اخرى

(كنداكات) السودان هل قطفن ثمار الثورة؟

الجماهير: أيمن المدو 

بنجاح ثورة ديسمبر المجيدة، طوت المرأة السودانية صفحة حالكة وأنهت حقبا عجافا كانت  تتعرض فيها لأشكال متعددة من المضايقات  في مختلف مجالات العمل، بحجج كان يسوقها نطام المخلوع للحد من أدوارها الطبيعية في المجتمع. وعند بذوغ فجر الثورة، فإن نساء السودان من (الكنداكات) و(الميارم) كن القوة الضاربة للثورة – بحسب مراقبين – حيث كن يتصيدن البمبان ويحمين (المتاريس، الآن في الذكرى الثانية لثورة ديسمبر  ماذا تحقق لهن من حقوق وتفتح أمامهن من آفاق؟.

نصت الوثيقة الدستورية، على أن لا تقل مشاركة النساء في عضوية المجلس التشريعي عن 40 بالمائة، بينما تطالب النساء برفع نسبة المشاركة في جميع مستويات الحكم إلى 50 بالمائة.

ارث تاريخي

متظاهرون سودانيون يسيرون خلال مظاهرة لإحياء ذكرى 40 يومًا على مذبحة الاعتصام في الخرطوم في 13 يوليو 2019.رويترز / محمد نور الدين عبد الله

النساء كن يشكلن حجر الأساس في ثورة ديسمبر، ولمكانة المرأة في قيادة التغيير،  تحولت  الشابة  آلاء صلاح، إلى أيقونة للثورة، بعدما قادت هتافات كان لها وقعها على الثوار وحراكهم خلال التظاهرات. أن مهام المرأة لم تقتصر على التغيير، بل اتجهت حواء السودان نحو التعمير؛ خصوصا في مرحلة ما بعد السلام، وفي هذا الجانب أفصحت الناشطة في مجال حقوق المرأة، ابنة زعيم حركة العدل والمساوة الراحل د. خليل، الدكتورة  إيثار خليل إبراهيم، والتي   ابتدرت حديثها  حول الأدوار التي من المؤمل أن تقوم بها المراة في مرحلة ما بعد السلام  من خلال تبشير   الكادحين  والمسحوقين في مخيمات البؤس والنزوح  والمهمشين بالمرحلة الجديدة.  وقالت: “نبارك  للنساء  والشباب الثوري الحر اقتلاعهم لنظام الفاشية، المؤتمر الوطني” .  وقالت ايثار لـ(الجماهير)، إن  المرأة السودانية لها إرث تاريخي نضالي وبطولي مشرف، أهلها لأن تكون العمود الفقري من خلال ثقلها النوعي والكمي في المساهمة  في قيادة  الحراك الثوري”. ومن جانبها أضافت آلاء صديق، وهي خريجة جامعية أن المرأة السودانية لعبت دورا كبيرا في الثورات والتغيير في البلاد  منذ العهد الكوشي. وقالت إن هذا الدور ما زال مستمرا حتى قيام  ثورة ديسمبر المجيدة،  مبدية تباهيها  باخواتها  الكنداكات  بقولها: “أخواتي ورفيقاتي  كن يتقدمن الصفوف في مواجهة عساكر النظام البائد، بجانب أنهن كن يلهبن الحماسة في المظاهرات من خلال زغاريدهن، فضلا عن مشاركتهن لشقائقهن الرجال وتقاسمهن معهم المعتقلات والزنازين، بجانب قيامهمن  بإعداد الطعام والعلاج وتنظيم الندوات، بل حتى المبيت في ساحة الاعتصام”.

وتابعت آلاء بالقول:  “يحب أن لا ننسى أيقونة الثورة  الكنداكة آلاء  صلاح، والتي  من خلالها عرف العالم من هي المرأة، أو الكنداكة السودانية وأثبتت للعالم – أجمع – أن للكنداكة دور قيادي بارز في هذه الثورة.

أهداف مشروعة 

حزمة من التساؤلات ما تزال حاضرة في ذهن كل امرأة سودانية دفعت بفلذة كبدها قربانا للثورة دون أن تجد الإنصاف المطلوب في ذكري الثورة، فضلا عن بروز قضايا أخرى تتعلق بحقوقها لم تحسم بعد.

وبحسب بعض الناشطات في العمل العام، فإن بعض القضايا النسوية الملحة لم يتم البت فيها بالصورة المطلوبة. وفي ذات الصدد تشير الصحفية مي علي، إلى أن المرأة  السودانية، رغم أنها  لعبت دورا بارزا في ثورة ديسمبر المجيدة، عبر مشاركتها  في كل المواكب التي خرجت من كافة مدن وأريارف السودان  جنبا إلى جنب مع الثوار، إلا أنها لم تجد الإنصاف والمكانة التي تليق بها،  موضحة  أن الفتيات كان لهن نصيب في اعتصام القيادة في حراسة التروس وإعداد الطعام وتضميد الجراح.

 ولفتت الصحفية مي، إلى ان بعض النساء قمن بتقديم فلذات أكبادهن من أجل إسقاط نظام الإنقاد وأخريات كن يقدن المظاهرات، إلا أنهن وفي أوقات لاحقة بعد زوال نظام البشير  فقدن وظائفهن في المؤسسات الحكومية بتهمة الانتماء السياسي للنظام البائد، وقالت: “كان ذلك بمثابة جزاء سنمار”.

حقائب  قيادية

 بينما ترى الخريجة الجامعية  آلاء الصديق، أن المرأة وبعد نجاح الثورة نالت تقديرها الذي تستحقه ومنحت حقائب  قيادية في مجلسي السيادة والوزراء وفي القضاء، بل وحتى منصب الوالي.

ومن بين النساء اللائي شغلن حقائب مهمة في الحكومة الانتقالية في مجلس السيادة، رجاء نيكولا عيسى عبد المسيح، وعائشة موسى السعيد، وشغلت ولاء البوشي،  منصب وزيرة الشباب والرياضة السودانية، وتولت لينا الشيخ عمر محجوب، وزارة التنمية الاجتماعية، فيما اختيرت آمال محمد عزالدين، لمنصب الوالي بالولاية الشمالية، وآمنة أحمد المكي، لولاية نهر النيل.

لينا الشيخ عمر – وزيرة الرعاية الإجتماعية والعمل

تشير إيثار خليل،  إلى أنه وبحلول  ذكرى  الثورة المجيدة،  نجد أن بعض أمنيات أمهات النازحين،  قد تحققت من خلال ايقاف نزف الدم، والاتيان بالسلام والذي من المنتظر أن يتنزل  إلى أرض الواقع  كحقيقة ملموسة. وقالت: “نأمل، بحلول هذه الذكرى،  أن يتحسن معاش الناس، وأن تجد العدالة مجراها فيما من ظلم.

دور طليعي

بعد فراغ المرأة السودانية من إزاحة كابوس نظام الإنقاذ ودك كل المتاريس والعقبات التي كانت تقف أمامها، هل تتلمس الطريق الآن للقيام بأدوارها الطليعية؟ في هذا الجانب، لم تستبعد الباحثة الاجتماعية  اختصاصية علم النفس د. حنان الجاك، أن تعود المرأة إلى أدوارها الطليعية المفقودة. وقالت إن مشاركات المرأة في الثورة أتت بصورة جسدت خلالها  قوتها وشجاعتها التي  لفتت انتباه كل العالم إلى حد الذهول.

 وأكدت الجاك لـ(الجماهير) أن المرأة  كانت تتحدى العسكر. وأضافت: “معروف أن المرأة السودانية لا تشبه نساء العالم، لها استقلاليتها ومهاراتها وقدراتها”. فالقضية – حسب الجاك – ليست  (حرية وسلام وعدالة) وهتافات، ولكن يجب  إنزال هذه الشعارات إلى أرض الواقع حتى تتمكن المرأة   من إعادة صياغة دورها الطبيعي في المجتمع. 

قضايا المراة

وفي ذات المنحى، تلفت الناشطة في منظمات المجتمع المدني الإعلامية دعاء محمود، إلى الدور البارز الذي لعبته حواء السودانية في الثورة السودانية التي أطاحت بحكومة الإنقاذ. وقالت:  “لا أحد يستطيع أن ينكر دورها المهم في الثورة”، وأضافت: “رغم أن الثورة لم تحقق أهدافها المنشودة، إلا أن المرأة الآن على خلاف ما كانت عليه في عهد الإنقاذ، فقد تغيرت النظرة لها بالكامل”. وأكدت دعاء، أن الثورة أنصفت المرأة من خلال إلغاء القوانين المقيدة لها، كقانون  النظام العام الذي كان يجعلها محل (إهانة وتوبيخ) من العساكر.  وقالت: نتمنى أن تشهد الفترة القادمة انتصارا حقيقيا للمرأة في كافة مناحي الحياة وفي كافة ولايات السودان.

ولفتت دعاء، إلى أن بعض الولايات ما تزال  تعامل المرأة على أنها (عورة)، وفي ذات السياق، تشير إيثار  خليل، إلى أن قضية المرأة قضية جوهرية وأساسية؛ مثلها ومثل قضية الديمقراطية ودولة القانون والعدالة، الاجتماعية، لا تنفك البتة منها. وطالبت الحكومة الانتقالية ومجلس الشركاء بوضع قضية  إنصاف المرأة كبند أساسي وأحد القضايا الوطنية العليا وقالت:  “يجب على المرأة السودانية – في مختلف كياناتها وتنظيماتها – أن توحد قضيتها وأجندتها، وأن لا تسمح بارتهانها للأجندة الحزبية. وجزمت إيثار  بأن قضية المرأة واحدة أينما  كانت، ولكن الجهود المبذولة نحوها  مبعثرة،  بجانب أن المركزية  تطغى على قضايا المرأة الريفية وفي مناطق النزاعات.

وعلى ذات المنوال، تضيف الباحثة حنان الجاك، أن المرحلة المقبلة تتطلب أن يكون للمرأة الدور  الكبير في كل مناحي الحياة لقيادة ثورة تصحح الواقع الحياتي بكل تنوعه، وأن تستثمر كل طاقاتها الذهنية لخدمة مجتمعها عبر شراكة متكاملة وأدوار متبادلة. وقالت: “الواقع الآن يشكل الحرية النسىوية والعدالة المرضية والسلام الذي عبره تستطيع أن تقدم نهضة شاملة، رغم سيطرة عقلية المجتمع الذكوري واستحواذه علي كل شيء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى