رأي

عبد الرحمن الكلس يكتب: جرد حساب.. نصف عام من الحرب: كيف سرق الكيزان الجيش؛ فانهزم؟

بقلم: عبد الرحمن الكلس

لن تنجح أي مقاربة لقراءة الحرب الراهنة التي بلغت من العمر (6) أشهر ودخلت اليوم شهرها السابع، إلاّ من خلال تفكيكها وارجاعها إلى عناصرها الأولية، ومن ثم بسط المعطيات والوقائع والحيثيات وإخضاعها إلى المنطق التحليلي تمكيناً للحقيقة وإعلاءً للحق.

لكن قبل كل هذا وذاك، علينا أن ننظر إلى أرض المعركة، لنُقِّر بما يحدث دون تدليس، فنجد أن آخر الأخبار في ميدان القتال هي، مقتل أحد قادة الحرب الكبار، بل هو بمثابة قائد سلاح المدرعات بعد اختفاء القائد الفعلي؛ وهو اللواء الركن “أيوب عبد القادر”، الذي قُتل أمس بالتزامن مع ختام الحرب شهرها السادس ، 15 أكتوبر، ويبدو أن قوات الدعم السريع أرادت (الاحتفاء) بهذا التاريخ من خلال حدث كبير أو صيد ثمين، وكان لها ذلك، من خلال عمليات عسكرية قتل خلالها 24 ضابطاً بجانب لواء آخر واللواء أيوب.

قبلها، بسطت الدعم السريع سيطرتها على كامل شرق النيل عقب سقوط بلدة (العليفون) ثم وجهت ضربات قاسية يوم 14 أكتوبر نحو منطقة وادي سيدنا حيث توجد مقرات الفرقة التاسعة المحمولة جواً التي تضم (مدرعات كرري، المظلات، المطبعة العسكرية، المساحة العسكرية، الصافات، والتقانة العسكرية)، وتمكنت من تدمير مخازن الأسلحة والذخائر، وعدد كبير من الآليات والعتاد العسكري، و مئات القتلى والجرحى.

كما اسقطت 4 مسيرات قرب مستودعات الذخيرة الشجرة، وفي محيط القصر الجمهوري وبالقرب من إذاعة أم درمان. كل ذلك –مجرد رصد سريع لأهم أحداث الأسبوعين الأولين من شهر أكتوبر الجاري.

طيّب، ماذا حقق الجيش؟

لا أحد من الكيزان الذين يسيطرون بعد اختطافهم قيادته وقراره، لا أحد منهم يستطيع الإجابة، سيقولون كلاماً مبهماً مُدلساً، وسيعزون هزائمهم إلى من يسمونهم بالخونة والطابور الخامس،حتى حولوا المؤسسة العسكرية برمتها إلى تجمع للعملاء والخونة والمأجورين والفاسدين.

وحين تسأل: لماذا وقع هذا العدد الهائل من كبار الضباط أسرى وقتلى على يد قوات الدعم السريع؟

يجيبون: بسبب الطابور الخامس والخونة.

لماذا تمكنت قوات (الدعم) من عزل المدرعات – أقوى أسلحة الجيش- واخراجها من المعارك نهائيًا، بجانب سيطرتها الكاملة على مقرات الجيش: اللواء الأول مشاه، الكتيبة الاستراتيجية، الدفاع الحوي، الاحتياطي المركزي والمطار والقصر الجمهوري والإذاعة والتلفزيون وسلاح الكيمياء ومقرات قوات الاحتياط (مليشيات الدفاع الشعبي)، ومصنع اليرموك وجياد (التابعين للتصنيع الحربي)، وغيرها وغيرها، ونحو 90% من العاصمة؟ ولماذا ظل محاصراً القيادة وسلاح المهندسين كل هذا الوقت؟

إجابتهم جاهزة: بسبب الخونة والعملاء والمأجورين وعلى رأسهم البرهان نفسه.

وإن كنت اتفق معهم في بعض ما يرددونه من أن الجيش صار كيان للعملاء والخونة، وأعداء الشعب، وقد أشارت صفحة حزب المؤتمر الوطني إلى ذلك في نعيها لأحد أعضائها المهمين في الجيش وهو اللواء قتيل المدرعات بالأمس، الكوز المعروف، عاشق (للايفات)، وله مقاطع فيديو من داخل غرفة التحكم والسيطرة بسلاح المدرعات، وهذه أمور لا يفعلها إلاّ الضباط الكيزان.

الهزائم المتلاحقة التي أوقعتها قوات الدعم السريع بالجيش، تتجلى في آلاف الأسرى وعشرات القتلى والجرحى من كبار ضباطه (من مقدم حتى فريق)، هذا لم يحدث في تاريخ الجيش، فلماذا حدث الآن؟

الإجابة بسيطة، لأن من يقودونه ليست لديهم خبرات قتالية ميدانية، حيث إن الضباط الكيزان جيئ بهم ضمن سياسة التمكين، وبعد أن تمكنوا حولوا الجيش إلى حزب سياسي وشركات تجارية متعددة الأغراض، فيما كانوا يحاربون التمردات من خلال (الدعم السريع) الذي لولاه لألحقت به الحركات المسلحة الدافورية هزائم نكراء، فقد تمكنت العدل والمساواة من بلوغ الخرطوم، يوماً ما.

هؤلاء يبحثون دائماً عن من يقاتل نيابة عنهم، لأنهم يحبون (العاجلة) والحياة الدنيا، ليسرقوا الأموال وينهبوا المقدرات، لكنهم في الحروب محض نعامات ربداء تجفل من صفير الصافر، لذلك انهزموا في الحرب الراهنة.

بعد مرور 6 أشهر على الحرب – ها نحن نرى الجيش الكيزاني عاجزاً ، ومقعداً ومشلولاً، عن فك الحصار عن مقره قيادته العامة حيث يركز جهده عليها لحماية (كيزانه) المختبئين داخلها، فيما يترك الشعب لأقداره، ولا يكتفي بذلك وإنما يطلب منه الدفاع عن الجيش.

يا للعار – جيشٌ يطلب من الشعب حمايته، فيستنفره ثم – (يزوغ) من المعركة – ليتركه لقمة سائغة لمقاتلين محترفين، وإن اعترض الشعب وقال (لا للحرب) حفاظاً لوجود الجيش نفسه، يخونه الكيزان الذين يخوضون معركتهم الوجودية الأخيرة، عليهم اللعنة وحاقت بهم المهانة، وستحيق بهم الهزائم ما استمرت هذه الحرب لأنه ببساطه جيش الكيزان لا جيش السودان.

الحل في وقف الحرب وتأسيس جيش مهني لا حزبي جديد يمثل كل السودان، جيش قوي ينتصر ولا يهزم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ