رأيمحمد الفكي

قول ياعلي

محمد الفكي سليمان
محمد الفكي سليمان

رحل الدكتور حسن الترابي بصورة مفاجئة ومعه الرواية الاصلية لانقلاب الجبهة الاسلامية ، يقينا ان ما نثره الترابي على قناة الجزيرة لايتعدى جزء ضئيل من القصة الكاملة عن بناء التنظيمي للجبهة الاسلامية، وكيف ابتلع الحزب الصغيرة الدولة القارة، وكم كلف ذلك من نقص في الثمرات والانفس.
الترابي لم يقاتل تلاميذه من اجل هزيمتهم بل لترويعهم حتى يعودوا الي جادة الطريق ويرضخوا” وضح هذا في خطته لتوحيد حزبه قبل رحيله”، وهو محارب قديم وصبور ولكن للموت ميقات لايعلمه الا الله. ومع رحيله لم يتبق سوى تجميع شذرات الرواية الكاملة من افواه الدائرة الاقرب.
الشاهد الثاني هو علي عثمان الصامت ابدا، وقد وصفته هيلداجونسون الوزيرة النرويجية بالمتفائل الحذر. وقد استمر في حذره هذا حتى هلك سياسيا وفيه انطبقت مقولة الحذر لايمنع وقوع القدر.
علي عثمان يمتلك عددا من القصص المهمة، فهو يرقد على نصف رواية الحركة الاسلامية وخصوصا اجهزتها الامنية، فقد كان معروفا على نحو واسع عند انقلاب الجبهة الاسلامية انه الرجل الذي يدير البلاد من مكتبه في عمارة بنك الشمال. وفي البرنامج التوثيقي بقناة الجزيرة تنصل الترابي عن معظم الملفات الامنية وردها الي علي عثمان الذي مازال يمارس صمت القبور.
لا نطالب علي عثمان بالدفاع عن نفسه بطبيعة الحال فهو محامي اصلا، ولكن نطلب روايته للتاريخ في تكوين الاجهزة الامنية للحركة الاسلامية، وكيفية عملها، وعلاقتها ببيوت الاشباح وعدد من الاغتيالات، وما هي علاقة الامن الرسمي بالامن الشعبي . وقصة محاولة اغتيال حسن مبارك، ولماذا تورطت بلادنا في هذا الفعل الذي لايشبه سلوك عامة ابناء شعبنا، بعض الاسئلة يصعب الاجابة عليه الان ، ولكن لابد من كتابتها للتاريخ ووضعها في ارشيف للنشر بعد ان تنطوي هذه الحقبة عاجلا ام اجلا.
علي عثمان يمتلك ايضا جزء كبير من الرواية الشفهية لماحدث في مفاوضات السلام والتي فجع الشعب السوداني بانها كانت تجري بدون محاضر رسمية لتوثيق هذا الحدث الكبير الذي انتهى بتقسيم الدولة الي دولتين، اهمية شهادة علي عثمان تزداد برحيل قرنق ثاني اثنين اذ هما في نيفاشا، فعلى الرغم من ان كل فرد منهما كان قائد لفريقه، الا ان كثير من التفاصيل حسمها الرجلان” مان تو مان” قرنق، عثمان”. وقرنق رحل سريعا وتبقت رواية علي عثمان، وعندما يتكلم للتاريخ فان بامكانه الحديث عن الاتفاقات التي لم تكتب او تنشر والتي ثار حولها جدل كثيف” اذ انتشر يومها ان علي عثمان قد اتفق مع قرنق على ادارة امور البلاد وعزل البشير تدريجيا” وغيرها من الاحاديث التي تتطلب نفيا او اثبات.
بدون شك ان علي عثمان يطمح في العودة للمعلب السياسي، وفي انتظار عودته فترة قد تطول او تقصر، وكل شئ وارد في رمال السياسة المتحركة. ولكن بوصفه الشاهد الاخير على احداث جسيمة يجب ان نطمئن على انها وثقت. فالموت لا ياخذ موافقنا قبل الزيارة. هل مازال الرجل الحذر محاط بثلة من ناقلي الاخبار؟ من يقرأ منهم مكتوبنا هذا فليخبره بخلاصته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ