أخبارتقارير وتحقيقات

مناوي: الحرب لن تكون للأبد و هذه شروطنا للتسوية

تغيير الحكومة حل فوقي و على السياسين الابتعاد عن الحلول السهلة و اخراج البلاد من ازماتها

حوار : عباس محمد إبراهيم

قبل أيام خرج ثابو أمبيكي، الرئيس السابق لجنوب افريقيا و رئيس فريق الوساطة بين الفرقاء السودانيين، عبر فضائية جنوب إفريقيا و حدث الناس بشئ من التفأل كاشفاً عن اتفاق بين الحكومة السودانية و المعارضة في عدت نقاط ابرزها تشكيل حكومة و اعداد دستور جديد، لم تمضي ايام على حديثه لتلحق به تصريحات مشابها مصدرها كان من دولة بريطانيا التي أشارات إلى إقتراب التسوية في السودان، حديث هذه الاطراف و تصريحات و رسائل الصادق المهدي زعيم حزب الأمة عقب عودته الاخيرة، أثارت مجموعة من الأسئلة بين الناس، حملناها و معها استفهامات اخرى عن ما يدور في نداء السودان وو ضعناها على منضدة منى اركو مناوي، رئيس حركة تحرير السودان.

في هذا الحوار تحدث الرجل عن فرص التسوية و دوافع الدول التي تعمل على احلال السلام، و عن الازمات التي تواجههم ووضع خارطة طريق للسلام الذي يريد.

سيد مناوي الناس يتحدثون عن اتفاق متوقع مع الحكومة السودانية وعن عملية الهبوط الناعم و اقتراب التسوية هل همس المجالس يلامس الحقائق؟

الهبوط الناعم حديث يردده بعض الناس و يلاقى هوى في نفوس اخرين، لكن لا يمكن أن يعمم على الجميع، وإذا كانت هنالك رغبة سياسية وإرادة من جميع الاطراف لتحقيق وخلق سلام دائم عبر التفاوض و العملية السلمية هذا هو المطلوب من جانبنا و من الجميع، و نحن في حركة تحرير السودان لم نحمل السلاح من آجل الحرب و لكن دفعنا إلى هذا الخيار بسبب المظالم الواقعة، والتي لازالت اسبابها موجودة وواقع يعيشه المواطن السوداني يوميًا، مع ذلك حكومة المؤتمر الوطني لم تقدم إلى الآن ما يقنعنا بانها تريد السلام وتعمل من اجله.

إذاً التسوية كخيار مطروحة على طاولتكم؟

الحرب لن تكون إلى الابد و هي وسيلة و ليست غاية و كل حركة سياسية و حركة مقاومة ترغب وتعمل من أجل التسوية .. لكن آي تسوية التي نريد هذا هو السؤال المهم؟

حدثنا عن التسوية التي تريد؟

التسوية ما لم تكن لحل مشاكل المواطنين السودانيين جميعهم و من آجل مخاطبة مشاكل الناس في كل السودان و معالجة المظالم التاريخية و ترتيب البيت الداخلي وتوفير التعليم و الصحة للجميع و تجعل الأمان واقع معاش وتضع حل جذري للمشاكل في البلاد، بلا شك ستنتهي باعمال صورية تدخل اشخاص للحكومة وتكتب نهاية للمعارضة الحالية لكنها بعد حين ستولد معارضة اخرى، و لن تنتهي هذه الدوامة لذلك نريد تسوية حقيقية تخاطب القضايا التي ذكرتها.

حديث امبيكي غير صحيح و بريطانيا لا يهمها انعكاس السلام على حياة الناس

الرئيس أمبيكي تحدث قبل ايام في لقاء تلفزيوني عن قبولكم لتشكيل حكومة جديدة و دستور؟

هذا غير صحيح و لم اسمع مباشرة من إمبيكي مثل هذا الحديث و اذا قال ذلك فحديثه غير صحيح اطلاقاً، نحن لا نبحث عن تشكيل حكومة، مشاكل بلادنا اكثر تعقيدًا، و الاجابة على سؤال من يحكم و كيف تشكل الحكومة هي امور بسيطة.

التقيتم قبل أسابيع في العاصمة الفرنسية باريس و الوساطة ما الذي دار بينكم هناك؟

اجتمعنا مع مندوب الرئيس إمبيكي في العاصمة باريس، و تحدثنا عن موقفنا في حركة تحرير السودان، الذي يتمثل في إعادة ترتيب العملية تفاوضية من آجل بداية جديدة و ليس من الضروري أن ننطلق من خارطة الطريق الموقعة من جانباً في أغسطس، و واخبرنا المندوب أن الخارطة لا يمكن ابعادها بالكامل ولا قبولها بالكامل، و هذا حديث يقبله العقل، لان الأحداث في السودان تتغير كل يوم لذا يجب ان يتم إستصحاب المستجدات التي حدثت ما بعد التوقيع، وهذا هو اخر موقف لحركة تحرير السودان.

الحكومات الغربية تريد حكومة ضعيفة و عميلة مثل حكومة المؤتمر الوطني

لنعود للحديث عن التسوية إمبيكي لم يكن لوحده بريطانيا ايضا ابدت تفالها؟

الحكومات بريطانية أو غيرها مشغولة بقضايها و ليس بقضايا بلادنا، لكن ما يحرك اهتمامها هو الضغط الواقع عليها من المجتمعات المدنية، و في حقيقة الأمر هم لا يهتموا كثيراً بالامور الداخلية في السودان، نعم يتحدثون عن السلام و إيقاف الحرب لكن لا يهمهم انعكاس السلام على المجتمعات و أن يكون امر معاش بين الناس، هذا خلاف جوهري بيننا.

ماهي دوافعهم؟

بعض الحكومات الغربية ترغب في حكومة ضعيفه و عميلة مثل حكومة المؤتمر الوطني حتى تقوم بتمرير ما تريد، فإذا تحدثوا عن تسوية أو اقتراب السلام هذا شانهم وحدهم، لكن نحن كمعارضة وطنية لم نجد حتي الآن افق للحل يجعلنا نمضي في طريق التسوية السياسية، موقف النظام بعيد جدًا عن السلام و حتي الآن لازال يتعنت ويقوم بتجيش القبائل و يفرض 80% من ميزانية الدولة للسلاح في دولة فيها نحو 3 مليون طفله خارج المدارس ومواطني اكبر اقاليمها نازحين ولاجئين و لا تتوفر مياه للشرب في اغلب مدن السودان و تنعدم مجانية التعليم و الصحة، و الحزب الحاكم لا يرأى غير نفسه لادارة شؤون الناس، لذلك بكل ثقة يمكنني ان اقول ليس هناك اي بصيص أمل لتسوية او حل قريب من وجهة نظرنا.

*تقول المصادر أنكم تعرضتم لضغوط في أجتماعات باريس الأخيرة من قبل المجتمع الدولي؟*
ضاحكًا .. المجتمع الدولي يمكن أن يتحدث عن السلام و فرص تحقيقه، لكننا لم نجلس مع ضباط في الجيش او قادة استخبارات، جلسنا مع دبلوماسين و كان حديثهم مرن و لم نتلمس منهم اي ضغوط، وكل اللقاءات معهم غلبت عليها اللغة الدبلوماسية، لكن دعني أقول أن المجتمع الدولي تحركه المصالح يريد ان ينهي المشكلة، (بالطبطه) دون معالجتها جذرياً، و نحن موقفنا مرتبط بالمجتمعات الداخلية في بلدنا وغير ملزمين بشروط الخارج.

في باريس نداء السودان خرج في مؤتمر صحفي متماسك غير أن المراقبين تحدثوا عن أزمة مكتومة كانت في الغرف؟

نحن لسنا ملائكة جميعنا سودانيون و أن كانت هناك أزمة فهي مورثه من السياسة السودانية، و اذا انتقلت من السودان إلى نداء السودان علينا أن نواجهها و نعمل على معالجتها، و هو امر طبيعي لاننا ورثنا ممارسة سياسية معطوبة و فيها الكثير من الازمات هذه الممارسة السياسية عمرها 60 عام عمر أستقلال بلادنا، وانخراطنا في العمل السياسي يهدف في الأساس لاصلاح هذه الورثة السياسية المازومة.

مشاكلنا في نداء السودان ورثناها من الممارسة السياسية العقيمة

يعني ذلك انكم قادرون على تجاوز الازمات في ما بينكم؟

الازمات لا يمكن تجاوزها، و ما نعيشه من ازمات له ابعاد متباينة سياسة و إجتماعية واقتصادية وثقافية هذه الابعاد هناك من يعتبر أن حلها يمكن (بالشاكوش)، وجميعنا لا نتفق على تصور واحد للحل، و التباين في صفوف المعارضة اسبابه الاختلاف في تصورات الحل، هناك من ينظر حل الازمة يكمن في ذهاب النظام وتغيير الحكومة، لكن هل هذا هو الحل؟! .. في رأى مشكلة السودان هي اعقد من ذلك بكثير و البلاد في كل يوم تنزلق الى الأسفل و اعادتها و حل مشاكلها يحتاج الي الكثير علينا الابتعاد عن الحلول السهلة،و لابد من النظر الي كل المسائل بعمق و عدم التبسيط لان تغيير الحكومات في رأى حل فوقي لا يلامس المشاكل الاساسية التي حارب من اجلها الناس و يقاوم اخرون من اجلها بوسائل مختلف في مدن السودان كل يوم، نحتاج قبل الذهاب الي حلول مجانية مثل تشكيل الحكومات و المناصب أن نعيد النظر في مشاكل الناس التي تواجههم يومياً ونضع لها حلول حقيقية، علينا أن نبحث عن الكيفية التي نعيد بها النازحين و اللاجئين في دارفور إلى مجتمعاهم و ما هي البرامج العاجلة التي يمكن أن تساعدهم ليكونوا فاعلين و مشاركين في مستقبل بلدهم، علينا بحث خطط لحل مشاكل الاطفال خارج المدارس في السودان و مياه الشرب النظيفة للناس، الصحة و العلاج هذا ما يهم الناس لقمة العيش اليومية، لذلك المطلوب الآن أن يتحمل الجميع المسؤولية الاخلاقية و السياسية و يعملوا من أجل الحل الحقيقي للازمة، أما اختلاف وجهات النظر وحصر الازمة في الحكومة وتغيرها هو ما يأتي بالمشاحنات و يعتبر قصر نظر و تبسيط للازمة في البلد.

تحدث الرئيس إمبيكي عن مشاورات تجري بينكم مرجعيتها وثيقة الدوحة؟

لا خلاف حول الدوحة كمنبر للتفاوض، لكن خلافنا أن الاتفاقية التي وقعت قبل 5 سنوات عمرها المحدد إنتهاء و الورقة التي خرجت في ذلك الوقت الان باتت غير صالحة، هذا الاتفاق اختتم بزيارة واحتفال 4 رؤساء في الفاشر قبل عام، وبنهاية السقف الزمني لهذه الوثقية تم حل جميع المؤسسات التي اقرتها و كل الاليات، و هناك جانب اخر مهم الاتفاقية اساسها يقوم على قرار اممي له سقف زمني، و حتى لا يفهم حديثنا بشكل مغلوط نؤكد على اننا لا نرفض الدوحة كمنبر تفاوضي لكن ما الذي يمنع من قيام تفاوض حقيقي يستصحب كل الحقائق على الأرض و يخاطب الازمة و مثل هذا الاتفاق لا يمكن أن يتم الا بتجاوز هذه الاتفاقية، هذا هو موقفنا الذى ابلغنا به الوسيط و لم نتفق مع إي طرف على احياء اتفاقية تجاوزها الزمن.

لكن الطرف الاخر الحكومة السودانية تتمسك بهذا الاتفاق؟

الحكومة السودانية تناور، وحتى الآن تقوم باستيعاب أشخاص وفقاً لاتفاقية ابوجا و اتفاقية السلام الشامل واخرين يتم الحاقهم باتفاق الدوحة المنتهي، و هذا السلوك يؤكد حديثنا عن انها لا تملك ارادة سياسة لحل المشاكل، و دائما ما تلجأ للمناورة لكسب مزيد من الوقت و هي تعلم ان هذه الاتفاقيات منتهية الصلاحية، لكنها تسوقها للذين يرغبون في وظائف وهم كثر.

حوار القاعة يخص المؤتمر الوطني و اصدقائه و المهدي مفوض لهذه القضايا فقط

لكن وزير الإعلام قال في تصريحات أن تأخر تشكيل الحكومة لانتظار الممانعين في الخارج وأشار لعودة الصادق بانها بادرة لحوار؟

ما نتج من الحوار في قاعة الصداقة هو أمر يخص المؤتمر الوطني و اصدقائه، اما الحديث عن تشكيل الحكومة و تاخيرها عليهم أن يعلموا أذا تم تشكيل الحكومة او لم يتم نحن على موقفنا، ما لم تتم مخاطبة قضايا الناس و نتفق على حلول لمشاكلهم، لا معني لتشكيل الحكومة أو تأخيرها، واذا تشكلت 10 حكومات لا يعنينا ما يتم في حوار قاعة الصداقة ولا ما يتم تنفيذه طالما لسنا طرفا قانونيا .

*لكن مفوضكم من قبل نداء السودان الصادق المهدي زعيم حزب الأمة عند عودته تحدث عن إيجابيات و لم لامكانية الحل؟*
الصادق المهدي مفوض للعمل من أجل التصعيد في الشارع و تحمل اي مسؤولية سياسية للحراك الذي يحدثه المواطنين،هذه حدود التفويض، و قرارنا هذا مبني على أن المقاومة في السودان ماضية في تصاعد و المواطنين يعملوا جاهدين للتخلص من هذا النظام الفاشل لكن ما يجهضها دائما هو غياب القيادات، من هنا يبقي اي حديث عن تفويض المهدي للحديث باسمنا هو أمر غير صحيح و اي خطوة في هذا الاتجاه يتحملها لوحده و تعبر عن حزبه فقط.

الحكومة تردد بانكم بلا مقاتلين الآن؟

اذا كنا لا نملك مقاتلين و لا يقف خلفنا سند شعبي نحن في غنى عن التفاوض معهم و نساءل لماذا تجلس معنا الحكومة للتفاوض أن كنا بلا تأثير؟!.

إذا استمر الحال هكذا لن تنفصل دارفور وحدها

سيد مناوى بدأ الحديث عن خيار الإنفصال وسط الدارفورين كيف تنظر لذلك؟

إي حديث عن الانفصال تقف خلفه أسباب، علينا البحث عنها و مواجهتها أن كنا نريد وحدة بلادنا، و ما يحدث الآن في السودان، لا يهدد بتنامي هذه النزعة وسط أهل دارفور لوحدهم، و حتى نكون واقعين يجب ان نعترف أن الأسباب لا تتحملها السلطة لوحدها هناك من يقول أن النظام هو ما يحمل الناس لاختيار الانفصال هذا الحديث سطحي و يدل على عدم فهم للمشكلة الاساسية، و لا يساعد على الحل لانه تفكير مستعجل بلا تفكير، السلطة ساهمت في تعزيز نزعة الإنفصال لكن هل هذه السلطة نبت شيطاني؟ هناك مجتمع يشكل هذه السلطة و يمثل لها راس مال حقيقي يدفع الناس للابتعاد وفقدان الثقة في الوطن، الثقافة السائدة في وطننا تقسم الناس بين المركز و الهامش و حتي هذا التقسيم يستصحبوه عندما يجلسوا للحل، وهذه ازمة حقيقية و ما لم يشعر الجميع انهم جزء من هذا الوطن وأن الدولة تمثلهم سيقي الشعور بالابتعاد و الرغبة في الانفصال هي المسيطرة، انا لا اتحدث عن دارفور فقط بل كل المجتمعات في السودان، ما لم نعالج السرطان داخل الجسم الكبير الذي يغذي الأقاليم لن نستطيع أن نطالب أحد بعدم الحديث عن الإنفصال.
و حتى إنفصال جنوب السودان قبل سنوات لا يمكن ان يتحمل الجرم المؤتمر الوطني لوحده، هو مسؤولية كل الاحزاب التي ورثة الاستقلال، انا على قناعة بانها تتحمل المسؤولية التاريخية بذات القدر، و علينا أن نتأمل في مقولة سلفاكير ميارديت رئيس دولة جنوب السودان عقب الإنفصال الرجل قال ( انه على قناعة أن الحزب الشيوعي إذا حكم السودان سيحكمه بالشريعة الاسلامية) انا وصلت لهذه القناعة وعلينا معالجتها.

توحيد مسارات التفاوض قرار الجبهة الثورية قبل الانشقاق و كل شئ وارد الآن

عندما تعودوا للتفاوض هل الاتفاق بتوحيد المسارات قائماً؟

لا نملك اتفاق يلزم الأطراف ما يحكمنا في السابق كان قرار للجبهة الثورية و تحكمنا لوائح لكن بعد الانشقاق يبقي ما بيننا اتفاق ضمني، و لا يمكننا أن نتوقع تصرفات الاخرين، وما يحكمنا الآن اتفاق اخلاقي، لكن لا يمكننا فرض سيطرتنا على احد و حال اقر طرف فصل المسارات يبقي له الحق في ذلك و لا يوجد شئ يحكمنا .

في الاونة الاخيرة بدأ الحديث عن جدوى العمل السلاح، و كتب الدكتور الواثق كمير أكثر من مرة يتسأل هل ما زال السلاح خيار ؟

تابعت حديث دكتور الواثق ومداخلاته عن هذا الموضوع ، لكن اذا كان يقصد الحركة الشعبية التي أنتمى لها من قبل نعم انتهاء زمن حمل السلاح لان أسباب حملها للسلاح انتفت بعد ان حققت نجاح و امتلكت دولة ذات سيادة و حدود جغرافية و اعتراف دولي و هوية، أما إذا كان يقصد بموقفه هذا الحركات الحالية التي تقاتل الحكومة في دولة السودان يبقي حديثه غير صحيح لأننا لم نتجاوز الأسباب التي دفعتنا لحمل السلاح و هي اسباب تفرضها الحكومة و لا يمكن ان تزول الا بازالة عقلية الحكومة العنصرية الأيديولوجية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى