية والإقليمية على بلادنا تحت سمع وبصر العالم ومنظماته الدولية والإقليمية”.
وأشار الجيش إلى أن السودان سيتصدى لما وصفه بـ”العدوان السافر” وأنه سيدافع عن سيادته الوطنية “مهما بلغ حجم التآمر والعدوان المدعوم من دولة الإمارات العربية المتحدة ومليشياتها بالمنطقة” وفق نص البيان.
“عدو افتراضي”.. الجيش الوطني الليبي يرد
في المقابل، نفت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر، الثلاثاء، الادعاءات بشأن مهاجمة قواتها للأراضي السودانية، معتبرة أن مزاعم الجيش السوداني “محاولة مفضوحة لتصدير الأزمة الداخلية السودانية وخلق عدو خارجي افتراضي”.
وقالت قيادة الجيش الليبي، في بيان رسمي اطلعت «الجماهير» على نسخة منه، إنها تابعت “باستغراب شديد” ما ورد في البيان الصادر عن القوات المسلحة السودانية، مؤكدةً أنه “تضمّن مزاعم باطلة” بشأن تدخل قواتها في مناطق حدودية سودانية بهدف الاستيلاء عليها والانحياز لأحد أطراف الصراع.
وأعلنت رفضها القاطع لما وصفته بـ”المحاولات المتكررة” للقوات المسلحة السودانية للزج باسم ليبيا في الصراع مع هذا الطرف أو ذاك سودانيًا كان أو إقليميًا، مضيفة أن ذلك يعتبر “أسلوب مكشوف لإثارة الفتنة الإقليمية وتصفية الحسابات الداخلية في السودان”.
وكشف البيان عن اعتداءات متكررة من الجيش السوداني على الحدود الليبية، وهو أمر “آثرنا معالجته بهدوء حفاظًا على حسن الجوار، مع احتفاظنا بحق الرد على أي خرق”.
وأضاف أن قوة تتبع للجيش السوداني كانت قد اعتدت على دورية عسكرية تتبع للجيش الليبي خلال ممارستها لواجبها في تأمين الحدود، موضحًا أن الأمر “انتهى في زمانه ومكانه بعيدًا عن التهويل الإعلامي الصادر من القوات المسلحة السودانية”.
وجددت قيادة الجيش الوطني الليبي دعوتها لكافة الأطراف السودانية بوضع حد للحرب ووقفها آثارها الكارثية على الشعب السوداني والمنطقة بعامة، مؤكدة استعدادها لدعم كافة الجهود التي تهدف إلى إنهاء الصراع سلميًا.
وأشارت إلى التزامها الكامل بمبادئ حسن الجوار، والقانون الدولي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وذلك في ذات الوقت الذي “لن تتهاون فيه في حماية كل شبر من ليبيا من أي إعتداء أو أي تهديد كان على كافة الاتجاهات الاستراتيجية”.
المثلث: بوابة لمكافحة الهجرة غير الشرعية
وأعلن الناطق باسم الدعم السريع، في بيان اطلعت «الجماهير» على نسخة منه، أن قواته تمكنت من “تحرير منطقة “المثلث” الاستراتيجية، التي تُشكّل نقطة التقاء محورية بين السودان وليبيا ومصر، في خطوة نوعية سيكون لها ما بعدها على امتداد عدة محاور قتالية، لا سيما في الصحراء الشمالية”.
وأكد أن انتصار قواته في المثلث يُسهم في “مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر على الحدود السودانية”.
وعدّ قرشي انفتاح الدعم السريع على محور الصحراء الشمالية بأنه تحوّلًا استراتيجيًا في تأمين الحدود السودانية وحماية البلاد، “خاصة بعد تكرار تعديات حركات الارتزاق والمليشيات المدعومة من “سلطة بورتسودان” الإرهابية”.
منطقة غنية بالنفط والمعادن
وتأتي أهمية المنطقة، وفقًا للناطق باسم الدعم السريع، من كونها “معبراً حدودياً اقتصادياً واستراتيجياً بين ثلاث دول، ومركز محوري للتجارة والنقل بين شمال وشرق إفريقيا”.
وأشار قرشي إلى أن المنطقة تحتوي على موارد طبيعية غنية بالنفط والغاز والمعادن، إلى جانب كونها فضاءً يعكس التنوع الثقافي والتداخل الاجتماعي بين شعوب المنطقة.
وأكد أن قواته مستمرة في معركتها لتأمين حدود السودان ومنع تحويلها إلى مسرح لفوضى “المرتزقة ومليشيات الحركة الإسلامية الإرهابية، التي تسعى لتوسيع رقعة الاقتتال وتهديد الأمن الإقليمي”.
خطوة نحو تعزيز الأمن الإقليمي
في ذات السياق، قال تحالف السودان التأسيسي “تأسيس”، الأربعاء، إن تحرير المثلث الحدودي مع ليبيا ومصر يُمثّل “خطوة حاسمة في تجفيف أحد أخطر معابر الهجرة غير الشرعية نحو دولة ليبيا ومن ثم أوروبا”.
وأوضح التحالف، في بيان اطلعت «الجماهير» على نسخة منه، أن منطقة المثلث كانت قد تحولت إلى مسار “ارتبط بجرائم الاتجار بالبشر وتمويل الجماعات المسلحة وتنشط فيه الشبكات العابرة للحدود بما فيها المرتبطة بتنظيم الأخوان المسلمين الدولي “الإرهابي””.
وعدّ البيان السيطرة على المثلث بكونها خطوة تسهم في حماية الأرواح، وتعزيز الأمن الإقليمي، إضافةً إلى “الحد من التدفقات غير النظامية التي تشكل مصدر تهديد لأمن واستقرار الشركاء الدوليين والإقليميين”.
واعتبر أن تحرير المنطقة “سيعود بالنفع الكبير على المواطنين السودانيين للاستفادة من مواردهم المنهوبة، والتي كانت تذهب لجيوب فئات معينة وأشخاص معينين من تلك العصابة الإخوانية وجيشهم وكتائبهم وتمويل عملياتهم الإرهابية بالمنطقة”.
ووفقًا للبيان، فإن كافة حدود السودان قد تحررت، ما عدا حدوده مع إرتريا وما تبقى من الحدود الشمالية مع مصر، والتي “سيتواصل تحريرها وتحرير البلاد بأكملها من تلك العصابة”.
وأشار التحالف إلى أن اتهامات “جيش الإسلاميين” وسلطة بورتسودان للجيش الليبي بالقتال إلى جانب الدعم السريع لا تنفك عن الاتهامات السابقة لكثير من دول الإقليم والجوار، والتي أعادت السودان إلى نفس العزلة خلال حكم حزب المؤتمر الوطني المحلول.
وأضاف: “سيتواصل درب تحرير البلاد من هذه الطغمة الظالمة ومن الحكم الاستبدادي، ولن يعود السودان إلى عهود الظلام التي فارقها إلى الأبد، وسنبني السودان الجديد الذي يحلم به جميع السودانيين والسودانيات منذ الاستقلال”.