بقلم: عبد الرحمن الكلس
أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، أمس الأربعاء، فرض عقوبات على الإخواني (الكوز) سارق خزائن السودان، ضابط المساحة المغمور الذي صعد كفاحاً في الفساد إلى مصاف أثرياء البلاد وأفريقيا، “عبدالباسط حمزة”، والذي سبق أن حكم عليه بالسجن 10 سنوات في أبريل 2021، لتورطه بقضايا غسيل أموال وتمويل الإرهاب والثراء الحرام قبل أن تطلق سراحه سلطة انقلاب 25 اكتوبر الغاشمة وتمكنه من الهرب خارج البلاد!
ورغم أن الخزانة فرضت عليه العقوبات لجهة إنه ممول رئيسي لحركة المقاومة الإسلامية(حماس)، لكن ما يهمني في هذا الجانب فساد الرجل داخل السودان، ومن هو؟ ومن أين أتى، وكيف صعد من القاع إلى القمة؟
صعد كبير الكيزان (الفسدة)، خلال فترة وجيزة إلى مصاف رجال المال والأعمال، فالرجل الذي تقول سيرته المبذولة انه مولود في كوستي وتعود جذوره إلى قرية الكرفاب (شمال السودان) واستقر هو وعائلته بالخرطوم عام 1992، حيث كان يعمل ضابطاً صغيراً ومغموراً بالمساحة العسكرية، قبل أن يلحق بجهاز الأمن، ويلتقي أسامة بن لادن، عام 1993، ويلازمة كظلة ليسرقه، حتى خلع الرجل منهم في العام 1996 بما عليه من ملابس ، ومن هنا بدأت مسيرة حمزة وفساده الملياري، فهذا الجهاز معقل الفساد والمفسدين والفاسدين، وذلك النظام بؤرة الفساد والمفسدين!
عقب سقوط نظام الكيزان، هال الجميع أن (حمزة) لم يكن (أسد الله) فقد كان ثعلباً ضد تعاليم الله – لا حول ولا قوة إلا بالله – ففساده وفقر أخلاقة ووهن ضميره، ومرض نفسه، ولهثه وراء الحرام، بحانب اشتهاره بالبخل والجُبن معاً. فما إن سقط نظام البشير وأصدرت محكمة بحري حكماً عليه بالسجن حتى ولى الدُبر وهرب وذلك عندما قام اخوته في الفساد بانقلابهم.
لا يُمكن إحصاء فساد الرجل، لكن دعوني أعود بكم إلى لجنة إزالة التمكين التي قالت إن حمزة يسيطر على أموال تقدر بمليارات الدولارات، حيث عمل بدفع من جهاز الأمن والمخابرات، رفقة صديقة الكوز الفاسد الآخر عبد العزيز عثمان، في شركة (موبيتيل) للاتصالات وفرضا سيطرتهما عليها بعد فترة وجيزة، ثم باعاها هكذا عنوة واقتدارا، وما كان لهما ذلك لولا موافقة النظام المافيوي حينها.
عائدات بيع (موبيتيل) تم توظيفها في شركة أموال تحت اسم (سبريسو) وهي مؤسسة أنشأها حمزة بالشراكة مع بعض إخوان المعزول البشير، فضلاً عن ذلك استردت (إزالة التمكين) من حمزة 30 مليون سهماً في شركة (لاري كوم) المساهمة في (ام تي ان) وسجلتها لوزارة المالية، والعقارات والأراضي، وقد تمكن الرجل من السيطرة على أموال إضافية تقدر بأكثر من 2 مليار دولار.
حيث تمكنت لجنة إزالى التمكين من استرداد أسهمه في شركة (زوايا المستقبل المحدودة) وفندق السلام روتانا وتسجيلها بإسم وزارة المالية.
الأغرب، أن الأرض التي بني عليها فندق السلام روتانا ومول عفراء؛ حكومية، لكن تم تسجيلها علىى أن ملكيتها تعود إلى حمزة، وخصصت كمساهمة منه في الشركتين – يا للفساد على أصوله!.
لا، ليس ذلك فحسب – إصبروا لتروا – فالرجل يمتلك أراضٍ زراعية تفوق مساحتها مشروع الجزيزة .
هل عرفتم الآن لماذا يريد الكيزان اخوة حمزة أن يعودوا إلى الحكم ولو بقتل كل السودانيين/ات؟
أذكر أن تحقيقاً استقصائياً لشبكة (أريج) تحت عنوان (أوراق باندورا) كشف عن اجتماع لكبار الكيزان الفاسدين (القطط السمان) التأم في مايو 2011، احتدم النقاش بين المساهمين في (سوداتل للاتصالات) على خلفية أن الشركة القائمة على استثمارات سوادتل بالخارج باعت 30% من استثماراتها في نيجيريا إلى شركة أخرى اسمها (لاري كوم) مجهولة المالك وقتها، ونجم عن هذه العملية خسارة بلغت 189 مليون دولار، فحاصر المساهمون؛ أعضاء مجلس إدارة الشركة وهم يرددون “لاري كوم بتاعت منو؟”.
ليأتيهم صوت من بعيد قائلًا : (لاري كوم بتاعت زولكم عبد الباسط حمزة ياكيزان ) فسكت الحمير عن النهيق، وفي اليوم التالي كان العنوان الرئيسي: (فساد القرن) .. إنه حمزة يارجال!
لكن دعونا نكون منصفين، لنقول إن فساد حمزة ليس فساداً شخصياً فحسب، وإن كان هو أحد كبار الفاسدين – لكنه في الواقع يدير أموال التنظيم ( الكيزان) التي نهبها من الدولة، وكذلك التي نهبها من بن لادن وغيره، لذلك فإن إدانة حمزة تعني إدانة التنظيم وفرض عقوبات عليه تعني فرضها على تنظيمهم الفاسد برمته – تنزلت عليهم اللعنات و حاقت بهم المهانة والذل إلى يوم الدين.
هل عرفتم الآن لماذا يحاولون العودة للحكم فوق جماجم الشعب السوداني؟