
بعد أن أعاد الكيزان إلى الحكم، عقب انقلابه، وشن بالتحالف معهم حربه ضد قوات الدعم السريع من أجل الاستحواذ على السلطة، فأحال البلاد إلى رُماد وأحال كل شئ إلى لا شئ، عليه اللعنة وحاق به الخزي والعار ولحق به الشنار، لم ينفك يلعب لعبته الخطيرة هذه، يقفز من هنا ويكذب هناك؛ يخاصم الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية (ايغاد) ويثني على منبر جدة، ثم ينقلب بين ليلة وضحاها عليه، ويعود إلى الأول، يجوب البلدان من كينيا إلى إثيوبيا إلى جيبوتي يتسوّل منبراً أفريقياً بديلاً لجدة، ثم يضرب كل شئ، فيخسر جدة وجيبوتي ويخسر مصداقيته ويشوّه صورته اكثر مما هي مشوهة وقبيحة.
توصل الرجل إلى تفاهمات مهمة ومحورية في جيبوتي، فظنّ الشعب المسكين المطحون إنه اصطاد (فيلاً)، وأن الحرب تقترب من الأفول، لكنه البرهان -كدأبه- هرع إلى وزارة خارجية (علي كرتي)، ونكص عن التفاهمات وترك الأمر للكيزان المهيمنين عليه، ليضربوا مجدداً فرصة أخرى لإيقاف الحرب، من خلال بيان خارجيتهم الهزيل مبنىً ومعنى.
البيان، بمثابة إعلان لمواصلة الحرب والإصرار على عدم ايقافها والمضي قدماً فيها كما صرح بذلك البرهان وياسر العطا وكيزانهم، في مناسبات عديدة، قبل جولة جيبوتي.
انتقد بيان خارجية (الكيزان) الكاذب؛ بشدة سكرتارية (ايغاد)، متناولاً ما اعتبرها فقرات اُقحمت في مسودة البيان دون مسوغ، كما وصف صياغته بالمعيبة، وكأن خارجية الإرهابيين الإخونجية، تمتلك خبرة في صياغة البيانات أكثر مما لدى (ايغاد)، وقد أدخلت السودانيين (تحت أظفارهم) عندما وصف المتحدث الرسمي باسم مفوض الاتحاد الأفريقي في مناسبة سابقة أحد بياناتها بـ(المُنحط)، وهو كذلك، وهذا البيان الأخير أكثر انحطاطًا وصفاقة وتفاهة، فهو محتشد بالأكاذيب وبالإملاءات الخارجية الواضحة التي لا تخطئها العين، خصوصاً من تلك الدولة (!) التي يحبونها وتحبهم.
البيان شديد التفاهة، لم يتعرض إلى أمور مهمة، بل ذهب إلى مناقشات شكليات وقشريات، مثل؛ حذف الإشارة إلى مشاركة وزير الدولة بوزارة خارجية دولة الإمارات العربية الشقيقة في القمة، وحذف عقد رؤساء إيغاد مشاورات مع وفد قوات الدعم السريع، وهذا مضحك ومثير للسخرية، فإذا لم يجر رؤساء إيغاد في سعيهم لوقف الحرب مشاورات مع الدعم السريع، أحد طرفيها، فمع من يجرون إذاً؟
وهل هذه حرب طرفها واحد، مثلاًـ فإذا كان ذلك كذلك، فليوقف البرهان وخارجيته حريهم التي يشنونها (منهم وفيهم)، ولا داعي للمفاوضات والمنابر والسفر والعودة والبيانات المنحطة.
قالت إحدى فقرات بيان الخارجية ردئ الصياغة شديد الانحطاط والغارق في الأكاذيب، أن البرهان اشترط على لقاء قائد الدعم السريع إقرار وقف إطلاق النار، وهذا أمر مفروغ منه، أقرت به قوات الدعم السريع منذ بداية الحرب وحتى اللحظة، لكن البيان أضاف من عنده (شرط آخر) وهو خروج (قوات التمرد) – أي الدعم السريع- من العاصمة وتجميعها في مناطق خارجها.
وهذا الشرط المُدعى – كما تلاحظون – يُظهر وكأن الجيش منتصرٌ في المعركة، فيما هو مهزوم هزيمة نكراء، لكن هذا لا يهم، المهم هو أن أية مفاوضات لإنهاء أي حرب، لا تقدم شروطاً بانسحاب الطرف الآخر، قبل البدء بالمفاوضات، بمعنى أن مثل هذه الشروط تأتي بعد الجلوس والتوصل إلى وقف إطلاق النار وتطبيقه فعلياً على الأرض وهكذا، وصولاً إلى مثل هذه الأمور، والتي لن تحدث إلاّ بعد التوصل إلى تسوية سياسية شاملة. بمعنى انه لن تنسحب الدعم السريع من أي شبر موجودة عليه، لمجرد أن طلب منها (الكيزان) وبرهانهم هذا. إنها الحرب أيها البلهاء!
الغريب في أمر بيان خارجية (علي كرتي وشركاؤه)، أن رؤساء إيغاد قالوا إنهم تواصلوا هاتفياً مع قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، لكن الخارجية قالت لهم (لا .. لم تتواصلوا معه)، فقط تواصل معه واحد منكم، هو الرئيس الكيني! أليس وصف محمد الحسن ولد لبات السابق – يستحق الثناء والمدح؟ فأي انحطاط أكثر من هذا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الأهم في هذا البيان، هو الفقرة التي ورد فيها ” تضمين الإشارة الى تقديم جمهورية مصر العربية “مبادرة دول جوار السودان” في الفقرة التي تتحدث عن المبادرات لحل الأزمة في السودان”، وهنا تبدو البصمة واضحة، لا شك ولا ريب فيها. لقد أملوا عليهم البيان – ولا يُعصى لسيّد أمر.
إنه بيان الخزي والعار والإنحطاط والعمالة في أسوأ صورها وأسطع بشاعتها!