رأي

 نجم الدين دريسة يكتب: المارشال مناوي في متاهة (2) 

سبق أن أشرت في الجزء الأول من المقال إلى أن خطابات السيد المارشال مني أركو مناوي ظلت تجلب الضحك والتندر والسخرية والأسى والحسرة وكل مفردات الخيبة، الأمر الذي يجعلنا محقين جدًا في أن نطلق عليه أي لقب ولكن ليس من بينها قائد؛ لأن القائد كما يقال هو الرائد الذي لا يكذب أهله. ولكن للرجل توصيف ينطبق عليه تماما وهو أنه (مرتزق في أقبح صورة). لأنه ظل يتبضع في سوق السياسية منذ توقيعه على اتفاقية سلام أبوجا والتي لم تعدو كونها إملاءات خارجية وجدت طريقها إلى شخص ظل مقربين منه جدا يطلقون عليه صفة انتهازي، مستبد ضيق الأفق، ودوغمائي. وهي كلها صفات تجعل من وجود الرجل في عالم السياسة لا يعدو كونه خصم من المشروع المدني لأنه يمثل صورة زائفة تقود شعبنا إلى أنفاق موغلة في الظلام. والرجل في الأصل انكفائي واقع تحت ظلال التأثير العشائري في بلد متعدد الأعراق والثقافات ومتنوع الهويات ما يجعله كثير الصدام وعاجزًا عن أي مبررات عقلانية لكثير من تصرفاته ومواقفه التي يغلب عليها طابع بث الإشاعات والأكاذيب والتوهمات وافتراض أقوال وأحاديث تجافي الحقائق. 

إن ظهوره أمس في المؤتمر الصحفي كان يمكن أن نطلق عليه ( رمتني بدءها وانسلت)، وإن لم تستح فاصنع ما شئت. إنه حديث ممجوج، منزوع الحقائق يميل إلى إطلاق الاتهامات وخطابه يمثل الجحود في أقبح صورة، لأن السيد القائد العام لقوات الدعم السريع هو السبب المباشر في التوصل للاتفاق الذي تم بجوبا، حيث بذل جهودًا مضنية أنتجت اتفاق السلام وبموجب ذلك أصبح المارشال حاكمًا لإقليم دارفور. ليظل أول من يعض اليد التي امتدت إليه للسلام. إن الاستئثار على السلطة بالطرق الملتوية لا يؤدي إلا لمزيد من الصراع، الأمر جعل مناوي في صراع دائم يمسي على موقف ويصبح على آخر فالرجل متناقض حد التخمة، ظل يردد أنه لم يقف إلى جانب الجيش المختطف من قبل علي كرتي وها هو بعد بضعة أشهر يقاتل في صفوف ما يعرف بالمجاهدين وكتائب البراء والمجموعات الإرهابية وهو موقف يؤكد أنه يتخبط كالثور في مستودع الخزف. ما جاء في مؤتمره الصحفي هو بالطبع حديث فلول النظام، إذ صار يردد حديث كرتي كالببغاء. 

أما إشارته إلى أن السيد قائد قوات الدعم السريع لديه ارتباط بتنظيم الإخوان المسلمين؛ فهي حديث مردود، لأن قواته وبعد الانحياز لثورة ديسمبر قاتلت لأنها تموضعت في اتجاه التغيير والتحرير وقاتلت دفاعًا عن نفسها لإبطال مفعول السلاح المرفوع في وجهها، فانتصرت لأنها مسلحة بالحق، وانتصرت بأخلاقها قبل أن تنتصر بسلاحها. تصدت قوات الدعم السريع الباسلة أو قوات التحرر الوطني لجماعات الهوس الديني وجيش ونجت باشا المختطف من قبل فلول النظام المباد التي أججت الحرب لإجهاض ثورة ديسمبر، والتي تخندق معها مناوي وصار يأتمر بأمر الحركة الإسلامية وقائد جماعة الإرهاب علي كرتي. نعم كما يقول المثل رمتني بدائها وانسلت، كيف يكون حميدتي كذلك وهو يحارب  تنظيم الإخوان المسلمين الذي ترتمي في أحضانه يا أركو مناوي من أجل حفنة دولارات لتأتي وتحدثنا عن تطهير عرقي وإبادة جماعية وكل العبارات التي تفوهت بها تنم عن البلاهة. أنت تجردت من كل أعراف القبيلة وها أنت تتمتع بروح قطاع الطرق كأحد مجرمي الحرب حيث ظللت تبحث لك عن شماعة تضاري بها هزائمك تارة بإطلاق الاتهامات الباطلة والنفخ الكذوب مع حلفائك من قوى الردة والبغي والشر من مجموعات الهوس الديني، وتارة أخرى ملوحًا بالخطاب العرقي والإثني والعمل على دمغ قوات الدعم السريع بجرائم حرب دارفور! مع أن الجميع يعلم أن قوات الدعم السريع تكونت بعد أكثر من عشر سنوات من حروب دارفور، وأنت محمول بانتهاكات وجرائم لا حصر ليس آخرها سرقة معدات وآليات اليوناميد التي تقدر بملايين الدولارات؛ فهما قلت لن تستطيع استدرار عطف شعوب دارفور وكل المساحيق لا تقوى على تجميل قبحك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى