تقع مدينة مليط على بعد [67] كلم شمال مدينة الفاشر، وتعتبر ثاني أكبر مدينة بعد الفاشر من حيث التعداد السكاني والحجم والنشاط التجاري وهي مركز لمحلية مليط التي تحدها محلية الفاشر من الجنوب، ومحلية كتم من الغرب، ومحلية المالحة من الشمال، ومحلية الكومة من الشرق. تقع المدينة في منطقة منخفضة تحفها جبال من الاتجاهات الأربعة، ويتوسطها واديان يلتقيان في منتصف المدينة ليصبا في الخزان الذي أنشئ قبل عقود على امتداد الوادي الرئيسي المتدفق من الجبال الشمالية ويلتف على المدينة من الغرب ثم يتوسطها عندما ينعرج شرقا نحو مصبه في الخزان الذي تم تشييده سنة [1946م]. يعتبر هذا الوادي مصدرًا رئيسيًّا لمياه المدينة من الآبار السطحية التي لا تتجاوز عشرين مترًا، ومصدرًا لزراعة الخضروات الموسمية سواء البصل أو الجرجير أو العجور ..إلخ.
لمدينة مليط عدة أحياء يتوسطها السوق والمرافق الحكومية مثل “المحلية، مركز الشرطة، المحكمة، الجوازات وبعض المدارس الثانوية القديمة، والمستشفى والاستاذ”. وتتجاوز أحياء المدينة (36) حيا سكنيا، نذكر على سبيل المثال حي العباسي، والمرابيع، والوحد، وغرونا، وكتاب شكرا، وعمار جديد، والحي الغربي.
تتمتع المدينة بتعدد اجتماعي، حيث تسكنها أكثر من عشر قبائل بتفاوت نسبتهم، وتشتهر باهتمام أهلها برياضة كرة القدم والمنافسة العالية بين الأحياء، كما تشتهر المدينة بتصديرها لحكام كرة القدم، وأساتذة المدارس من الجنسين نسبة لاهتمام المجتمع بالتعليم، ويوجد بالمدينة أكثر من (30) مدرسة ابتدائية ومتوسطة، و(13) مدرسة ثانوية.
قبل النزاعات في الإقليم كانت تمتلك المدينة سوقًا من أكبر أسواق الماشية، وكان يعمل ثلاثة أيام في الأسبوع.
يرعى الكثير من سكان مدينة مليط الإبل
كما تمتلك عددًا من الطرق الطويلة منها، طريق أمدرمان- مليط، وطريق الدبة- حمرة الشيخ- مليط، والدبة- المالحة- مليط، فضلا عن طريق ليبيا الذي يبدأ من الكفرة- مليط، ثم طرق تشاد: تشاد- الطيبة- مليط، تشاد- فوربرنقا- مليط. أما إقليميًّا؛ فهناك طريق شرق دارفور، الذي يربط مليط بالضعين عبر الكومة، وطريق جنوب دارفور نيالا- مليط عبر شرق الفاشر. فضلا عن أنشط الطرق، وهو طريق الفاشر- مليط.
مليط تحت سيطرة القوة المشتركة:
شهدت مدينة مليط تحت سيطرة القوة المشتركة تبادلا بين الاستقرار والاضطراب والحوادث المتفرقة، التي سرعان ما يتم احتواؤها بين المجتمع المحلي والحركات المسلحة؛ بسبب حرص المجتمع المحلي على استقرار المدينة وانسياب مصالحهم التجارية. إن أكثر ما كانت تعانيه المدينة فيما يخص النشاط التجاري بصفة عامة فوضى البوابات التي تنصبها الحركات على امتداد الطرق التجارية بين المدن، فعلى سبيل المثال كانت توجد بين الكومة ومليط -56 كلم- حوالي (17) بوابة لمختلف الحركات، وكل بوابة تأخذ (50) ألفًا.
أما الشاحنات القادمة من ليبيا فإنها تدفع برميلين جاز و(500) ألف جنيه، قبل دخولها لمكاتب الجمارك التي بدورها تأخذ رسومًا على البضاعة.
أوجه صرف الجمارك والإيرادات الأخرى:
انعقدت اتفاقات بين لجنة الطوارئ التي تتكون من قيادات المجتمع المحلي والحركات المسلحة على توزيع إيرادات الجمارك على النحو التالي:
(10%) للمستشفى
(40%) للحركات المسلحة.
(43%) لمرتبات موظفي المحلية.
(7%) للمتحصلين.
برغم الإيرادات العالية للمحلية، إلا أن ما يقارب نصفها كان يصرف على قوات الحركات المسلحة التي انحازت للجيش، في الوقت الذي تعاني فيه المدينة من ارتفاع أسعار المياه، بعد الهجرة السكانية من المحليات الأخرى، خاصة الفاشر.
كما شكل وجود الحركات في مليط زيادة وتيرة النعرات الاثنية واستهداف بعض المكونات الاجتماعية، وقد قَتل عناصر الحركات عدد من الشباب في حوادث متفرقة.
المهددات الأمنية والاقتصادية للمدينة:
أول مهدد للمدينة في الوقت الراهن يتمثل في تأمين الطرق التجارية التي ربما تزعزعها بعض الحركات التي أُخرجت من مليط.
ثانيا؛ تأمين السوق من عمليات النهب والسرقة والتي ربما يتم افتعالها.
ثالثا؛ إدارة المال، الجدير بالذكر أن الصرافات أو البنوك مغلقة، فهناك حاجة لصرافات مالية تنظم نقل الأموال، برغم وجود التطبيقات البنكية إلا أن الحاجة للسيولة مهمة للغاية.
رابعا؛ استمرار توقف الاتصالات. إن رفع تكاليف خدمة الإنترنت لأضعاف المرات بالاعتماد على خدمة ستارلينك، يجعل هناك حاجة لإعادة تشغيل الاتصالات بالمدينة.
خامسا؛ هناك دعوات تحريضية تهدد الاستقرار الاجتماعي من أطراف مشبوهة، تريد أن تكسب في بيئة مضطربة.
سادسا؛ توجد أكثر من [450] أسرة نازحة، اتخذت المدارس كمراكز إيواء مؤقتة، وبالتالي هناك حاجة إلى تقديم المساعدات الإنسانية للأسر التي نزحت داخليا، خاصة مع اقتراب موسم الخريف، وأن هذه المدارس ليست مؤهلة للسكن.
المدينة بعد سيطرة الدعم السريع:
تمتلك مدينة مليط فرصًا كبيرة لتنمية نفسها بالاعتماد على دخلها الذاتي، بسبب نسبة الوعي العالية عند أفراد المجتمع، ومن المهم أن تستوعب قيادة الدعم السريع أهمية الإدارة المدنية لإدارة دولاب العمل في المدينة.
وكانت قد شهدت المدينة، قبل سقوطها على يد قوات الدعم السريع، اعتداءات واسعة من قبل الحركات المسلحة على أشخاص مدنيين جرى استهدافهم على أساس القبيلة. كما كانت تفرض نقاط التفتيش التابعة للحركات المسلحة رسومًا باهظة على البضائع التي كانت تدخل المدينة، مما ساهم في غلاء المعيشة وتذمر المدنيين. في حين أن حوادث الاعتداءات القبلية قد انحسرت بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مليط.
أيضًا، هناك ضرورة لعودة الشرطة والنيابة، فكل مدينة تحتاج لحل الخلافات والتسويات والعقود بواسطة الجهاز القضائي. وكان قد أعلن قائد قوات الدعم السريع في مليط، اللواء علي يعقوب، الأسبوع الماضي، أن السوق مفتوح ويعمل باستمرار ومحمي من قبل قواتهم التي تمشط خارج المدينة. وكذلك المؤسسات الحكومية التي من ضمنها الجمارك ومركز الشرطة. وأصدر قرارًا قضى بحل “كافة اللجان الكيزانية والمتعاونة مع مرتزقة البرهان”، وأول هذه اللجان هي لجنة الطوارئ.
وأكد يعقوب، أن حدود المدينة مفتوحة لكل المواطنين الذين يرغبون في المجيء إليها سواء من ليبيا أو الدبة. مضيفا أنها مفتوحة أيضًا للصحفيين والإعلاميين الذين يرغبون في نقل الحقيقة.
وأكد مواطنين من مليط للجماهير، عدم وجود أي اعتداءات أو سرقات بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة، وأن الوضع هادئ تماما ومستقر.
إن الكثافة السكانية في مليط اليوم تحتاج لمزيد من الصرف على مرافق المدينة خاصة الصحية وتوفير المياه، سواء بحصاد المياه في فترة الخريف، أو حفر مزيد من الآبار لتغطية العجز وخفض أسعارها.