رأي

علي أحمد يكتب: نتصارات الدعم السريع.. من “أم بدة” إلى جدة

علي أحمد
علي أحمد

نجح فريق التفاوض التابع لقوات الدعم السريع في (جِدة) من تحقيق نقطة لصالحة حتى قبل بدء العملية التفاوضية. وكانت ضربة معلم، جعلت البداية تشي بالنهاية –كما يقولون، فقد تمكّن الوفد من (دحرجة) الإخواني الفلولي السفير “عمر صديق” من لاعب أساسي على منضدة التفاوض – ضمن فريق جيش (علي كرتي) – إلى خبير؛ على كنبة الاحتياطي.

والحال كذلك، فإنّ الحيثيات التي دفع بها مفاوضو الدعم السريع فيما يتعلق بركن الرجل إلى (الكنبة)، هي أن هذا التفاوض كما هو معلوم بين الفريقين المتحاربين، وهما قوات الجيش وقوات الدعم السريع، وليس بين الحكومة وقوات الدعم السريع، وبالتالي ليس هناك من معنى لوجود طرف يمثل الحكومة (وزارة الخارجية) في طاولة المفاوضات، فأستجابت الوساطة لهذا المنطق السليم خصوصًا بعد اصرار وفد الدعم على هذه النقطة، وتم ابعاد السفير، وأسقط في يد “الكيزان” الذين كانوا يريدون سرقة صفة الحكومة لصالح قوات علي كرتي، وهيهات!
وقد وجد ابعاد السفير الكوز احتفاء كبيرًا من جماهير الثورة على منصات التواصل الاجتماعي، وذلك لانتماءه الفكري والتنظيمي إلى الفئة (الباغية) التي دمرت البلاد وأهلكت العباد لثلاثة عقود، ثم أشعلت الحرب الراهنة آملة في العودة إلى الحكم وهي لا تملك شروى نقير من المؤهلات الأخلاقية والسياسية التي تجعلها تفكر، دعك أن تحلم بالعودة إلى السلطة في البلاد، فهذا أمرٌ دونه خرط القتاد، وقد حسمه الشعب بثورته الظافرة، فلا حرب تأتي بالكيزان مجدداً ولا مفاوضات ولا تحالف مع إخوة البرهان وكباشي، فهؤلاء مكانهم المحاكم والسجون والمقاصل والمشانق، لا طاولات التفاوض والحكم.

هكذا تمكّن وفد الدعم السريع من دحرجة السفير الفلولي إلى خارج طاولة التفاوض، وكان بإمكان الوفد أن يزيحه إلى ما بعد البحر، لولا أنه لم يُرد الضغط على المُيسرين أكثر، فجبر الخواطر من عباده الله، وقد قال المتصوفة “ما عُبد الله بشئ أفضل من جبر الخاطر”.
الوسطاء أنفسهم، وهم السعودية والولايات المتحدة والهيئة الحكومية للتنمية (ايغاد) والاتحاد الأفريقي، عرَّفوا الطرفين المتفاوضين تعريفاً دقيقاً ومُحدّداً ومُحكماً، حيث ورد في البيان المشترك الذي نشرته وزارة الخارجية السعودية؛ على صفحتها الرسمية في منصة (x) – تويتر سابقاً – أنّ الطرفين هما القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، فما الذي يجعل الدعم السريع يقبل بأن يُحشر الفلول أنوفهم القذرة فيما لا يعنيهم.
وعليه فإنَّ سرديِّة حل قوات الدعم السريع، أصبحت (شمار في مرقة)، بل لن يستطيع أياً من المفاوضين في الطرف الكيزاني؛ وصف الدعم السريع بعد الآن بالقوات المتمردة، خصوصاً في الأروقة والأوراق الرسمية، حيث سيُضطر على تجرّع عبارة (قوات الدعم السريع) بحيث تترقرق على فمه حنظلاً.
وهذا يعد الانتصار الثالث لقوات الدعم السريع، فالأول كان مُزلزلاً على أرض المعركة في نيالا، والثاني إقصاء (الكيزان) من منبر جده، لكن دعوني أحدثكم عن الرابع والخامس، قبل أن أغادر مقال اليوم.

واسمحوا لي، أن أنبهكم على أمرٍ مركزي، وهو أن الوساطة (الميسرين)، بدوا وكأنهم على علم بأن الفلول (وفد الجيش)، سيعتمدون بث الإشاعات والأكاذيب استراتيجية إعلامية لضرب المفاوضات؛ متى ما شعروا أنها ستكون في غير صالحهم، لذلك احتاطت الوساطة بأن ألزمت الطرفين على الإتفاق بأن يكون الميسرون هم الناطق الرسمي المشترك والوحيد للمحادثات، وقد قبلا بذلك.
وهذه هي الضربة القاضية، لأنه غير مسموح لأي أحد بالتصريح عن مجريات وحيثيات ووقائع منصة جدة، عدا الناطق الرسمي الذي سيختاره الوسطاء، وتعتبر هذه الجزئية (انتباهة ذكيّة) من مجموعة الوسطاء، فلا بُد من تكميم أفواه وربط ألسنة الكيزان الكذوبة القذرة.
عندما (حشر) الفلول السفير المذكور داخل الوفد، كانوا يأملون بجانب مهمته الأساسية وهي التجسس على وفد الجيش نفسه – مع ان نصفه منهم- ورفع تقارير يومية لرئيسه، علي كرتي، بما يدور وراء الكواليس وعلى الهوامش؛ بأن تتحول المفاوضات إلى سياسية، وبالتالي يكونوا قد (غزوا عودهم) فيها؛ حتى قبل (الحرية والتغيير) والقوى الديمقراطية والمدنية، لكن طاقم الدعم السريع وكذلك الوساطة، لم يغفلا عن الأمر، فقد شدّد بيان الوساطة، بأن المحادثات ستقتصر على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، وتحقيق وقف إطلاق النار، وإجراءات بناء الثقة، وإمكانية التوصل لوقف دائم للأعمال العدائية”، وإنها لن تتناول قضايا سياسية.

يا للمهارة الدبلوماسية التي أبداها وفد الدعم السريع، بما لا يقل جسارة عن تلك التي تبدّت في ميادين القتال، وهذه من تلك، والكُل أكبر من مجموع أجزائه كما علمتنا الرياضيات.
ان الحق أبلج والباطل لجلج. وكما لجلج باطلهم في أرض المعارك، وآخرها في نيالا، هاهو يلجلج على طاولة المفاوضات في جدة.
النصر للشعب والهزيمة والخزي والعار للكيزان أعداء الشعب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى