تقارير وتحقيقات

هرون وكرتي ..الانتهازية في مواجهة الانتحار!!

تقرير: زكي عبدالفتاح- بعد سقوط المخلوع البشير وتكاثف الضغوط على رئيس المجلس السيادي وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان من قبل الثوار واصرارهم بايداع قادة النظام البائد إلى السجون ، نفض البرهان يده من الاتفاق الذي أبرمه مع البشير بوضعه في مكان آمن وعدم تسليمه للمحكمة الجنائية في لهاي ، وأقنع البرهان (الكيزان) بأنه لن ينالهم سوء فأودع البشير وقيادات نظامه في سجن كوبر بعد موافقتهم ، وكلف البشير علي كرتي بادارة العلاقة السرية مع البرهان على أن يكون (الحفيان) الضابط السابق بجهاز الأمن هو حلقة الوصل بينهما.
واختيار كرتي لم يأت عبطاً فالرجل عمل في التنظيم العسكري وكان مسؤولاً عن الدفاع الشعبي ووزيراً للخارجية ، واستطاع اختراق المؤسسة العسكرية والأمنية بضباط من مسقط رأسه والمناطق التي تحيط به في ولاية نهر النيل ، ولذلك يمثل حلقة وصل بين الضباط الكبار في الجيش والأمن والشرطة والمجاهدين.
لم ينفذ كرتي رغبة البشير والمجموعة المتقربة إليه زلفى داخل السجن خاصة عبدالرحيم محمد حسين وأحمد هرون ونافع على نافع ، بالانقلاب على حكومة حمدوك بعد أن تكفل المؤتمر الوطني بالتعبئة عن طريق مواكب الزحف الأخضر ، ولعب (الفأر) في عب مجموعة السجن وتبلورت وسطهم قناعة بأن كرتي والبرهان يلعبان بالوقت لتمرير أجندة خاصة بهما على حساب عودتهم إلى الحكم مجدداً.
إهتزت الثقة في كرتي خاصة بعد مصادرة لجنة استرداد الأموال المنهوبة لأموال الفلول و(الكيزان) وتعريتهم وفضحهم أمام الرأي العام ، وبدأ الهمس يدور داخل السجن أن الخيانة الثانية وقعت ، وكتب الطيب (سيخة) قصيدة عصماء هجا فيها صلاح قوش مدير المخابرات السابق ووصفه بالخيانة وظل يتلوها بعد صلاة كل مغرب على البشير ، وفكرت مجموعة السجن في انقلاب خارج أسوار حديقة علي كرتي ولكن تم التصدي لها بشدة واعتقل عدد من كوادر الحزب وضباط المعاش فتراجع البشير عن الفكرة مؤقتاً.
احتدم الصراع بين مجموعة السجن وكرتي في الخفاء ونجح الأخير في تكسير مقاديف أعوانها تارة باعتقالهم عن طريق الأجهزة الأمنية وتارة أخرى عن طريق إضعاف حزب المؤتمر الوطني المحلول والتغول على عضويته من قبل الحركة الإسلامية التي تزعمها علي كرتي ، وقصقص كرتي أجنحة الحزب فغاب غندور عن الساحة السياسية وإبراهيم محمود غيب هو الآخر ، أما مجموعة تركيا حاولت مقاومة كرتي ولم تنجح ، وهكذا استطاع كرتي تنصيب نفسه رئيساً للحركة الإسلامية.
صفت الأجواء لكرتي بعد انقلاب 25 اكتوبر 2020 وأقنع البشير وقيادة الوطني أنه نجح في المهمة ولا طموح لديه وتظاهر برغبته بتوحيد المجموعات المتصارعة وبالفعل تواثق (الكيزان) في لقاء للحركة الاسلامية حضره رؤساء الولايات تواثقوا على الوحدة والعمل على وأد الخلافات ودفنها وبداية صفحة جديدة وطي صفحة الماضي.
عناد قائد قوات الدعم السريع الذي ظن كرتي أنه بمجرد لقاء عابر أقنعه بالعمل معهم كان كالسيف البتار الذي قطع الطريق على مشروع الجمهورية الثالثة للكيزان ، فبعدما كشف حميدتي أن الانقلاب ليس بغرض التصحيح ورفض تشكيل حكومة تعيد ذات الوجوه الكالحة جعله مستهدفاً من التيارات (الكيزانية) التي توحدت ضده وضد الاتفاق الاطاري ، فاتفقت على الانقلاب خاصة بعد استجابة بعض قادة الجيش على الاتفاق ، ولتهيئة الأجواء كان ميلاد التيار الاسلامي العريض لطرد رئيس البعثة السياسية للأمم المتحدة فولكر بيرتس وجولات كباشي في ولاية جنوب كردفان والهجوم الواسع على قوى الحرية والتغيير ، وعندما فشلت كل المحاولات في وأد الاتفاق الاطاري كان الخيار هو الانقلاب والاعتقاد بأن القضاء على الدعم السريع لايحتاج غير 4 ساعات وغيب البرهان عن ساعة الصفر وعلم بها الكباشي والعطا.
فشل الانقلاب وخطة الوصول الى السلطة.. و(كنيسة الرب الفي القلب في القلب) عادت الخلافات من جديد ، فهرون خطف الأضواء من كرتي بعد أن هرب من السجن بصحبة نافع والجاز وعلي عثمان ، ولما يتمتع به هرون من خبرات في الحشد والتعبئة وضع الحزب على المحك باعلانه مناصرته للجيش في معركة الكرامة ، وأوعز لقيادات خلف البرهان بأنها ستخلفه إذا تراجع عن المشروع ، وجدد ثقته في ابراهيم محمود وقيادات الحزب في الشرق التي نجحت في امتصاص الخلافات بين ترك ودقلل وجعل بذلك الشرق نقطة انطلاق وتحرك تحت بصر وحماية السلطات ولعلاقته القوية بعلي عثمان والجاز أصبح هو المنسق بين المجموعات المختلفة والجيش ، وبالرغم من فشله في تحقيق أي انتصارات إلا أنه يصر على الانتحار لأن هذه هي رغبة البشير وقادة النظام المورطون في جرائم حرب وفساد .
أقلقت هذه التحركات علي كرتي وبدا قلقاً فالحزب عاد أقوى والجيش ليس تحت سيطرته فبدأ الخلاف يعود من جديد ووصل الى درجة المواجهة ، وليقطع هرون الطريق أمام كرتي الذي يتهمه بعدم احترام البرهان واتخاذ القرارات من وراءه ، قال هرون في لقاء مع عضوية الحزب (نقف مع الجيش حتى ولوكانت قيادته برياله).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى