بقلم:عبدالله رزق
abusimazeh@yahoo.com
بعد مضي أكثر من عامين، على تكوين وتأسيس السلطة الانتقالية، على قواعد الشراكة التي توسط في بنائها وهندستها الاتحاد الأفريقي إلى جانب إثيوبيا، من المقرر ان يصل البلاد، غدا (السبت) ١٢ يونيو ٢٠٢١، مفوض الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، بمعيته، د. محمد الحسن ولد لبات، وسيط مفاوضات الشراكة، بين المجلس العسكري الانتقالي، وقوى الحرية والتغيير، وآخرين، للوقوف على الوضع في البلاد، ميدانيا، في ظل الشراكة، وتقييم أدائها وفاعليتها في إنجاز مهام الفترة الانتقالية. وهي زيارة ربما تأخرت كثيرا، اذ أصبحت صيغة الشراكة مهددة بالانهيار، فيما تكاد الشراكة، نفسها، أن تتحول إلى مهدد لاستقرار البلاد وأمنها، في وقت يتسم فيه الوضع برمته بالجمود.
فقد عصفت الخلافات بأطراف الشراكة، آخرها ماتردد في الأيام القليلة الماضية، عن خلاف بين رئيس مجلس السيادة، ونائبه، وبين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، وهو أمر سارع الطرفان إلى نفيه. بينما كان الخلاف بين المكون العسكري، بقيادة رئيس المجلس السيادي، ونائبه، قد قطع شوطا بعيدا، نتيجة الانتهاك المتواصل من قبل المكون العسكري، لقواعد واعراف الشراكة، وللوثيقة الدستورية المؤسسة لها. وتغول المكون العسكري، على سلطات وصلاحيات السلطة التنفيذية، بحيث ان مجمل الواقع الذي ظل يتشكل منذ سنتين، بكل إخفاقاته، يعود لحد بعيد، للممارسة التنفيذية للمكون العسكري، في مجالات السلام والأمن والاقتصاد والعلاقات الخارجية، والتي تشهد أزمات متلاحقة. وكانت استقالة الأستاذة عائشة موسى، من مجلس السيادة، آحدث الاحتجاجات على هذا الواقع المعتل للشراكة الثنائية، التي نسج خيوطها الاتحاد الأفريقي، وكذروة للاحتجاجات ظلت تسم الشارع السوداني، منذ أكثر من عام.
وتتزامن زيارة وفد الاتحاد الافريقي، مع نهاية فترة قيادة المكون العسكري، في ١٧ مايو، الماضي،وايلولة القيادة في المجلس السيادي، للمكون المدني. ويمثل استمرار المكون العسكري، في القيادة، حتى الآن، أحدث انتهاك للشراكة وللوثيقة الدستورية.
لقد ساهمت هذه الأوضاع المعوجة، في عرقلة تنفيذ برنامج ومهام الفترة الانتقالية، مما ادخل البلاد في أزمة جديدة، عنوانها السلطة الانتقالية، أداؤها وخياراتها، السياسية والاقتصادية..وافسح فشل الحكم الانتقالي، المجال أمام العديد من الاحتمالات غير المواتية، بما فيها الردة على الثورة، والانقلاب على السلطة الانتقالية، والتي تسعى للاستثمار في حالة النقمة الشعبية المتزايدة على الأوضاع المتردية. وهي أوضاع كانت تتطلب من الاتحاد الأفريقي تدخلا استباقيا، بالتوسط لدى الأطراف المعنية، كافة، من أجل إعادة وضع الشراكة على الصراط المستقيم الذي حددته وثائقها، السياسية والدستورية، المتفق عليها. لعله من باب السخرية، أن يجد بعض المسؤولين الفرنسيين، في مثال الشراكة المأزومة، نموذجا يصلح للاتباع في تشاد، بعد مقتل الرئيس إدريس ديبي، وانتزاع مجلس عسكري انتقالي، بقيادة نجله، الجنرال محمد إدريس ديبي، للسلطة.
يتحمل الاتحاد الأفريقي، بالتضامن مع الشركاء المحليين، كامل المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في البلاد، في ظل الشراكة، التي تجسدها السلطة الانتقالية. غير أن الاتحاد الأفريقي، يتحمل منفردا، مسؤولية، قطع الطريق أمام الحكم المدني، بتحيزه للمكون العسكري، وإصراره على أن يكون جزء من سلطات الانتقال، وهو موقف سياسي وأخلاقي، يختلف جذريا، عن الموقف الذي تبنته المجموعة الاقتصادية لبلدان غربي أفريقيا، ايكواس، التي تمسكت بالمدنية، ابتداء، ورفضت بحزم اي مشاركة للعسكريين، في السلطة الانتقالية، خلال توسطها في الأزمة التي شهدتها مالي عقب انقلابي، العقيد اسيمي غويتا.
أمام الاتحاد الأفريقي، في وقت تتأكل فيه الشراكة، وتتحول أزمة السلطة الانتقالية إلى مهدد لاستقرار البلاد وأمنها، مع اتساع دائرة الرفض الشعبي لسياساتها، وأدائها، بشكل عام، مهمة تاريخية، تتمثل في إصلاح أوضاع الشراكة، بعد مراجعتها، وفي تصحيح وتنقيح وثائقها، التي يصفها البعض بالمعطوبة، بمشاركة جميع الأطراف، والمساهمة، بالتالي، في إعادة اعمار وتعزيز وحدة قوى الثورة، الشرط الذي لاغني عنه، لإكمال انجاز مهام الفترة الانتقالية، وتهيئة البلاد للانتخابات، في نهايتها.
#مصحح
9 2 دقيقةقراءة