أخبار

لقاء جدة: جهود أمريكية حثيثة لدفع الجيش نحو مفاوضات جنيف

قالت حكومة الأمر الواقع ببورتسودان، اليوم الجمعة، إنها أرسلت وفدًا إلى مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية؛ للتشاور مع الجانب الأمريكي حول الدعوة المقدمة من قبل خارجيتها، لحضور المفاوضات المزمع عقدها في جنيف في 14 أغسطس الجاري، لبحث وقف إطلاق النار في السودان، وذلك وفقا لما أوردته وكالة «رويترز» للأنباء.

وفي بيان صحفي، قالت وزارة خارجية حكومة بورتسودان؛ إن وفدها يترأسه وزير المعادن محمد بشير عبدالله أبو نمو. 

وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد وجه الدعوة، نهاية يوليو الماضي، إلى كل من الجيش وقوات الدعم السريع للمشاركة في مفاوضات جنيف برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بهدف الاتفاق على وقف إطلاق النار، والسماح بعبور المساعدات الإنسانية، والتوافق على آلية لمراقبة أي اتفاق يتم التوصل إليه. هذا في حين تركت واشنطن للقوى السياسية المدنية، فرصة الحوار لحسم القضايا السياسية، بمعزل عن طرفي القتال.

وفي 23 يوليو الماضي، أعلن قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو موافقته وقبوله الدعوة وترحيبه بالمشاركة في المفاوضات دون أي قيد أو شرط.  في حين اشترط الجيش السوداني عقد اجتماع تشاوري مع الجانب الأمريكي، لبحث وتحديد أهم القضايا والموضوعات التي ستكون ضمن أجندة المحادثات المرتقبة منتصف أغسطس بجنيف، كما أنه اشترط أيضا، الاعتراف بشرعية الحكومة السودانية.

ويأتي هذا اللقاء بين وفد حكومة بورتسودان، والجانب الأمريكي، عقب تحدث بلينكن مع قائد الجيش، الأربعاء الماضي، بغرض حثه على ضرورة المشاركة الجادة في المحادثات في سويسرا، وفقًا لبيان صادر عن الناطق الرسمي باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر.

وجاء في بيان الناطق الرسمي، أن الوزير بلينكن أكد على أن الدمار والخراب اللذين شهدتهما البلاد منذ أبريل 2023؛ دليل على أن عقد محادثات وطنية لوقف إطلاق النار هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع، وتجنب انتشار المجاعة واستعادة العملية السياسية المدنية. وشدد بلينكن في المكالمة، على ضرورة إنهاء القتال بشكل طارئ، وتمكين الوصول الإنساني بلا عوائق، بما في ذلك عبر الحدود والخطوط، والتخفيف من معاناة الشعب السوداني.

هذا وقد قال البرهان، في رسالة إلى حلفائه، عقب المكالمة الهاتفية مع بلينكن، على صفحته الرسمية بمنصة إكس؛ إنه تحدث معه حول “أهمية معالجة القضايا التي تهم الحكومة قبل بدء أيّ مفاوضات”، دون أن يوضح ماهية تلك القضايا. في إشارة إلى طلب حكومته السابق بعقد اجتماع تشاوري مع الحكومة الأمريكية بهدف تحديد أجندة المفاوضات المرتقبة بجنيف.

جدير بالذكر، أن منتمين للحركة الإسلامية، أكدوا أن تغير الصيغة التي خاطب بها وزير الخارجية الأمريكية لأول مرة من “قائد الجيش” إلى “رئيس مجلس السيادة”؛ تعني اعترافا أمريكيا بحكومة البرهان في بورتسودان، كما أكدوا أن موافقة الحكومة الأمريكية على التشاور مع وفد البرهان مؤشر على نجاح دبلوماسية بورتسودان. هذا في حين، أكدت صفحات موالية لقوات الدعم السريع، أن ذلك لا يعني اعترافا رسميا بحكومة الجيش، وإنما يعكس جدية الإدارة الأمريكية في التعامل مع العثرات التي تعترض طريق المفاوضات بجدية هذه المرة. 

“دبلوماسية مكوكية”:

ومعلقًا على هذا المتغير الجديد، قال كبير مفاوضي اتفاق جوبا لسلام السودان، إبراهيم زريبة، لـ«صحيفة الجماهير»: إن الولايات المتحدة، والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي؛ كانت قد تصدت منذ وقت مبكر لانتهاك الشرعية في السودان منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021م. مضيفًا، أن معظم الدول أوقفت كل المساعدات والمزايا التي كانت تقدمها للحكومة الانتقالية بما فيها أمريكا والاتحاد الأوروبي.

وأرجع “زريبة” سبب ذلك إلى أن حكومة الانقلاب لا  تستند إلى أي شرعية دستورية. مبينًا، أن البرهان قد أبطل مفعول الوثيقة الدستورية، وذلك بعد ما ألغى كل البنود التي تنظم الشراكة بين المكون العسكري والمكون المدني في الحكومة الانتقالية. ومن هنا لا تعترف الولايات المتحدة أو الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي بحكومة البرهان.

وفيما يتعلق بلقاء جدة المرتقب، أوضح “زريبة” أنه يأتي في إطار العملية التفاوضية، والدفع بها وهو خطوة إلى الأمام، لأن الجيش هو طرف الحرب الثاني؛ وأمريكا هي الوسيط، وعمل الوساطة هو التقاء الأطراف ابتداءً وعلى الدوام. 

وأوضح كبير مفاوضي جوبا، أنه “في السياق التفاوضي، تعرف هذه العملية بالدبلوماسية المكوكية shuttle diplomacy؛ وهي التقاء الأطراف منفردة لمعرفة شواغل أي طرف؛ حتى تستطيع الوساطة  أن تضع تصورها للحل الذي سيخاطب مشاغل الجميع”. 

وأضاف زريبة، سيتطور هذا التفاوض إلى تفاوض الجوار proximity أو التفاوض الغير مباشر بجمع الأطراف في جنيف في 14 أغسطس المقبل، وإذا تم إحراز تقدم وتقارب تختم العملية التفاوضية  بالجلوس المباشر على طاولة التفاوض Direct.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى