رأي

في الشهر الرابع للحرب: الفلول في مرمى نيران النيابة والطيران يقصف الأسواق بالخرطوم

أوامر قبض بحق فلول النظام البائد

إبراهيم مطر

قبل أيام من قصف الجيش للسوق المركزي بالخرطوم في التاسع والعشرين من يوليو المنصرم – ما نتج عنه مقتل (12) مدنياً وجرح العشرات – أصدرت النيابة العامة بولاية كسلا أوامر قبض بحق عدد من رموز النظام البائد، استجابة للدعوة التي أطلقها مُمثلي الاتهام في قضية تقويض النظام الدستوري في العام (1989) لإعادتهم للسجون، بعد أن تم تهريبهم منها في الأيام الأولى للحرب. وعلى الرغم من إنكار الجيش لأي علاقة له بتهريب هؤلاء، وإعلانه عن (استغرابه) للبيان الذي أصدره المطلوب للجنائية أحمد هرون حال هروبه، فقد تلا ذلك الظهور العلني لعناصر مليشيات الحركة الإسلامية في المعارك، مع نشاط مُكثف لرموز النظام البائد في التحشيد والتحريض، والدعوة لاستمرار الحرب في مناطق سيطرة الجيش. ما جعل من الصعب التفريق بين الجيش كمؤسسة، والحركة الإسلامية. لجهة خضوعه الكامل لأمر الأخيرة، وضلوعهما معاً في الانتهاكات التي ظل يرتكبها الجيش، تجاه المواطنين.

تزايد انتهاكات الجيش:

ولم يكن قصف الجيش للسوق المركزي – جنوب الخرطوم – هو الحادثة الأولى في سجله، فبالإضافة لعدد من حالات السلب والنهب والقتل والاغتصاب ارتكبتها قواته في منطقة كرري الأمدرمانية – اشتكى منها المواطنون دون أن يجدوا آذاناً صاغية – ارتكب الطيران الحربي للجيش (مجزرة بشرية) في الرابع من يوليو الماضي في عدد من الأحياء السكنية بأُمدرمان، منها حي (أمبدة). وفي الثاني من يوليو هاجم طيران الجيش عدداً من الأحياء السكنية في مدن العاصمة الثلاث، كما قُصفت أحياء (الأزهري، عد حسين، والسلمة) جنوب الخرطوم. وأسقط الجيش (براميل متفجرة) من طائرة (أنتنوف) تابعة له، على المنطقة الصناعية، والسوق الشعبي بأمدرمان. ما ذكر الناس بقصفه للقرى الدارفورية، إبان ديكتاتورية (الإنقاذ البائدة. وفي الثاني والعشرين من يونيو الماضي، هاجم طيران الجيش، عدداً من الأحياء السكنية في أمدرمان وشرق النيل. ليرتفع عدد ضحايا قصف الجيش من المدنيين إلى (89) على الأقل. وقُوبلت كل هذه الانتهاكات بالصمت من قيادة الجيش، وبالتبرير وتخوين كل من يتحدث عنها عبر إعلامه الحربي، المُوكل لكوادر الحركة الإسلامية.

أوامر قبض بحق الفلول:

وكانت النيابة العامة بولاية كسلا قد أصدرت أوامر قبض في الخامس والعشرين من يوليو الماضي بحق المطلوب للجنائية أحمد هارون، وعلي عثمان محمد طه، وعوض احمد الجاز، وعبد الرحمن الخضر، والفاتح عز الدين.

علي عثمان في محكمة مدبري انقلاب-1989

وهُم من قيادات نظام الحركة الإسلامية البائد، تم تهريبهم من السجون بعد اندلاع الحرب. لكن مراقبون أشاروا إلى أن الخطوة لم تكن سوى (تمويه) لإبعاد تهمة تهريبهم ومنحهم الحماية الكاملة عن قيادة الجيش المُتحالفة معهم منذ انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر (2021). وبعد اندلاع الحرب ساهمت الغرف الإعلامية للفلول في التغطية على انتهاكات الجيش والتقليل منها وإنكارها ومُحاولة حصرها في القصف بالطيران، مع إيجاد المبررات له.

الحركة الإسلامية تنفي:

وكان من المثير للاهتمام عودة الحزب المحلول لإنكار استخدامه لبندقية الجيش كمطية للعودة للسلطة، بعد أن ملأوا الأسافير بالعنتريات والأناشيد الجهادية، والنعي – العلني – لقتلاهم في المعارك، كان آخرهم اللواء أمن (جمال زمقان)، أحد مؤسسي مليشيا الأمن الشعبي، بحسب بيان للحزب المحلول وصف فيه زمقان – المُتهم بالضلوع في حادثتي تفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام – بأنه (لم يبخل يوما على المُجاهدين بماله وجُهده)، فضلاً عن تصريحاتهم المبذولة بأن التاريخ سيعيد نفسه في إشارة لعودتهم للسلطة والتي جاءت على لسان وزير المالية بولاية نهر النيل في العهد البائد محجوب السر وهو يفتتح معسكراً لـ(أخوات نُسيبة) بالولاية، تمهيداً لإشراكهن في حرب كرامة الحركة الإسلامية. وعاد الحزب المحلول لينفي إشعاله لحرب الخامس عشر من أبريل، على الرغم من كل القرائن التي تُشير للعكس. كما نفى في بيانه حراك قيادات الإسلاميين في الولايات، وأنشطتهم المشهودة والموثقة بالصوت والصورة في إذكاء نار الحرب، والعمل على توسيع رقعتها. ونادوا بالاحتكام لصناديق الاقتراع التي انقلبوا على حكومتها في الثلاثين من يونيو من العام (1989).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى