الخبير الإقتصادي عبد العظيم الأموي يكتب.. الحكومة الإنتقالية ومعالجة ملف الديون
2020-10-25آخر تحديث 2020-10-25
27 2 دقيقةقراءة
عبد العظيم الأموي
23 إكتوبر 2020 يوم تاريخي يوافق خروج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، و معلوم أن النظام البائد بمغامراته زج بالبلاد في هذه القائمة في العام 1993 وأعقب ذلك فرض الولايات المتحدة الأمريكية لعقوبات إقتصادية في العام 1997م.
إستخراج البترول في العام 2000 خفف من تأثير هذه العقوبات وبعد إنفصال الجنوب في 2011 بدأت تظهر آثار هذه العقوبات الاقتصادية وتأثير العزلة التي ضُربت على المصارف تحديداً بعد قام مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأمريكية OFAC بفرض غرامات على بنوك عالمية نتيجة للتعامل مع السودان في العام 2014م وبعدها تدهورت الأوضاع الإقتصادية بوتيرة سريعة بعد أن فقد النظام عائدات النفط و إنقطاع علاقات المراسلة المصرفية وإمتناع البنوك الأجنبية التعامل مع السودان.
مثلاً في يونيو 2014 أقر بنك BNP Paribas بصحة التهم الموجه إليه بإنتهاك العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على السودان وحُكم عليه بدفع 8.9 مليار دولار في شكل مصادرات وغرامات (المصدر تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في 2016) وزادت عزلة السودان وتفاقمت الأوضاع الإقتصادية حتى أطاح الشعب السوداني بنظام البشير عبر ثورة ديسمبر المجيدة 2019، وبعدها بدأت الحكومة الإنتقالية التي تشكلت في أغسطس 2019 بالتركيز على ملف إزالة إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ونجحت في ذلك عبر مسارات قضائية ودبلوماسية وسياسة.
-الإنتقالية في مواجهة جبل الديون
تبلغ إجمالي ديون السودان حوالي 60 مليار دولار اغلبها فوائد متراكمة ومركبة وغرامات، 11٪ من هذا الدين لمؤسسات التمويل الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي) ، و ٪36 منه مملوك لأعضاء نادي باريس و ٪14 لدائنين تجاريين وال ٪39 منه لدائنين خارج عضوية نادي باريس.
قبل أن تلتقط الحكومة الإنتقالية في السودان أنفاسها من مفاوضات شاقة بشأن ملف السلام داخلياً وملف رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب خارجياً سوف تبدأ في مواجهة تركة مثقلة من الديون تنوء عن حملها الدولة السودانية التي وصفها صندوق النقد الدولي ” بلد هش منخفض الدخل يواجه إختلالات إقتصادية كلية كبيرة ” .
الحكومة الإنتقالية طلبت من صندوق النقد الدولي أن يراقب برنامج للإصلاح الإقتصادي بدأ في 1 يوليو 2020 حتى يونيو 2021 تهدف الحكومة الإنتقالية من هذا البرنامج الوصول لنقطة إتخاذ القرار في إطار مبادرة الهيبك كأحد مكاسب الإصلاحات الإقتصادية ، في سبتمبر 2020 صادق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على برنامج Staff-Monitored Program الخاص بالسودان بعد أن وافق عليه المدير العام للصندوق في التاسع من سبتمبر 2020 م.
وتهدف الحكومة السودانية من تنفيذ هذه الإصلاحات بناء سجل من السياسات والإصلاحات لإستيفاء شروط الهيبك ” مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون” والشروط المطلوب إستيفائها هي : أن تواجه الدولة حالة من عدم القدرة على مواصلة تحمل أعباء الديون التي لا يمكن تسويتها بالطرق التقليدية (السودان ينطبق عليه هذا الشرط).
و للوصول لنقطة إتخاذ القرار بشأن مبادرة الهيبك يتعين على الدولة أن تحصل على تأكيدات من الدائنين بشأن دعم تخفيف أعباء الدين من أغلبية الدائنين بما لا يقل عن ٪70 (السودان يحتاج أن يعمل على ذلك) وأن تكون نتائج برنامج الإصلاح الإقتصادي مرضية لخبراء صندوق النقد الدولي بحد أدنى آخر ستة أشهر قبل نقطة إتخاذ القرار (على السودان أن يجتهد في تطبيق الإصلاحات الإقتصادية دون أن تنتكس) ، وأن تكون الدولة مؤهلة للإقتراض من وكالة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي والتي تقدم قروض بدون فوائد ومنح للدول الفقيرة.
قبل كل ذلك على السودان سداد المتأخرات المستحقة لكل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي ، متأخرات الديون المستحقة على السودان لصندوق النقد الدولي تبلغ 1.3 مليار دولار ، وبمجرد إستفياء السودان لشروط الوصول لنقطة إتخاذ القرار يجتمع مجلسي التنفيذ بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ويتخذان قرار أهلية السودان للإعفاء من الديون.
لذلك على حكومة الفترة الإنتقالية أن تتستمر بوتيرة أسرع بشأن معالجة ملف الديون وأن تستفيد من الظرف السياسي الذي سوف يصاحب عملية خروج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وحشد التأييد السياسي لعملية معالجة ملف الديون الذي يعد التحدي الإقتصادي والسياسي الأكبر خلال الستة أشهر القادمة، السودان أمام فرصة عظيمة لتحقيق مكاسب كبيرة بشأن إعفاء الديون.