رأي

مجاهد بشرى يكتب: لماذا دمرت مصفاة الجيلي؟ مافيا النفط في السودان

مقدمة  الجزء الأول:

امتلأت جوانب الأسافير بخبر قصف الجيش لمصفاة الجيلي استجابةً لمطالب أبواق الحرب بتدميره، ولكن لأن غالبية الشعب لا يعرف حقيقة الحرب الاقتصادية التي تدور رحاها في الظل؛ وبعيدًا عن الأعين لتمكين القطط السمان وقادة الجيش ليزدادوا ثراء؛ فهذه سلسلة مقالات ستكشف لك عن أسباب قصف الجيش للمصفاة، وعدم علاقتها بالمعارك العسكرية بالأدلة والمستندات. إن قصف المصفاة كان لأهداف أخرى بعيدة كل البعد عما تراه وتسمعه.

1- المافيا:

رغم امتلاك السودان لموارد نفطية مقدرة، ومرور نفط دولة جنوب السودان بأراضيه، إلا أنه ظل يعاني من شح في الوقود وغلاء أسعاره بسبب سوء الإدارة والتوترات الداخلية المستمرة وسيطرة «مافيا الوقود» على عمليات استيراده وتوزيعه، ويتربع على رأسها مدير شركة «إيلاف تريدنغ» رجل الأعمال السوداني “مجاهد عبدالله سهل عبدالله”، الذي بنهاية هذه السلسلة ستفهم تورطه في تمويل هذه الحرب، وعلاقته هو وعدد من ذئاب النفط بقصف مصفاة الجيلي، وصناعة أزمة الوقود التي تلوح في الأفق مع شركائهم من قادة الجيش.

مهندس الحاسوب مجاهد عبدالله الذي كان يدعي بأنه يدير مكتب عراب الإسلاميين حسن الترابي، واستفاد من علاقاته مع أسعد كرتي في بداياته، تنامت ثروته بشكل متسارع حيث تحول من مستأجر لشقة بالمجاز في الشارقة، إلى مالك لأكثر من ثلاث فلل، وأكثر من (20) شقة أخرى موزعة ما بين “دبي والشارقة”، وعدد من الشركات بمصر والسودان، وذلك بعد إقناعه لشركة «الراجحي» بالدخول إلى مجال استيراد النفط بالسودان، بجانب نشاطها الزراعي. وفعلًا استخدمت الراجحي إحدى شركاتها وهي شركة «سجاف بايونير» ومديرها التنفيذي “إبراهيم بن عبد المحسن التويجري”، وشركة «إيلاف تريدنغ» ومالكها مجاهد عبد الله الذي تربطه أيضًا علاقات مع شركة IPG الكويتية لاستيراد (17) باخرة وقود بلغت كلفتها النهائية حوالي (340) مليون دولار نظيرًا لاستيراد وقود في الفترة من أغسطس وحتى ديسمبر 2019م.

تمت هذه الصفقة بموجب اعتمادات مستندية واجبة الدفع، صادرة عن «بنك السودان المركزي» لصالح الراجحي وإيلاف، ولكن للأسف لم تتحصل شركة الراجحي حتى اليوم على مستحقاتها، بعد أن تنكّر مجاهد عبد الله لها، واستلم نصيب شركته البالغ أكثر من (20) مليون دولار.

وفي فترة سابقة لذلك، وقبل الثورة، فشل سهل والنمير في سداد مرابحات لبنك النيلين أبوظبي، ولكن بعد رهنه لمنزله بأمدرمان وبمساعدة وزير المالية الأسبق، بدر الدين محمود، الذي تربطه مصاهرة بأسعد كرتي؛ فكانت ضالتهم وقتها في مدير الفرع، السيد أسامة عطا جبارة، الذي أنهت خدماته لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 واسترداد الأموال العامة – السودان، ولاحقًا استطاع مجاهد السيطرة على بنك النيلين أبوظبي خاصةً خلال فترة إدارة السيد فتحي القاسم لفرع البنك بأبوظبي وحتى الآن، حيث تمكن هو والنمير بالضغط على إدارة البنك وابتزازها مستغلين علاقتهما بمكتب ياسر العطا. واستطاعا الحصول على مزيد من التمويل لمشاريعهما الخاصة علمًا بأن أموال البنك هي أموال عامة تخص الشعب كونه بنكًا مملوكًا للدولة.

لتبدأ مرحلة فساد رهيب امتدت لتشمل السيطرة على بنك النيلين الخرطوم، وبنك السودان المركزي، والسيطرة على قادة الجيش.

في المقال القادم إن شاء الله نورد المستندات والأسماء، وكيف نجح النمير ومجاهد في شراء قادة الجيش، والسيطرة على قطاع المصارف، والإفلات من بلاغات التهرب المالي بالإمارات، ومن ساعدهم، ونظير ماذا.. وكيف قاما بتكوين أكبر مافيا سيطرت على مجال استيراد وتوزيع النفط، وما هي الخطة التي بدأ تنفيذها منذ مارس 2021م باسم الجيش لبناء أكبر مستودعات وقود ببورتسودان لصالح هذه المافيا. ولن نتوقف حتى توضع أسماؤهم في قوائم العقوبات الدولية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى