أخبار

لأول مرة في دارفور.. مدعية المحكمة الجنائية تستمع إلى شهود وضحايا وتتعهد بملاحقة مرتكبي الجرائم

لأول مرة في دارفور.. مدعية المحكمة الجنائية تستمع إلى شهود وضحايا وتتعهد بملاحقة مرتكبي الجرائم
فاتو بنسودا: وصولي إلى دارفور بمثابة الحلم الذي تحقق
المدعية: وصول محققي الإدعاء قريبًا لبحث تنفيذ أوامر القبض التي لم تنفذ
مناوي: يجب تسليم كل المتهمين بارتكاب الجرائم وعلى رأسهم عمر البشير
هيئة محامي دارفور: الجرائم المقيدة أمام المحكمة الجنائية لا تتعدى بضعة قضايا من تلك الجرائم المرتكبة

الخرطوم- الجماهير
لأول مرة، وبعد نحو عقدين من الزمان على الجرائم التي شهدها إقليم دارفور، وصلت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا الأحد، إلى الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، قبل أن تتوجه من هناك إلى نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، في أول زيارة مباشرة لهذا الإقليم المنكوب من قبل مدعية المحكمة الجنائية التي تنظر عددًا من القضايا تتراوح بين الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
حلم تحقق
وعدت المدعية التي وصلت إلى الخرطوم، يوم السبت، في زيارة هى الثانية من نوعها للبلاد، منذ سقوط نظام المخلوع عمر البشير في العام 2019م، زيارتها الأولى إلى دارفور بمثابة حلمًا تحقق بعد مدة 16 عاما من الانتظار، قائلة: “وصولي إلى دارفور اليوم يعد بمثابة الحلم الذي تحقق”.

المدعية العامة للمحكمة الجنائية تلتقي رئيس مجلس السيادة السوداني

أرفع مسؤول
وزارت مدعية المحكمة الجنائية الدولية الخرطوم في أكتوبر الماضي، حيث أجرت مباحثات مع كبار المسؤولين بالدولة حول تسليم المطلوبين.
وبنسودا هي أول وأرفع مسؤول من المحكمة الجنائية الدولية التي تتولى منذ العام 2005 التحقيق في جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وإبادة جماعية ارتكبت بحق المواطنين في دارفور منذ اندلاع الصراع في العام 2003.

لأول مرة في دارفور.. مدعية المحكمة الجنائية تستمع إلى شهود وضحايا وتتعهد بملاحقة مرتكبي الجرائم


في (كلمة)
ووصلت المدعي العام للمحكمة الجنائية فاتو بنسودا اليوم الإثنين، إلى مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، في ثاني محظة لزيارتها، وأكدت من هناك إيمانها بأن العدالة ستتحقق حال مثول المتهمين أمام المحكمة.
وإجتمعت بنسودا مع والي ولاية جنوب دارفور موسى مهدي وقادة حكومته وأكد الوالي على ضرورة معاقبة جميع مرتكبي الجرائم على جرائمهم، وأنهم سيدعمون هذه الجهود ويساهمون في تحقيق العدالة.
وكانت أبرز محطات بنسودا في جنوب دارفور زيارتها لمعسكر (كلمة) ذائع الصيت، والذي يضم أكثر من مائة ألف من النازحين بسبب الحرب، وإلتقت مع قادة المعسكر ثم عقدت لقاءات جماهيرية مع الضحايا.
وقالت بنسودا إن المحكمة ظلت تتطلع لهذه الزيارة منذ سبعة عشر عاما، وأضافت بأن هذه الزيارة الهدف منها التأكيد على وصول محققي الإدعاء في وقت قريب للتحقيق في كل قضايا انتهاك حقوق الإنسان ولمناقشة الحكومة الحالية في تنفيذ أوامر القبض التي لم تنفذ بعد.
بداية النزاع
وبدأ النزاع المسلح في إقليم دارفور عام 2003 بين الحكومة المركزية وحركات مسلحة تمرد، بسبب تهميش الإقليم.
وبدأت المحكمة الجنائية الدولية في 2005م التحقيق بشأن جرائم فظيعة شهدها الإقليم، وأصدرت عام 2009 مذكرة اعتقال بحق الرئيس المخلوع عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية.
وتقدر الأمم المتحدة الذين سقطوا جراء النزاع بنحو 300 ألف قتيل، غير أن مصادر أخرى تشير إلى أن عدد القتلى يتجاوز المليون شخص، بجانب نزوح 2،5 مليون من السكان، وفق الأمم المتحدة.


كوشيب لن يكون الأخير
خلال زيارتها ولاية شمال دارفور، استمعت بنسودا لشهادات عدد من ضحايا تلك الجرائم، وقد طالبوا بتسليم المطلوبين من النظام السابق للمحكمة الجنائية الدولية، كما إلتقت الوالي محمد حسن عربي، الذي أعرب عن تطلعه لمثول جميع المتهمين بارتكاب الجرائم في دارفور، أمام المحكمة الجنائية الدولية، مؤكدا استعداد حكومته للتعاون مع المحكمة الجنائية.
وأكدت المدعية خلال إجتماعها مع والي شمال دارفور وأعضاء حكومته، أن مثول المتهم علي كوشيب أمام المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمته في الجرائم التي ارتكبت في الإقليم باعتباره الشخص الأول مثولا أمام المحاكمة ولكنه لن يكون الأخير.
وأضافت أن المحكمة الجنائية الدولية ستستمر في مطالبة حكومة السودان بتسليم جميع من صدرت في حقهم أوامر قبض بشأن الجرائم التي ارتكبت في دارفور.
تعاون جيد
وأقرت بنسودا بوجود تعاون جيد بين المحكمة الجنائية الدولية وحكومة السودان التي جاءت بعد التغيير السياسي، مؤكدة عزم المحكمة على استمرار ذلك التعاون من أجل تحقيق العدالة، وتطرقت بنسودا إلى ما وصفته بالصعوبات التي واجهت المحكمة في سبيل سعيها لتحقيق العدالة لأسر الضحايا بدارفور، والتي قالت إنها وصلت ببعض الجهات في بعض الأحيان إلى التوصية بترك الأمر برمته، مشيرة إلى أن ذلك الموقف قد انعكس في عدم حصول المحكمة على الدعم اللازم لمتابعة قضية العدالة في دارفور.
وقالت: “ولكنني والفريق العامل معي كنا على إيمان قوي بأن العدالة ستتحقق يوما وكان لدينا الإصرار لتحقيق ذلك بأن ينال الذين ارتكبوا تلك الجرائم جزاءهم العادل”.
شكر الضحايا
وتوجهت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بالشكر لذوي الضحايا الذين أولوا المحكمة دعمهم وثقتهم التي قالت إنه لولاهم لما تم الوصول بالقضية إلى هذه المراحل. وكشفت أن مهمتها كمدعية عامة للمحكمة الجنائية الدولية ستنتهي في النصف الثاني من شهر يونيو القادم مطالبة كافة الجهات ذات الصلة بمواصلة تقديم الدعم والثقة للمحكمة حتى تتمكن من انجاز مهمتها في دارفور.


انتصارا للضحايا
كما إلتقت المدعية بوالي ولاية وسط دارفور، الدكتور أديب عبدالرحمن يوسف، مساء اليوم الإثنين، في الخرطوم، والذي اعتبر زيارة المدعية للبلاد انتصارا للضحايا وتعزيزا للعدالة. وأكد الوالي استعدادهم للتعاون المطلق لتحقيق العدالة لكل الضحايا في دارفور، ونقل أديب للمدعية مطالب وآراء الناجين وذوي الضحايا ورغبتهم في تحقيق العدالة.
من جانبها، أعربت بنسودا عن سعادتها بلقاء والي وسط دارفور الولاية التي ارتكبت فيها المجازر، مشيرة إلى أن الغرض من الزيارة التباحث مع السلطات السودانية حول قضايا المحكمة الجنائية الدولية المتعلقة بدارفور.
وأوضحت أن اللقاء بحث سبل تعاون السلطات السودانية بشأن قضية المتهم علي عبد الرحمن الشهير بـ(كوشيب) والتي تنظر فيها المحكمة الآن وذلك للحصول على المزيد من المعلومات والأدلة في أقرب وقت ممكن.
تسليم كل المتهمين

رئيس الجبهة الثورية السودانية، رئيس حركة جيش تحرير السودان، مني أركوي مناوي

فور وصولها الخرطوم، السبت الماضي، عمدت المدعية العام للمحكمة الجنائية إلى لقاء حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، وهو أحد قادة التمرد في الإقليم منذ انطلاق الصراع في 2003.
وشدد مناوي على ضرورة تسليم كل المتهمين بارتكاب الجرائم في دارفور وعلى رأسهم عمر البشير، وأحمد هارون، إلى المحكمة الدولية للانضمام إلى المتهم علي كوشيب.
مزيد من التحريات
وبحثت بنسودا، اليوم الإثنين، خلال لقاء جمعها بمنظمات المجتمع المدني، التعاون المرتقب بينها والمحكمة الجنائية. وقالت بنسودا، إن المحكمة الجنائية بحاجة إلى التعاون مع منظمات المجتمع المدني لكونها على دراية أكثر بما يدور بالمجتمع، وإيمانا بأنشطتها الفعالة فيما يتعلق بالتهم الموجهة ضد المطلوبين لدى المحكمة.
وأشارت أن دور المحكمة في هذه الفترة يقتصر على المزيد من التحريات للحصول على أدلة أكثر لدعم القضايا الجنائية فيما يختص بالتهم الموجهة للمطلوبين، داعية كل من يملك أدلة جديدة أو معلومة عن شخصيات أخرى متورطة في القضايا الجنائية أن يتقدم بها لمتحري المحكمة دون تردد. وأوضحت أن التحديات في مواجهة المحكمة الجنائية عظيمة إلا أنهم يعملون على تذليل العقبات وتسريع الإجراءات لتنفيذ الأحكام على المتهمين.
وأكدت أنهم سيقومون بزيارة ميدانية مستقبلا لقرى دارفور المتضررة ولقاء أسر الضحايا للبحث عن الحقيقة عن قرب.
مطالبة بتسليم المطلوبين
ورحبت هيئة محامي دارفور بزيارة مدعية محكمة الجنايات الدولية واعتبرتها حدثا تاريخيا مهما في السودان ولأسر الضحايا.
وقالت الهيئة إن الزيارة تشير وتؤكد اتجاه السودان لمباشرة تعهداته الدولية، والوفاء بها بتسليم كافة المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية وعلى رأسهم الرئيس المخلوع عمر البشير وقالت الهيئة في بيان لها اليوم الإثنين، إنها بصفتها ممثلة قانونية للكثيرين من ضحايا الجرائم المرتكبة بواسطة عمر البشير وأحمد هارون وعلي كوشيب وآخرين بموجب تواكيل قانونية من ذوي الصفة ومن خلال متابعتها المستمرة، فإن الجرائم المقيدة أمام محكمة الجنايات الدولية في مواجهة مرتكبيها، لا تتعدى بضعة قضايا من تلك الجرائم المرتكبة في الفترة ما بين أعوام 2003/2004/2005، كما وهنالك العديد من الجرائم المرتكبة في ذات السنوات وجرائم أكثر وافدح جسامة، ارتكبت بعد تلك الفترة وحتى تاريخ طرد المخلوع من السلطة بثورة ديسمبر المجيدة.
وأشارت أن هنالك العديد من الجرائم تم قيدها دون التحري فيها، وتم منع الضحايا من فتح بلاغات عن كثير من جرائم جسيمة ارتكبت، وكانت هنالك استحالة قانونية وفعلية في تحريك إجراءات جنائية، بشأن الجرائم المرتكبة بواسطة النافذين من منسوبي النظام البائد امام الأجهزة العدلية المحسوبة على النظام نفسه.
ضرورة الاتفاق
وشددت الهيئة علي ضرورة أن توقع حكومة السودان مع محكمة الجنايات الدولية على إتفاق يكفل للمحاكم السودانية حق إستعادة البشير وغيره من المطلوبين لدى محكمة الجنايات الدولية بعد تسليمهم لها، للخضوع أمام المحاكم الوطنية بشأن أي بلاغات أخرى مقيدة ضدهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى