رأي

كتب علي أحمد: خنثى رئيس!!

بقلم: علي احمد

آفة هذا البلد المنكوب تكمن في حكامه العسكريين، جميعهم أغبياء، هذه حقيقة لا ينكرها أحد، لكن ليس من بينهم عبد الفتاح البرهان، والذي هو من طينة أخرى أقل تماسكًا ، كما أن رئاسته مجازية وغير حقيقية، فلا هو حاكم ولا هو ليس بحاكم، أو يمكننا أن نطلق عليه (خنثى رئيس) أو مخنث حاكم، فضلاً عن أنه أحمق ومختل الادراك، فهو أول (حاكم) ينقلب على نفسه ثلاث مرات، وهذا لم يحدث في الأولين ولن يحدث في الآخرين.
انقلب الرجل على نفسه بعيد فض الاعتصام عندما كان رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي، ثم انقلب ثانية على نفسه وعلى المسار الديمقراطي في أكتوبر 2021 حين كان رئيسًا شرعيًا لمجلس السيادة الانتقالي، ثم انقلب على نفسه وعلى البلد برمته في 15 أبريل 2023، فماذا نرجو منه أكثر من ذلك؟!

ولذلك فإنّ خطاب التيه الذي ألقاه أمس في الدمازين، والذي صب من خلاله لعناته وجام غضبه على الاتحاد الأفريقي ومنظمة ايغاد، وقال “في غنى” عن مساعدتهما لإيجاد حلّ للحرب، ومطالبته للاتحاد الأفريقي بتصحيح موقفه وموقف منسوبيه، يبدو خطاباً عدائياً مقتبساً من خطابات أسلافه الإسلاميين وغدوته ومثله الأعلى المخلوع عمر البشير الذي جاء به مفتشاً عاماً للقوات المسلحة.
ويأتي هجوم البرهان على الاتحاد الأفريقي على خلفية لقاء رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد مع يوسف عزت، المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع، في أديس أبابا، الإثنين الماضي، بحضور الناطق باسم الاتحاد الأفريقي محمد الحسن ولد لبات.

ورغم أن يوسف عزت ظل يلتقي مسؤولين كبار في السعودية ومصر وقطر وإثيوبيا وأوغندا وجنوب السودان وكينيا وأوروبا وبعض دول غرب أفريقيا، ورغم أن ممثلي البرهان أنفسهم يتواصلون بشكل مباشر مع ممثلي الدعم السريع في منبر جده وغيره، إلاّ أن البرهان مدفوعاً بالكيزان المختبئين في بيانات وزارة الخارجية، ظلوا يستهدفون الاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد منذ حلول أبي أحمد رئيس الوزراء الأثيوبي في الخرطوم بمعية ممثلين للاتحاد الأفريقي وإفشالهم انقلاب البرهان والكيزان الأول عقب فض الاعتصام، ثم عدم اعتراف الاتحاد بحكومة الانقلاب الثاني أكتوبر، 2021، وتجميد عضوية السودان إلى حين العودة إلى المسار المدني.

الغريب في أمر لقاء (فكي/عزت) وصف وزارة الخارجية – الكيزانية – له بالسابقة الخطيرة في عمل الاتحاد الأفريقي. وفور الإعلان عن اللقاء، استنكرت وزارة الخارجية، يوم الاثنين الماضي، اللقاء ووصفته بأنه سابقة خطيرة في عمل الاتحاد الأفريقي وأنه بمثابة منح الحركات المعارضة المسلحة والمليشيات شرعية لا تستحقها، وكأن الدعم السريع لم تكن جزءاً من القوات المسلحة السودانية وكأنها (لم تولد من رحمها) ولم تكونها وتسن لها القوانين، وكأن قائدها (حميدتي) ليس ذلك الرجل الذي كانت تنحني له جباه قادتهم ويؤدي له جنرالاتهم التحية العسكرية وهم صاغرون!

يمضي البرهان في طريق سلفه المخلوع أسيراً لفلول المؤتمر الوطني، ويزرع لنفسه ولبلاده الفخاخ في كل شبر من المعمورة ويعادي العالم أجمع، بالضبط كما كانت تفعل ما كانت تعرف بحكومة الانقاذ.
وصل الأمر بين الاتحاد الأفريقي وسلطة البرهان غير الشرعية أن وصف الناطق الرسمي للاتحاد بيان الخارجية الكيزانية ب(المنحط)، وهو كذلك، بل هذا أقل ما يوصف به، لقد كان الرجل مهذباً ورحيمًا في بيانه.

مرة أخرى، وفي الدمازين نفسها، مكان حديث (البشير) الشهير، يحدثنا البرهان – لا فض فوه – عن استعانة الدعم السريع بمرتزقة من جنسيات متعددة، وبالتالي فإنه يشكك في هوية قطاع واسع من السودانيين الأمر الذي أثار وما يزال يثير غضب الجماعات الإثنية التي يستهدفها هذا العنصري البغيض، ويجعلها أكثر التحاماً بقوات الدعم السريع، باعتبار أن الحكومة تستهدفها في مواطنيتها ووجودها وبالتالي عليها أن تحارب حتى الرمق الأخير، مع الدعم السريع أو لوحدها، طالما أن الأمر أصبح أمر وجود .
يعيد البرهان ويكرر بسماجة غير مسبوقة دعوته لعبد العزيز الحلو، قائد الحركة الشعبية قطاع الشمال، باللحاق بركب السلام، أليس هذا مثير للسخرية والرثاء؟

لقد حاول معه مرات عديدة، في وقت كانت تنعم البلاد فيه بسلام نسبي، فلا أحد ينسى ما كشف عنه نائب الحلو، القائد جقود مكوار عن عرض البرهان وكباشي والعطا لحركته بالتحالف مع الجيش لضرب قوات الدعم السريع، حينها رد عليه الحلو ساخراً، عليك أن تلغي قوانين سبتمبر وتعلن السودان دولة علمانية، وسنكون بجانبك!، فبُهت الرجال الثلاثة (البُلهاء) وعادوا أدراجهم (مضحوك) عليهم تكللهم اللعنات وتسربلهم المهانة.
خطاب البرهان في الدمازين – لا يحتاج تحليلاً ولا تفكيكاً ولا قراءة، لأنه غاية في التحلل والانحلال والتفكك، إنه محض هتاف موتور، محض صراخ مخنوق لا يكاد يسمعه أحد غيره ومن يحركونه كدمية على مسرح العبث الذي افتتحه في البلاد منذ أن حل بها رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي، يا لذلك اليوم المشؤوم.
برهان لم يفشل في أن يكون رئيسًا صوريًا كما خططوا له – بموافقته- بل فشل حتى في أن يكون مهرجًا يجلب الضحك لشعبه كما سلفه غير الصالح!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى