أخبار

عبد الرحمن الكلس يكتب: قراءة في خطاب البرهان المرتعد !

بقلم: عبد الرحمن الكلس

يبدو أن قائد الجيش، عبد الفتّاح البرهان أصبح عاجزاً تماماً، ناهيك عن مغادرة الخطاب الكيزاني العدائي والدموي، بل عن مغادرة ورطته التي أوقعتها فيه جماعته الإرهابية التدميرية، عندما نسق وخطط معها لإشعال هذه الحرب، من أجل وأد ثورة الشعب المجيدة، وما يستتبعها من تحوّل مدني ديمقراطي حقيقي، وتلك ضربة موجعة ومُميته للكيزان كانت ستقتلع جذروهم من هذه الأرض الطاهرة، لولا وجود خائن مثله بين ظهرانينا!
“ما تخلوا يفرفر”، هكذا يتحدث عنه الفلول كمتطفل وتافه في مجالسهم الواقعية والإسفيرية، لذلك عندما رؤوا منه، ما اعتقدوا أنه توجهاً نحو المفاوضات بالعودة إلى منبر جدة وزيارة كينيا وإثيوبيا وجيبوتي وخطفاً إريتريا، أطلقوا عليه لسان شديد القذارة والتعفُّن، فخشي الرجل وأنخلع قلبه وارتعدت أوصاله، فهرع إلى الفرقة الثانية مشاة – القضارف، ممارساً كعادته عنترياته الهوائية الموروثة، فصرخ في بعض الضباط والجنود، بأن المعركة لن تنتهي إلاّ بتحرير كل شبرٍ دنسه المتمردون (قوات الدعم السريع) والقضاء على المرتزقة الذين دمروا البنية التحتية للدولة.
بالله عليكم، من الذي دمّر البنية التحتية للدولة؟، من الذي دمرّ (كوبري شمبات!) ومن الذي دمر كوبري جبل أولياء ومن دمّر البنايات الشاهقة وسط الخرطوم بالطيران؟، فإذا كان الدعم السريع تمتلك طيران ولها قدرات تدميرية جوية هائلة، لكان قائد الجيش ونائبه ومساعده، مدفونين تحت انقاض سراديب القيادة العامة و أقبية سلاح المهندسين، ولتعفنت رفاتهم منذ وقت طويل.
لا، بل قال الرجل – لا اختشاء ولا حياء، ، إن الانتهاكات التي ارتكبتها الدعم السريع لم تحدث في تاريخ السودان، وكأن الحروب التي خاضها أسلافه العسكريين، وهو أحدهم، منذ عام 1955، وحروب دارفور وجنوب السودان وجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق، كانت حروباً بالمناديل البيضاء و (بالمحبة والمودة وأغلى الصلات)، استحي يارجل واصمت، لأن الحديث في مثل هذه الأمور ذو شجونٍ حزينة، فالجيش يا سعادة الفريق أول ركن، بالنسبة للدعم السريع يستحق أن ننشد له، ذاك البيت الشعري القائل: أبوكم آدم سنّ المعاصي / وعلمكم مفارقة الجِنان.
وفارق البرهان الفرقة الثانية مشاة، إلى الفرقة الأولى مشاة بود مدني، فأسرف في الكلام وزاد، فبدا وكأنه يعدو متطقع الأنفاس لاهثاً كي يلحق بياسر العطا الذي اختطف (الشعبية الكيزانية) منه، وكلٌّ يدّعي وصلاً بكرتي، و(كرتي) لا يقرُّ لهم بذاكا!!
قال أضعف وأكذب قائد مرّ على الجيش السوداني في تاريخه، في مدينة النضال، ود مدني؛ إن أي مفاوضات لا تلبي رغبة الشعب لن تكون مقبولة، وأن لاحلول ستفرض عليه من الخارج، وهو الذي ارتمى في الخارج منذ اليوم الأولى لتوليه قيادة المجلس العسكري الانتقالي عقب إطاحة الشعب بسلفيه البشير وابنعوف؛ عليهما اللعنة، ولكنه كعادة الكيزان العملاء والعسكر الخونة لا ينظر إلى (مصر) كخارج!
ولو يعلم الرجل كيف ينظر إليه الكيزان، لتمهّل قليلاً، لكنّه الخوف يجعله متخبطاً عجولاً لاهثاً، فقد أطلق الرجل على حربه الراهنة، حربه من أجل أن يحكم أسياده السودان، ولن يحدث ذلك لو انطبقت السماء على الأرض، أطلق عليها في خطابه أمس – لأول مرة – (معركة الكرامة)، قالها هكذا كرسالة وجهها للمجرم الهارب “أحمد هارون” – صاحب الاسم- بانه لن يسعى للقبض عليه كما تردد، وهل يستطيع؟ وهل يستطيع أن يسميها غير ذلك، والكيزان ممسكين بأرنبة أنفه وبذيله أيضاً؟، لن يستطيع، فهو مجرد (عامل) معهم، وياليته عامل بأجر ولو زهيد، بل عامل بنظام السخرة (نظام العبودية)، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ووجّه – الرجل، وفقاً لما هو مُسخّرٌ له- وجه سهامه إلى القوى السياسية المدنية، حيث وصفها (غامزا) بأنها تساند التمرد وتسعي لتحقيق مكاسب شخصية، واصفاً أيها، بأنها تسعى للوصول إلى السلطة على جماجم وأشلاء السودانيين.
ألم أقل لكم، إن الرجل (استهبل) حتى (استعبط) ففاض وسال لؤماً، حتى صار قلب الحقيقة أمر طبيعي وعادي بالنسبة له، لا يخجل ولا يستحي منه، فبالله عليكم كيف تسعى قوى مدنية إلى الحصول على السلطة على جماجم وأشلاء المواطنيين، هل من يخوض هذه الحرب وجميع الحروب التي اشتعلت في البلاد،ـ هي الأحزب السياسية والكيانات النقابية والمجتمع المدني؟ أم الجيش ومليشيات الاخوان المسلمين؟!
البرهان شدة خوفه ورعبه من تعميد الكيزان، لآخر بديلاً عنه، صار كالمُلتاث والممسوس، لا يعي ما يقول ولا يستوعب ما يُقال ولا يفهم ما يجري حوله، حتى أنه لا يدري – ربما أن الدعم السريع تسيطر على العاصمة بدليل هروبه هو ونوابه منها إلى الساحل، وبدليل أن قواته (مليشيا كرتي) تدمر الجسور والبُنى التحتية كمعادل نفسي للهزيمة الساحقة التي منيت بها، خصوصاً بعد سيطرة الدعم السريع على جميع فرق الجيش، بل جميع ولايات دافور، عدا مدينة واحدة، وهي (الفاشر) عاصمة شمال دارفور المحاصرة الآن.
ينكر الرجل كل ذلك ويتحدث عن الحسم، ويهلوّس بأربعين ألف مستنفر (كوز) من ولاية الجزيرة وحدها، وكأنهم سيحدثون الفرق الذي فشل جيش ال (100) عام في تحقيقه!!
وعندما – شعر الرجل – بأن لا أحد يأبه لما يقول، حتى جنوده في الفرقتين الأولى والثانية، عرّج إلى (الشماعة) الكيزانية المعروفة منذ أيام (أمريكا روسيا قد دنا عذابها)، هروباً من الواقع المرير على الأرض، فرفع اصبعه في وجه المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الدبلوماسي المخضرم ووزير خارجية الجزائر الأسبق، رمطان لعمامرة، قبل أن يحط بالسودان، بقوله: “لا نريد مبعوثاً ينحاز لفئة أو مجموعة وإلا سيكون مصيره مثل فولكر بيرتيس”.
هذا أمر فظيع، وأسلوب متخلف بدائي، لا يصدر إلاّ عن عسكري بغيض يعوزه الذكاء وتنقصه الشجاعة لمجابهة خصومه في الداخل، وهو يعرفهم جيّداًن لكنه يخشى “شرك أم زريدو”، فيرمى حجارته على فولكر ورمطان، بينما قدميه تتقدمان نحو الفخ، وسيسقط قريباً، قريبًا جدًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى