الخرطوم: الجماهير
قررت الولايات المتحدة اليوم إلغاء العقوبات الاقتصادية فيما يتعلق بالسودان وحكومته بموجب الأمرين التنفيذيين 13067 و 13412،بعد 20 عاما من الحصار تحت دعاوى برعاية الإرهاب وتقيّد الحريات العامة في البلاد والعمل على إثارة حروب في المنطقة، ماهي أضرار العقوبات التي أستمرت لعقدين على الخرطوم .
محاولات فاشلة
حاول السودان تفادي العقوبات المفروضة عليه في مجال المعاملات المالية والمصرفية، وتحول من الدولار الأميركي إلى العملات الأخرى القابلة للتحويل، لكن سرعان ما باءت هذه الخطوة بالفشل، نتيجة لقوة أميركا الاقتصادية وسيطرتها شبه الكاملة على نظم وحركة المعاملات المالية في العالم، مما افقد السودان الغطاء الدولي للاستثمار بفقدان أي فرص للتمويل الدولي من المؤسسات المالية الدولية أو الإقليمية بعد التزام أغلب الدول بالقرار الأمريكي، خاصةً دول الاتحاد الأوربي؛ مما شكل أزمة بالغة الصعوبة داخل الاقتصاد السوداني مع انفصال الجنوب الذي ذهب بأغلب عائدات البترول.
أرقام
تقول التقارير الأمريكية الصادرة إن عدد التحويلات البنكية المرفوضة للسودان طبقًا للعقوبات منذ عام 2000 وحتى عام 2008 أكثر من 5 ملايين كذلك تم تعطيل استثمارات يبلغ قدرها 745.300.000 مليون دولار وقيمة الأصول المحجوز عليها بلغ 48.200.000 مليون دولار،لم يقف الأمر عند الاقتصاد السوداني فحسب بل تعدى إلى كل دولة تخالف هذا القرار المتخذ بموجب القانون الأمريكي للطوارئ الاقتصادية، حيث وُقعت عقوبات على الجهات التي خالفت الحظر بغرامات وصلت 1.530.000 مليون دولار.
العزلة
انقطعت علاقة السودان تدريجيا بالبنوك الأميركية ثم الأوروبية، ثم بدأت بعد ذلك معظم البنوك والمصارف الخليجية والآسيوية في الابتعاد عن التعامل مع السودان خوفا من تأثير العقوبات الأميركية على مصالحها، مما زاد من تكلفة تقديم الخدمات والتحاويل والتجارة للسودان.
القطاع الخاص
أضرار العقوبات لم تنحصر على القطاع الحكومي وتعدته إلى القطاع الخاص السوداني وحرمته من التمويل الخارجي والاستثمار الأجنبي، خوفا من الوقوع في مصيدة قوانين المقاطعة الأميركية التي طالت أيضا السودانيين في دول المهجر وفي الداخل، بسبب صعوبة التحويلات البنكية من السودان وإليه.
قطاع النقل و الصحة
في قطاع النقل، كانت السكة الحديدية والخطوط الجوية السودانية أول الخاسرين، بسبب توقف أكثر من 80% من القطارات والطائرات ذات الأصل الأميركي عن العمل لعدم توفر قطع الغيار، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة النقل عن طريق الجو والشاحنات.
كما أضرت العقوبات أيضا بقطاع الصحة -خاصة الجانب الدوائي- نتيجة للتأثير السلبي على استيراد الأدوية المنقذة للحياة وعلى مجالات التعاون الدولي وبناء القدرات البشرية ونقل التقانة الحديثة.
تدهور الصناعة
قطاع الصناعة السوداني الذي يستحوذ على 26% من إجمالي الناتج المحلي، لم ينجو و أدت المقاطعة إلى تدهور الصناعات الرئيسية كالنسيج والزيوت والملبوسات والمنتجات الجلدية والدواء، وذلك لعدم التمكن من اقتناء قطع الغيار والتقانة الحديثة بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة التمويل والمعاملات البنكية، مما أدى إلى توقف الكثير من الصناعات الحيوية وتشريد كمٍّ هائل من العمالة.
القطاع الزراعي
القطاع الزراعي، الذي يساهم بأكثر من 29% من إجمالي الناتج المحلي، فلم يكن أوفر حظا، حيث أدت العقوبات إلى رفع أسعار مدخلات الإنتاج بسبب الشراء عبر الوسطاء والسوق الموازي، وزيادة أسعار التأمين، والحرمان من التقنية الأميركية والغربية؛ مما نتج عنه ارتفاع تكلفة الإنتاج وبالتالي توقف معظم الصادرات الزراعية خلاف الصمغ العربي.
العقوبات الامريكية كانت أحد الأسباب الهامة في تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، حيث ساهمت وبصورة مباشرة في رفع تكلفة الإنتاج وبالتالي في ارتفاع أسعار المستهلكين، مما ساعد في الحد من تنافسية المنتجات السودانية وتوسيع وتنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد القومي.
لكن من الخطأ جعل المقاطعة شماعة يعلق عليها فشل سياسات الحكومة الاقتصادية والمالية، فضلا عن الأخطاء السياسية، لأن لتلك السياسات دورا أساسيا في تأزم الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها السودان حاليا.