ذات ملامح سمراء، كسمرة أرض النيل والحب والثورة، هادئة مثابرة ومجتهدة. أصدرت كتابها الأول عن ثورة ديسمبر المجيدة، أسمته (هدية السودان .. الحب والثورة)، لم تنسبه لنفسها، بل قالت إنَّ الثورة للجميع، وإنَّ الكل مشاركٌ في صنعها وفي صنع الكتاب، وحصرت دورها فيه بأنَّها ساعدت في أن يكون الكتاب موجوداً ويخرج للناس. أصدرت كتابها الثاني دونما ضجيج، وقالت إنَّه مساهمةٌ مجتمعيةٌ منها، علَّه يساعد في جعل الواقع أفضل. وأرسلت رسالةً للقائمين على أمر الثقافة بقليل من الاهتمام وكثير من العمل. الكاتبة والإعلامية سماح مبارك خاطر كشفت لـ (الجماهير) الكثير حول تجربتها، وشغفها، وحضورها الثقافي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حوار – رؤى الأنصاري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* في البدء، حدثينا عن كتابك الأول (هدية السودان .. الحب والثورة) الذي صدر عن الحراك الشعبي الذي أفضى إلى ثورة ديسمبر المجيدة؟
– الكتاب الأول (هدية السودان .. الحب والثورة)؛ يمكن أن أقول إنَّه كتابٌ كنت مساعدة فيه فقط ليصبح موجوداً ويخرج للناس في شكله الحالي، فقد كتب نفسه بنفسه. الثورة لكل الناس، وهي ملكٌ للجميع، ولا يمكن أن يتبنَّى شخصٌ ما الحديث عنها منفرداً دون أن يعبر عن الكل. حوى الكتاب مشاهد قبل وبعد اعتصام الثوار في القيادة العامة، مصحوبة بقصائد للكنداكة والشهداء والمفقودين والمصابين، وهو يصطحب القارئ في رحلة من 13/ديسمبر/2018 وحتى إعلان المدنية في أغسطس 2019. لا يمكن وصفه بأنَّه توثيقٌ سياسي، بل تناول إعلان الحرية والتغيير، وأول بيان تلاه الدكتور محمد ناجي الأصم في توقيع الوثيقة الدستورية. بأي حال من الأحوال، هو ليس توثيقاً للحراك السياسي بقدر ما هو توثيق للحراك الشعبي الذي أبهر العالم.
* الآن صدر كتابٌ جديدٌ لسماح خاطر، ماذا عنه؟!
– الكتاب الثاني (The Emoji .. Book Of Life) مختلفٌ تماماً عن الكتاب الأول من حيث الفكرة والمضمون، هو ثمرة إنتاجي الفكري، كتاب مساعدة ذاتيَّة مكتوبٌ باللغة الإنجليزيَّة كما الكتاب الأول (هدية السودان .. الحب والثورة). ليس الأول من نوعه كفكرة، تبنَّته دار نشر هي (دار بوكتينو للنشر والطباعة) وأنا شاكرة لهم جداً. الكتاب يحتوي على (30) درساً وليس قواعد حياة، ويحوي جزءاً عن الصحة العقليَّة والنفسيَّة، وعن تطوير الذات في الجانب المهني. ودون أن أخوض في تفاصيل الكتاب، هو لطيفٌ وأعتقد أنَّ المتلقي سيستمتع بقراءته.
* هل يمكن لحالة الحراك السياسي والمشهد الماثل الآن، مرحلة التحول الديموقراطي، بكل معوقاتها وعثراتها وتعقيداتها، الانتقال الصعب –إن صح الوصف- أن تستكتب سماح، في محاولة أخرى لعكس المشهد السياسي السوداني في هذه الفترة (كتابة توثيقية)؟
– مثلما ذكرت، مرحلة الانتقال بها عثرات ومعوقات وتعقيدات. نحن كشعب نعلم ما فعلناه لأجل الوصول إلى ما هو ماثل الآن، لكن يصعب تقييم التجربة تقييماً مكتملاً وموضوعياً. الوقائع لا تطرح بشكل واضح، ووصلنا مرحلة أنَّ الحقيقة موجودة أمامنا لكنَّها تحمل أكثر من جانب. الشخوص نفسهم يتلونون، بحيث لا يمكن الوثوق الكامل مع أي معطى.
– العمل الإعلامي في السودان متطورٌ ويخطو بثبات وثقة
نعيش فترةً صعبةً فيما يخص المكاشفة والمصارحة والتعامل والشفافيَّة، لذا من الصعب توثيق المرحلة الانتقاليَّة مع استصحاب وجهات نظر وقراءة موضوعية في الوقت الحالي، هو ليس الوقت المناسب للحكم على مرحلة الانتقال، خصوصاً -ومع كل السلبيات التي نشهدها- مازال البعض يعمل بصدق. كما توجد خفايا أمور لا نعلم عنها شيئاً، هو أمرٌ محزن، إذ كُنَّا نتوقع أن تسير الأمور بسلاسة وشفافيَّة.
* لماذا اخترت الكتابة باللغة الإنجليزيَّة، وهل هناك اتجاه لوجود ترجمات للكتابين، من ضمنها ترجمة إلى اللغة العربيَّة؟
– لم أختر الكتابة باللغة الإنجليزيَّة، بل هذا يدخل ضمن إطار الشغف والتخصصيَّة، أنا متخصصةٌ في اللغة الإنجليزيَّة. بدأت الكتابة بها في العام 2011 في صحيفة (ذا سيتيزن) التي تصدر باللغة الإنجليزيَّة. تتلمذت وتدرجت على يد أساتذة كبار، وقدمت إلى الصحيفة لأكتب مقالات باللغة الإنجليزيَّة، استمرت تلك المقالات لست سنوات. هو لا يعدو أن يكون شغفاً باللغة الإنجليزيَّة واللغات الأخرى مثل الفرنسية التي تعلمتها أيضاً. وهو اتجاهٌ شخصيٌّ وليس مهنياً من أجل التسويق أو الترويج، من قبل إصدار الكتابين. نعم هناك اتجاهٌ لوجود ترجمات، وإلى اللغة العربية، وكانت هناك مشكلة تمويل ورعاية، إلا أنَّ هناك بادرة الأمل بأنَّ هناك جهات تهتم وتتبنَّى عمل الشباب، وتقوم بكل ما يتطلبه الحراك الثقافي.
*الاتجاه للعمل التلفزيوني، هل هي جينات من الوالد وأستاذة تسابيح خاطر، المذيعة بقناتي العربية والحدث، أم هو شغفٌ شخصي؟
– هو سؤال تم توجيهه إلي في أكثر من مقابلة، لم أتحدث عن هذا الموضوع كثيراً، لأنَّه سؤال يجاوب نفسه حسب ما هو واضح. هو شغفٌ موجود في الأسرة، ليس من جانب الوالد فقط، وهو معروفٌ وله بصمةٌ وتاريخٌ في المجال منذ أمد بعيد، ولكنَّ ذلك يمتد للوالدة أيضاً، د. عرفة سر الختم، مدير مكتب الإعلام بوزارة التربية والتعليم، التقيا أصلاً في غرفة الأخبار بتلفزيون الجزيرة الولائي في حاضرتها ود مدني، ثم محمد خاطر، ثم تسابيح خاطر، وكان هناك احتمال لولوج أكثر من شخص من الأسرة المجال. نعم يمكن أن تكون المسألة مرتبطة بالجينات. شغفي الشخصي تطور بعد أن تقدمت في مجالي الصحفي والكتابي، أحسست بأنَّه الوقت المناسب، وعندما يجتمع الشغف مع الخبرات من حولك، وتتعلم من التجارب التي سبقتك بالمراقبة والملاصقة ومتابعة العمل الجاد، كل ذلك يقودك نحو اتجاهك الصحيح، ويقدم لك الدعم وامتلاك أدوات تكون قادراً على الاستفادة والتعلم منها، وإضافة بصمتك لخلق تجربتك الخاصة.
* تميزك في الإعلام، تقديم الأخبار والبرامج الحواريَّة، يجعلك تنظرين للواقع بنظرة مختلفة. ما هي ملاحظاتك العامَّة عن العمل الإعلامي في السودان، والتلفزيون القومي على وجه الخصوص، حتى نشهد إعلاماً يناسب المرحلة؟
– التلفزيون القومي حالياً يقوم بعمل كبير جداً وبجهد مقدر، إنتاجه الرمضاني لهذا الموسم مبهرٌ جداً، يكاد يفوق توقعات الجميع، وهو الآن ينافس بقوة بعد أن كان مهجوراً في المواسم التي تشهد سباقاً برامجياً مثل شهر رمضان. المجهود الذي يبذل فيه جبار جداً، في ظل خطوات ثابتة ومتأنية ورشيدة، رغم الصعوبات والتحديات والمشاكل التي تواجه العاملين جميعاً، التلفزيون القومي يسير على قدم وساق في الاتجاه الصحيح. العمل الإعلامي في السودان متطور جداً، الإعلاميون استطاعوا بسرعة -بعد انتشار الإعلام الرقمي والسوشال ميديا- أن يواكبوا ويطوروا من أنفسهم ويسيروا في اتجاه عكس واقع الناس. في العموم نحتاج عملاً أكبر في المجال الإخباري، ليس فقط من ناحية تلقي الخبر، ولكن من ناحية صناعته. في التلفزيون القومي يتصدى فريق عمل مميز لإنجاز تلك المهمة، يصنعون الخبر عن طريق العمل الميداني، منهم على سبيل المثال الأستاذة أماني عبد الرحمن السيد، والأستاذ عزمي الإمام. كل الإعلام في العالم موجه لخدمة المواطن، على عكس المفهوم المنتشر حالياً بأنَّه مسخرٌ لخدمة لنخبة معينة، هو للناس ومن أجل الناس.
* هل المستقبل لسماح الكاتبة أم لسماح الإعلاميَّة؟
– عالمياً، الشغف لا ينفصل عن المهنة، فهما يكملان بعضهما. كما نشهد، هناك أطباء أصبحوا إعلاميين، واختصاصيون نفسيون أصبحوا إعلاميين، منهم (دكتور فيل) و(دكتور أوز). الاهتمام الأول لا يعيق المسيرة الإعلاميَّة، بل بالعكس، يخدمها ويوصل الإنسان لما يريد، هما ليسا خطين متوازيين، وقد يطغى أحدهما على الآخر، لا أحد يعلم ما سيحدث.
*هل تودين إضافة شيء ما؟