رأي

عبد الرحمن الكلس يكتب: لقاء (أديس) .. خطوة قوية بالاتجاه الصحيح

بقلم – عبد الرحمن الكلس: في وقتٍ يدق فيه قادة النظام البائد والمتحالفين معهم من القوى السياسية الانقلابية طبول الحرب، كما دقوا طبول انقلاب 25 أكتوبر المشؤوم، تبرز القوى المدنية الوطنية في جبهة عريضة للذهاب عكس اتجاه هؤلاء، إذ أن السلام هو الاتجاه الصحيح، طال وقت الوصول إليه أم قصر. والذين يدعون إلى السلام ويعملون من أجله، هم المنتصرون في ختام المطاف.. طوبي لهم.

الجبهة المدنية – قيد التشكل – التي التأمت ولا تزال في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، من أجل إنهاء الحرب واستعادة المسار الديمقراطي، بمشاركة قوى سياسية وحركات مسلحة وأجسام مهنية ونقابية عديدة، خطوة بالاتجاه الصحيح، فما من شكٍ إن إنهاء الحرب لن يكون في ميدان القتال، وإنما في طاولات المفاوضات، لذلك فإن أي تأخير عن ذلك ستكون له كلفة باهظة وسيفاقم الأوضاع المتردية أصلاً، فكلما استمرت الحرب كلما أصبح أمر انهائها أكثر صعوبة وتعقيداً.
بطبيعة الحال، ورغم دعمنا للخطوة، لكننا نأمل أن تستدرك القوى السياسية والنقابية والمدنية، أخطاء المرحلة الانتقالية السابقة، وأن تعمد فوراً إلى معالجتها، قبل أي شئ آخر، حيث كانت تلك المرحلة – تعاني ثغرات عديدة – نفد من خلالها العسكريين إلى مفاتيح التحكم في السلطة والسيادة و الأمن والقرار السياسي، ونفد من خلالها الفلول أيضاً.
المرحلة المقبلة، لا تحتمل الأخطاء العادية ، دعك عن الأخطاء الفادحة.

على أى حال، هذه فرصة كبيرة لوضع لبنة أساسية لتأسيس نظام سياسي محكم وبصيغة جديدة تتجاوز الماضي وتتدبر المستقبل بعين بصيرة وعقل راجح وضمير مخلص، تضع الخلافات الجانبية بعيداً وتعمل على (المركزيات) وتتخذ موقفاً واضحاً إزاء أي مشاركة محتملة للعسكريين في أي حكومة مقبلة، لأن هذا سيكون قاصمة الظهر وحاسمة الأمر لصالح الفلول والنظام البائد.
هذه جبهة لا تحتمل الأخطاء ولا الثغرات، وإن كانت تمثل سانحة نادرة قد لا تتوفر بسهولة للتواطؤ على وضع حد للحرب بين أطرافها، الذين ربما تبلورت لديهما الآن وبعد مضي 6 أشهر ويزيد على اندلاعها، رغبة حقيقية في إنهائها، لولا العراقيل التي تضعها أطراف أخرى أمام الحل التفاوضي السلمي، وفي مقدمتهم فلول النظام السابق التي ينبغي فضحها وتعريتها أمام الملأ؛ تمهيداً لإخراجها من المعادلة المقبلة؛ لئلا تتآمر مجدداً كما ظلت تفعل دائماً.

إن مشاركة طيف سياسي ومدني ونقابي واسع في لقاء (أديس)، يجعل من تحقق الجبهة المدنية على أرض الواقع أمراً ضرورياً ولا مناص منه، فلن ينجح السعى لوقف الحرب دون امتلاك أدوات إنهائها، وأهمها بلورة رؤية سياسية يتفق طيف واسع من السودانيين حول حدها الأدنى وهو (دفع المتقاتلين إلى طاولة حوار والعمل إلى العودة إلى المسار المدني الديمقراطي)، ما يتطلب تبني خط إعلامي مناهض للحرب ومساند للتحول الديمقراطي.
واعتقد أن هذا بالضبط ما حدث ويحدث في لقاء (أديس) حيث نما إلى علمنا حجم المشاركة الواسعة ، من قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية وحركة العدل والمساواة برئاسة سليمان صندل علاوة وحتى مبادرات السلام التي تكونت من المجتمع المدني في بعض ولايات البلاد، وخصوصًا في كردفان ودارفور ، وتنسيقيات لجان المقاومة إلى جانب مجموعات مهنية مثل اللجنة التسييرية لنقابة المحامين ولجنة المعلمين ونقابة الموانئ وأساتذة الجامعات وعدد من منظمات المجتمع المدني وتنظيمات نسوية وشخصيات معتبرة لها مساهِمات كبيرة في العمل العام.

هذه خطوة كبيرة – كما أسلفنا – لكن على القوى السياسية والمدنية تعضيدها بمخرجات قوية تصبح أساساً متيناً للمؤتمر العام المقبل والذي يعول عليه السودانيون كثيراً في وضع قواعد راسخة للتحول الديمقراطي الذي ضحوا من أجله بأرواحهم وأبدوا صلابة وقوة في مواجهة كل محاولات العودة بالبلاد إلى ما قبل ثورتنا المجيدة.
المجد لشهدائنا الأبرار
الخزي والعار للفلول
لا للحرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ