يقع خزان جبل أولياء على النيل الأبيض، على بُعد 44 كيلومترًا جنوب الخرطوم. أُنشئ في عهد الاستعمار البريطاني بين عامي 1933 و1937م، بهدف تخزين المياه لدعم الزراعة في مصر خلال مواسم الجفاف. بلغت سعته التخزينية (3.5) مليار متر مكعب، وكان يُعتبر أحد أهم مشروعات البنية التحتية لضمان تدفق المياه إلى الأراضي المصرية. ظل الخزان تحت إشراف مصري كامل حتى عام 1977م، حين نُقل إلى الإدارة السودانية بعد اكتمال بناء السد العالي.
التأسيس والتحديات
بدأت فكرة بناء الخزان نتيجة النزاع بين مصر والسودان حول استخدامات مياه النيل، خاصة بعد إنشاء مشروع الجزيرة في السودان، الذي أثار قلق مصر من تأثيره على حصتها من المياه وزراعة القطن. وافقت بريطانيا ومصر على بناء خزان جبل أولياء بهدف استغلال كامل لمياه النيل الأبيض لصالح مصر، مع دفع تعويضات للسكان السودانيين المتأثرين. ورغم الفوائد التي جنتها مصر، كانت الفوائد المباشرة للسودان محدودة للغاية.
الدور الاستخباراتي للري المصري
لعبت إدارة الري المصري في السودان دورًا استخباراتيًا لفترة طويلة أثناء إدارتها لخزان جبل أولياء، حيث كانت تُعتبر وسيلة لمراقبة الموارد المائية والأنشطة ذات الصلة في السودان. هذا الدور أضاف أبعادًا سياسية إلى إدارة الخزان، مما أثار تساؤلات حول تأثيره على السيادة السودانية.
التغيرات بعد الاستقلال
بعد استقلال السودان في عام 1956، أصبحت ملكية الخزان سودانية، لكنه فقد أهميته الاستراتيجية لمصر بعد بناء السد العالي. استخدم السودان الخزان لري مشاريع النيل الأبيض الزراعية، وتوليد محدود للكهرباء، وصيد الأسماك، لكن هذه الفوائد ظلت دون مستوى الطموحات.
الأثر البيئي والاجتماعي
أحدث الخزان تغييرات بيئية كبيرة، منها تبخر كميات هائلة من المياه تصل إلى (2.5) مليار متر مكعب سنويًا، مما أثار خلافات مع دول حوض النيل. بالإضافة إلى ذلك، غمرت مياه الخزان مساحات زراعية شاسعة، ما أدى إلى تهجير مجتمعات محلية.
دراسات إزالة الخزان في عام 2012م
أشارت الحكومة السودانية إلى دراسات حول إمكانية إزالة الخزان والاستفادة من الأراضي الخصبة التي غمرتها مياهه. تُشير الدراسات إلى أن إزالة الخزان قد توفر كميات كبيرة من المياه المهدرة وتعيد استخدام الأراضي في مشاريع زراعية، لكن هذه الخطوة تحتاج إلى دراسة شاملة تأخذ في الاعتبار التكلفة الاقتصادية والاجتماعية.
المخاطر الحالية للفيضانات بحلول سبتمبر 2024م
ارتفعت مستويات المياه في الخزان بشكل غير مسبوق، مما أدى إلى فيضانات غمرت مناطق عديدة جنوب الخزان، أبرزها الجزيرة أبا، التي تُعد معقلًا لطائفة الأنصار ورمزًا تاريخيًا لهم، بالإضافة إلى عدد من القرى والمزارع. أثرت هذه الفيضانات بشكل كبير على الأمن الغذائي وعلى المجتمعات المحلية التي طالبت بتدخل عاجل.
تأثير القصف الجوي
تعرض خزان جبل أولياء خلال سيطرة قوات الدعم السريع على المنطقة لأكثر من (40) غارة جوية و(30) هجومًا بمسيرات انتحارية، مما ألحق أضرارًا بالغة بجسم الخزان وأدى إلى تعطله. أسفر القصف عن مقتل خمسة مهندسين، مما اضطر بقية الطاقم العامل إلى مغادرة الموقع خوفًا على حياتهم. هذه الحوادث تُبرز الحاجة الملحة إلى وضع المنشآت الحيوية مثل الخزانات والجسور تحت إشراف أممي ودولي أثناء النزاعات لضمان حمايتها.